دخل فيها ما ليس منها من الأحاديث المنكرة والواهية، مما هو معلوم أيضاً عند العلماء كافة! وقد نقل الدكتور نفسه - تحت الشرط الثالث من شروط صحة الاجتهاد:(معرفة السنة)(ص ٦٥) - عن الشوكاني أنه قال:
"والحق الذي لا شك فيه ولا شبهة أن المجتهد لا بد أن يكون عالماً بما اشتملت عليه المسانيد والمستخرجات، والكتب التي التزم مصنفوها الصحة ... وأن يكون له تمييز بين الصحيح منها والحسن والضعيف، ولو بالبحث في كتب الجرح والتعديل وكتب العلل؛ ومجاميع السنة التي صنفها أهل الفن؛ كالأمهات الستة، وما يلحق بها".
قلت: فلماذا لا يهتم هؤلاء العلماء والكتاب بالدعوة إلى إقامة مؤتمر يجتمع فيه ما أمكن من المحدثين المعروفين بتخصصهم في علم الحديث الشريف، وقدرتهم على تمييز صحيحه من ضعيفه؛ لأن هؤلاء - وإن اختلفوا في بعض الأحاديث، كما هو الشأن في (الاجتهاد الجماعي) -؛ فلا شك أنهم سيتفقون على أكثر الأحاديث تصحيحاً أو تضعيفاً؟! وهذا شرط أساسي للاجتهاد، فيمكن - والحالة هذه - أن يؤخذ برأي الأكثر؛ لأنه - بلا شك، كما قال الدكتور نفسه في غير ما موضع من بحثه - أن رأي الاثنين خير من رأي الواحد أو أقوى منه.
وأنا أستغرب جداً ألا أرى أحداً من هؤلاء الباحثين والكاتبين يشير - أدنى إشارة على الأقل - إلى هذا الأصل المجمع عليه بين المسلمين، وانشغالهم بالفرع عن الأصل! وهذا إن دل على شيء - كما يقولون اليوم -؛ فإنما يدل على إهمال جماهير الكتاب في العصر الحاضر - حول المسائل الشرعية قديمها وحديثها - الاهتمام في استدلالهم بالسنة بما صح منها دون ما ضعف، فأحسنهم حالاً هو الذي يذكر الحديث ويخرجه بأن يقول: رواه فلان وفلان، دون أن يبين مرتبته من