[كلمة حول أحداث الحرم]
وقعت أحداث الحرم بينما كان العدد الثامن تحت الطباعة.. وهذا أول عدد
يصدر بعد هذه الأحداث، ولأننا نعتقد بأن الفتنة التي افتعلت في بيت الله الحرام
ليست حدثاً طارئاً تزول آثاره بعد بضعة شهور؛ لذا وجدنا بأنه من الواجب علينا
تنبيه القارئ إلى حقيقة ما يدبره هؤلاء ضد أمتنا الإسلامية، ونوجز كلامنا في
النقاط التالية:
من يتتبع مسيرة بعثات الحج الإيرانية منذ قيام ثورتهم وحتى وقوع فتنتهم
الأخيرة يعلم أنهم يخططون لما هو أبعد مما يسمونه مظاهرة سلمية. وأنهم ليس في
سجلهم البعيد والقريب أي نقطة إيجابية لصالح المسلمين، بل هو مملوء بالكيد
والتنسيق مع أعداء الإسلام في الداخل والخارج.
والتاريخ الإسلامي زاخر بالشواهد على أن هؤلاء الباطنيين يتطلعون دائماً
للسيطرة على مكة المكرمة، ومَنْ من المسلمين لا يذكر صفات الذين سرقوا الحجر
الأسود، وروعوا حجاج بيت الله الحرام، وذبّحوا آلاف الحجاج الأبرياء الآمنين.
والتاريخ يعيد نفسه، وهؤلاء يسيرون على خطا أولئك والأسباب التي يتذرع
بها هؤلاء تدعو للضحك والسخرية.. فقد قالوا: إنهم يقومون بمظاهرات سلمية
للتنديد بإسرائيل وأمريكا.. فهل إسرائيل وأمريكا موجودتان في الحرم؟ !
وهل هؤلاء الذين يتخذون من سب إسرائيل وأمريكا في العلن غطاء لأحقادهم
المدفونة بعيدون عن إسرائيل وأمريكا كما يدعون؟ ! .
إن أقل الناس معرفة -حتى الذين انخدعوا بالشعارات التي رفعها هؤلاء-
صار يعرف ما وراء الكذب والبهتان الذي يسترون به مؤامراتهم وأراجيفهم. وإن
المسلمين الذين لم يحجب الله بصائرهم وأبصارهم كلهم مجمعون على كره أمريكا،
ويعرفون أنها هي السند الرئيسي لإسرائيل، والتي تعمل دائبة وبلا كلل على
إجهاض أي توجه إسلامي صحيح، والأخذ بيد كل عدو للإسلام، وليسوا بحاجة
إلى هؤلاء الأدعياء كي يبصرونهم بحقيقة أمريكا وإسرائيل.
إن هدف هؤلاء الذي أكدته الوثائق لا يقف عند حدود هذه المظاهرات
الغوغائية فقط، بل يتعداه إلى ما وراء ذلك، من نشر للفوضى في صفوف
المسلمين، وتدمير لبنية مجتمعاتهم، ولئن لم يستطيعوا أن يحولوا هذه البلاد تحت
هيمنتهم فهم لم يخسروا شيئاً، فالتنكيل لن يلاحقهم، والتخريب والتدمير لن يمس
ما يملكون، وإنما سيقع على من ينخدعون بدعاواهم من الحمقى والمغفلين.
وخلاصة القول: أن هذه الفتنة ستستمر باستمرار هؤلاء الذين لا يجيدون إلا
فن الشغب وبث الفوضى، والذين جعلتهم أحوال المسلمين المتردية يؤدون دورا
هداماً في العالم الإسلامي -ونقول (الإسلامي) وليس العالم الغربي أو الشرقي-
عجزت أمريكا وروسيا عن تأديته، والحذر وعدم الاغترار بدعاوى هؤلاء هو
الأصل.