وأما أثر أنس فيحمل على ما إذا كان شعاراً لهم، لحديث ابن عمر المتقدم، قال الحافظ فب "الفتح"(١٠/٢٧٥) :
"وإنما يصلح الاستشهاد بقصة اليهود في الوقت الذي تكون الطيالسة من شعائرهم، وقد ارتفع ذلك في هذه الأزمنة، فصار داخلاً في عموم المباح، وقد ذكره ابن عبد السلام في أمثلة البدعة المباحة".
قلت: وقوله: "البدعة المباحة" لعله يعني البدعة اللُغوية، لأن البدعة الشرعية لا توصف بمباحة أو حسنة، بل كلها ضلالة بنص رسول الله صلى الله عليه وسلم كما مبين في محله. على أن وصفها بالبدعة اللغوية فيه نظر أيضاً - لما سبق من الآثار السلفية -، فالظاهر أن ابن عبد السلام لم يقف عليها، كما أن الحافظ لم يذكر شيئاً منها، وهذا من غرائبه!
(تنبيه) : تقدم في كلام ابن القيم عزو حديث (يهود أصبهان) لـ "صحيح مسلم" من حديث النواس بن سمعان، وهذا سبق قلم منه أو ذهن، فإنه عنده (٨/٢٠٧) من حديث أنس بن مالك، وكذلك رواه ابن حبان وغيره، وهو
مخرج في "الصحيحة"(٣٠٨٠) ، وخرجت له فيه بعده شاهداً من حديث جابر ابن عبد الله، وأما حديث النواس بن سمعان فهو حديث طويل عند مسلم (٨/١٩٧ -١٩٨) ، ولكن ليس فيه ماذكره ابن القيم، ومن العحيب أن الحافظ تبعه على ذلك في "الفتح"(١٠/٢٧٤) ! ثم القسطلاني في "المواهب" وشارحه الزرقاني (٥/٢٧) !! وحديث النواس رواه أحمد وغيره، كما في "مسلم"، وهو مخرج في "الصحيحة" أيضاً برقم (٤٨١) .