للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البيان الأدبي

خلا لك الجوُّ

شعر د. عبد الرحمن العشماوي

وسوف تُرفع القبابُ

وتهجر البلابلُ الغناءْ

ويُنشد الغرابْ

وسوف يعقد الذبابُ جلسة انتخابْ

وسوف يحدث انقلابْ

وعندها سيكثُرُ الضَّباب

ويدفن المزاهرَ الترابْ

ويبخل السحابْ

وتنتهي صَلابةُ الهضابْ

سمعتُ قائلاً يقول:

يا أيها النيامْ

عليكم السلامْ

فليلكم ما زال ينصب الخيامْ

ولم يزلْ يخيط جبَّةَ الظلامْ

يا أيها النيامْ

عليكم السلامْ

فليلكم ينظِّم المسيرة

ويخلط العجين بالخميرةْ

ويكتب الحكاية المثيرةْ

الرِّيح - وقت القيظِ - يا أحبتي سمومْ

وفي الشتاء زمهريرْ

والناس بين قاعد يريد أن يقومْ

وواقفٍ يريد أنْ يسيرْ

فهل رأيتم بلبلاً في لجةٍ يعومْ

وهل رأيتم سمكاً يطير؟ ؟ ؟

وهل رأيتم عاقلاً تُطربه الهمومْ

وهل رأيتم عاجزاً يُغير؟ !

سمعت قائلاً يقول:

القدسُ - عفوا يا أحبتي -

أقصد " أورشليم "

تشاهد القتيل والجريح واليتيمْ

تعيش تحت وطأة اللئيمْ

وتشتكي من جرحها القديمْ

يا ويلكم.. ما عاد يستثيركم صراخُها الأليم

القدسُ - يا أحبتي - حزينةٌ عليلَهْ

تَبيتُ تحت وطأةِ القنابل المُسيلةْ

واعجباً من حجرٍ يغار حينما يرى نظرتها الكليلَهْ

وأمتي غارقةٌ في لهوها ذليلَهْ! !

سمعت قائلاً يقول:

يا شفةٌ البركان لا تتمتمي

لا تنطقي بلهجة الدُّخَان والحممْ

فأمتي تُدير قهوة الولاءِ للأممْ

وتشرب الحُثالهْ

توزِّع الطحين للأممْ

وتأكل النخالهْ

وأمتي تعلن في وسائل الإعلامْ

رسالة يسمعها الأنامْ

تعلن أنّها تقوم بالرسالهْ

وأنها نموذج البَسالهْ

وأنها لا تقبل العمالهْ

سمعت قائلاً يقول:

يا شفة البركان لا تعبِّري

سيان عندي أن تكوني لوحةً للصمتِ

أن تزمجري

فإنني عرفت موردي ومصدري

وإنني..

تئنُّ تحت وطأة الجراح أسطري

وإنني..

سمعت أن تاجراً معلَّقاً بثوبه المعصفَرِ

يبيع تحت جُنح ليله..

وجه صباحٍ مُسفرِ

يبيع دون رهبةٍ ويشتري

سمعت قائلاً يقول:

يا قلمَ الحقيقةِ احذرِ

قُلْ ما يشاء القومُ أو فقفْ

أما سمعتَ أحرفي تصيح في دفاتري:

يا دولةَ اليهود زمجري

وز مجري

وقدمي وأخِّرِي

" يا لك من قُبَّرةٍ بمعمرِ

خلا لكِ الجوُّ فبيضي واصفُري

ونقّري ما شئتِ أن تنقرِّي "

يا قائلَ المقالةِ الجبانْ

نسيتا أن أمتي عظيمة الكيان

وأنها تلوذ بالرحمانْ

وعندها من دينها الأمانْ

يا قائل المقالةِ الجبانْ

مَنْ قال: إن نجمةً تطاول القمر؟ !

وإنَّ نملةً ستكسر الحجرْ؟ !

وإنَّ أجذمَ اليدين يعزف الوترَ؟ !

مَن قال أيها المكابر العنيدْ

إن غباراً يُنزل المطرْ

وإن ريحَ قيظٍ تنعش الشجَرْ

وإنَّ شِدّّةَ الحَذَرْ

تنجي من القدرْ

يا قائلَ المقالةِ الغريبْ

رجاؤنا في الله لن يخيبْ

رجاؤنا في الله لن يخيبْ