منبر الشباب
[الرجولة]
محمد فرحان محمد
أعتقد أن لفظ (رجل) في القرآن لم يأتِ هكذا، ولكنه أتى وصحبه موقف.
والرجل - كل الرجل - لابد أن يكون صاحب موقف.. ويأتي على رأس الرجال
أصحاب المواقف.. الأنبياء والمرسلون والأمثلون من الصالحين والمصلحين..
وإليكم بعض الأمثلة:
١ - مؤمن آل فرعون:
[وقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّيَ
اللَّهُ وقَدْ جَاءَكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ وإن يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وإن يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُم
بَعْضُ الَذِي يَعِدُكُمْ إنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ] [غافر: ٢٨] .
انظر إلى هذا الرجل.. الذي وقف كالجبل وأظهر إيمانه في وقت كان لابد
وأن يظهر ويقف أمام طاغية ومدّعٍ للربوبية وتسانده حاشية سوء، ثم يقوم الرجل
بتذكير قومه ويخوفهم من بأس الله ويدعوهم إلى الله وإلى الإيمان به - سبحانه
وتعالى - ولكنهم يدعونه إلى الكفر والإشراك بالله.. ويدعوهم إلى الجنة والمغفرة
ويدعونه إلى النار وبئس المصير.. ويتكرر هذا الموقف في كل عصر وأمام كل
طاغية.
٢ - قال -صلى الله عليه وسلم-:
«لتفتحن القسطنطينية، فلنِعْم الأمير ذلك الأمير ونعم الجيش ذلك الجيش» .
سمع الطفل محمد الفاتح هذا الحديث وكبر في ذهنه حتى إذا بلغ السبعة عشر
ربيعاً حان الوقت الذي يحقق فيه حلم المسلمين وتحقيق حديث رسول الله، وكان..
لقد حاول المسلمون - منذ القرن الأول- فتح القسطنطينية مرات عديدة، وقد قتل
الصحابي أبو أيوب الأنصاري تحت أسوارها.
وادُّخِر فتحها لهذا السلطان العثماني الذي كان نعم الأمير وجيشه نعم الجيش.
٣- طفل الحجارة في فِلَسطين المحتلة:
ذلك العملاق هو رجل بحق؛ لأنه الوحيد الذي عرف الطريق لتحرير
المسرى والأرض من النهر إلى البحر، ذلك الطفل الذي تربى على مائدة القرآن
الكريم داخل المساجد الذي يريد أن يحقق ما جاء في سورة الإسراء من وعد بالنصر
.. «حتى يقول الحجر والشجر: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي فتعال
فاقتله» .
ذلكم الطفل هو أفضل من الذين يجاهدون بالخطب في هيئة الأمم والمحافل
التي تضيع الوقت وتدعي أنها سوف تقاتل (إسرائيل) بالسلام! ! ويجاهدون من
خلف المكاتب المكيفة، إن جميع المنظمات لم تصل إلى مرتبة ذلكم العملاق الرجل
الطفل طفل الحجارة.
٤ -[مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ
ومِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ومَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً] [الأحزاب: ٢٣] .
الشهيد سيد قطب (رحمه الله) :
عندما طلب من الشهيد سيد قطب أن يؤيد الطاغية العبد الخاسر قال: (إن
السبابة التي أشهد بها في كل صلاة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله لا يمكن
أن تكتب سطراً فيه ذل أو عبارة فيها استجداء) ، وعندما سِيق - رحمه الله - إلى
حبل المشنقة يوم ٢٩ من أغسطس عام ١٩٦٦م كان من المعتاد أن يحضر شيخ
ليلقّن الذي ينفَّذ فيه حكم الإعدام الشهادتين، فقال له سيد قطب - رحمه الله -: (إنني لم أقف هذا الموقف إلا من أجل لا إله إلا الله محمد رسول الله) ! .. فهناك
أناس يأكلون الخبز بلا إله إلا الله وآخرون يقدمون رؤوسهم إلى المشانق من أجل لا
إله إلا الله! !
٥ - الشعب الأفغاني:
هذا الشعب البطل الذي لم يرضَ بالاحتلال الروسي لأرضه، ووقف وحيداً
في حلْبة الصراع مع أول أو ثاني دولة على مستوى العالم! ! وكان له يد طولى في
إذلال الشيوعية وإرغامها، بينما نجد أن بعض المشايخ الرسميين المعممين يذهب
إلى كابل ويصافح وزيرة الشباب ويهديها مصحفاً، ولا يستحيي وهو (شيخ معمم)
من هذا الموقف المتخاذل، بينما الأمر الطبيعى أن يذهب إلى الخنادق ليشد من أزر
الرجال المقاتلين.