لي تخالف أول الحديث وآخره الناهي عن السير بعد المغرب؛ فإن (الدلجة) هو:
سير الليل؛ كما في " النهاية " لابن الأثير، وقال:
" يقال: (أدلج) بالتخفيف؛ إذا سار من أول الليل، و (أدّلج) - بالتشديد -:
إذا سار من آخره، والاسم منهما:(الدُّلجة) و: (الدَّلجة) - بالضم والفتح -، ومنهم من يجعل (الإدلاج) لليل كله، وكأنه المراد في هذا الحديث؛ لأنه عقبه بقوله: " فإن الأرض تطوى بالليل ". ولم يفرق بين أوله وآخره ".
قلت: ويؤيد ذلك الأحاديث الكثيرة، والآثار المتتابعة في الجمع بين المغرب والعشاء جمع تقديم أو تأخير؛ كما في حديث ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا جد به السيرجمع بين المغرب والعشاء. متفق عليه.
وروى البيهقي في " سننه "(٢/ ١٦٠) عن جمع من التابعين قالوا:
غابت الشمس ونحن مع عبد الله بن عمر، فسرنا، فلما رأيناه قد أمسى؛ قلنا له: الصلاة. فسكت، فسار حتى غاب الشفق، فنزل فصلى الصلاتين جميعاً، ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جد به السير؛ صلى صلاتي هذه. يقول: جمع بينهما بعد ليل.
ورواه عبد الرزاق في " المصنف "(٢/ ٥٤٧) ، وعنه أحمد (٢/ ١٥٠) عن نافع عنه. وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
ونحوه أحاديث الإفاضة من عرفات بعد غروب الشمس.. أشهر من أن تذكر. فالعجب بعد هذا من البيهقي الذي عقد في آخر " الحج " من " سننه "(٥/٢٥٦) - مخالفاً لما ذكرنا من السنة الصحيحة؛ فقال -: