ثم اتفقا على تقليد ابن كثير - كما هي عادتهما - في تصحيحه لإسناد
الحديث، إلا أن الصابوني جعل التصحيح في التعليق قائلاً:
"أخرجه الحافظ أبو يعلى وإسناده صحيح"! موهماً أن التخريج والتصحيح
من علمه! شِنْشِنَةٌ نعرفها من أخزم!
وكذلك أخطأ المعلق على "مسند أبي يعلى"، فقال - بعد أن عزاه لعبد الرزاق -:
"وهذا إسناد جيد، ترجمه البخاري في "التاريخ"، وابن أبي حاتم في "الجرح"،
ولم يوردا فيه جرحاً ولا تعديلاً، وما رأيت فيه جرحاً. ووثقه ابن حبان. وانظر
تعليقنا على الحديث (٦٢٩٧) ".
قلت ما ذكره هنا لا يستلزم جودة السند، لأن كون الراوي لا يعلم فيه جرح
لا يعني أنه ثقة - كما يعلم من علم المصطلح - فإنه لا بد أن يكون مشهوراً بالرواية،
ولو لم يرو عنه إلا واحد كبعض رواة "الصحيحين"، وقد أشار إلى هذا الحافظ النباتي
المذكور آنفاً.
ومذهب ابن حبان وتساهله في توثيق المجهولين أشهر من أن يناقش، وقد
تعرضت لبيان خطئه أكثر من مرة، وحسب المنصف تصريحه هو في عشرات
المذكورين في "ثقاته" بأنه لا يعرفه! وتارة يقول: "لا أعرفه ولا أعرف أباه"!! أو:
"لا أدري من هو ولا ابن من هو، وهؤلاء عنده بالعشرات!
ورأيته أحياناً يقول في بعضهم: " ما له حديث يرجع إليه"! وتارة: "لست أعرفه
بعدالة ولا جرح"، وتارة أخرى:" ما له حديث مستقيم "! ومرة قال: "في حديثه
مناكير كثيرة"، وأغرب من ذلك كله أنه صرح في بعضهم فقال فيه: "ضعيف"!!
وسوف أفصل القول في تساهله بعد أن نفرغ إن شاء الله من كتابي "ترتيب الثقات"،