[جديد ... قبل نصف قرن]
لندن في ١٩٣٧م
دولتان جديدتان ستظهران على خارطة العالم في غضون سنتين، وذلك فيما
إذا تم تبنّي الاقتراحات المقدمة في الهيئة الملكية التي تعني بشؤون فلسطين، والتي
كانت قد نشرت تقريرها هنا (في لندن) في ٧/٧/١٩٣٧، وبموجب الخطة التي
أعدتها الهيئة فإن الانتداب البريطاني سينقسم إلى دولتين مستقلتين: إحداها يهودية
ممتدة على طول الساحل الفلسطيني، وأخرى عربية في المناطق الداخلية. وستتم
إقامة مثلث بين الدولتين يتخذ شكل استمرار الانتداب البريطاني للمدن الفلسطينية
(القدس، الناصرة، بيت لحم) ، وكذلك الشريط الضيق الذي تمتد عليه هذه المدن
والذي يمتد من القدس وحتى يافا.
وقد أخرت الحكومة البريطانية الخطة وأوعزت إلى بعض سفنها الحربية [هود وريبلسي] إلى التوجه من مالطة إلى حيفا تحسباً لأي قلاقل.
هيرالدتربيون ٨ / ٧ /١٩٨٧ م
قبل نصف قرن من الآن، وبالتحديد في ٧/٧/١٩٣٧ م انتهت الهيئة الملكية
البريطانية من مسودة خطة لتقسيم فلسطين إلى دولتين: إحداها عربية والأخرى
يهودية، على أن تظهر هاتان الدولتان إلى حيز الوجود في غضون سنتين من
التاريخ المبين، وذلك في حالة تبني الخطة. وقد وافقت الحكومة البريطانية حينئذ
على تبني خطة التقسيم (وكانت قد تعهدت من قبل في ١٩١٧م على لسان وزير
خارجيتها بلفور على إنشاء وطن قومي لليهود) وأوعزت إلى بعض سفنها الحربية
للإبحار من مالطة إلى حيفا تحسباً لوقوع بعض القلاقل والاضطرابات من جانب
العرب احتجاجاً على هذا القرار.
هذه مجرد إشارة عابرة إلى واقعة من وقائع تاريخ العلاقات البريطانية العربية
الحالك السواد، والتي كانت محكومة بتجاهل العرب وحقوقهم من قبل الإنكليز،
وبالنظرة الاستعمارية المتغطرسة ذات الوجهين: وجه التملق والمخادعة الذي
تتعامل به مع المسؤولين، ووجه البطش والإرهاب الذي تكبت به صوت الشعوب
التي تود التعبير عن حقوقها.
ولكن كل ذلك معروف ومفهوم، فليس لنا أن نلوم العدو أن يكون عدواً، ولا
صاحب المصلحة أن يحتال لتحقيق مصالحه الخاصة؛ ولكن غير المفهوم هو
تسابقنا نحن العرب إلى خطب مودة هذه الدولة العريقة في صناعة المشاكل وإنتاج
الآلام لأغلب شعوب الأرض، ورجاؤنا لها كي تساعدنا وتقف إلى جانبنا لتحصيل
حقوقنا الضائعة، مع أن كل حيثيات الماضي والحاضر تدلنا على أننا نعتمد على
أوهام، ونركن في إرواء عطشنا إلى سراب.
وشتان بين موقفنا الدائم من بريطانيا وبين موقف اليهود من ألمانيا التي
أرغموها على أن تظل رهينة دعايتهم وابتزازهم، وعلى الرغم من تعويضها لهم
بالأسلحة والأموال إلا أنه يبدو أنه لا ألمانيا ستقف عن دعم اليهود، ولا هؤلاء
يشعرون أن ما قدمته وتقدمه لهم ألمانيا كافٍ للتكفير عن جرائمها المزعومة! .
فأين قادة من قادة؟ ! وأين مواقف من مواقف؟ ! .