ينكشف له أن فيه علة تقدح في قوته، ولا سيما إذا كان الحكم عليه مقتصراً على
الحسن - كهذا الحديث مثلاً -؛ لأن ذلك يعني أن في راويه شيئاً من الضعف،
ولذلك لم يصحح.
وبهذه المناسبة أقول: إن من طبيعة الحديث الحسن - في الغالب - أن يختلف
الحفاظ فيه،وسبب ذلك اختلافهم في تقدير الضعف الذي فيه؛ بل إنه قد
يختلف فيه رأي الشخص الواحد؛ فمرة يحسنه، ومرة يضعفه، حسبما يترجح
عنده من قوة الضعف الذي فيه أو ضعفه، وهذه حقيقة يعرفها ويشعر بها كل من
مارس هذا العلم الشريف دهراً طويلاً.
وإن من علم الحافظ الذهبي وفضله، أنه تفرد بالتنبيه عليها - فيما علمت -؛
فقال في سالته "الموقظة" (ص ٢٨ ٢٩) - بعد أن حكى بعض الأقوال في تعريف
الحديث الحسن -:
"ثم لا تَطمَعْ بأنَّ للحسَنَ قاعدةً تندرجُ كلُ الأحاديثِ الحِسانِ فيها، فإنَا على
إِياسٍ من ذلك، فكم من حديث تردَّدَ فيه الحُفَّاظُ، هل هو حسَنٌ أو ضعيفٌ أو
صحيح؟ بل الحافظُ الواحدُ يتغيَّرُ اجتهادُه في الحديث الواحد، فيوماً يَصِفُه
بالصحة، ويوماً يَصِفُه بالحُسْن، ولربما استَضعَفَه - وهذا حقٌّ -، فإنَّ الحديثَ الحَسَنَ
يَستضعفه الحافظُ عن أن يُرَقِّيَه إلى رتبة الصحيح، فبهذا الاعتبارِ فيه ضَعْفٌ ما،
إذْ الحَسَنُ لا ينفك عن ضَعْفٍ ما، ولو انفَكَّ عن ذلك؛ لصَحَّ باتفاق ".
إذا عُرفت هذه الحقيقة؛ سهل على القارئ اللبيب أن يعلم أنه ليس سبب
إيراداي للحديث أخيراً هنا هو اختلاف رأيي في حسان بن إبراهيم عن رأيي فيه
هناك؛ فإنهما متقاربان جداً؛ كما يبدو جلياً بالمقابلة بينهما، وإنما هو أنني وقفت
على ما رجح خطأ حسان في إسناده الحديث عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وعلى استنكار ابن