للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ماذا يدبَّر للمسلمين في إرتيريا؟

الأحداث الأخيرة التي وقعت في الحبشة والموقف في إرتيريا، وما الذي

سيكون بين النظام الجديد والجبهة الشعبية التي تحاول فرض نفسها كممثل وحيد

للشعب الارتيرى، هذه الأحداث بحاجة إلى وقفة طويلة، فهذا الشرق الإفريقي ليس

بعيداً عن الأحداث الساخنة في المنطقة العربية الإسلامية، وليس بعيداً عن البحر

الأحمر والدول المحيطة به، وهذا من أسباب اهتمام الغرب ومجلس الكنائس

العالمي بهذه المنطقة، حتى أنهم كلفوا الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر بمهمة

الاتصال والإشراف على المباحثات بين الجبهة الشعبية والحكم في الحبشة، ومن

خلال هذا الاهتمام الغربي برزت هذه الجبهة التي يقودها نصراني (أسياسي

أفورقي) ، رغم أن المسلمين هم الذين بدأوا القتال للاستقلال عن الحبشة منذ ثلاثين

سنة.

لماذا الاهتمام بالحبشة؟

الحبشة من الدول النصرانية العريقة في إفريقيا، رغم أن نسبة المسلمين فيها

أكثر من ٥٠%، وأصبحت أخيراُ مصدراً بشرياً لإسرائيل، فعملية نقل الفلاشا

مستمرة، وكان آخرها عملية (سليمان) التي كلفت أمريكا ٥٠مليون دولار، وهناك

دول غربية أخرى تساعد على نقل اليهود، منها فرنسا، وهكذا ترضي أمريكا

اليهود، وتظهر هي والغرب أمام العالم أنهم دائماً مع الأقليات التي يريد أن يبتلعها

المحيط العربي الإسلامي.

إن رحيل الطاغية (منغستو) أمر لا يؤسف له، ولكن الغرب يأخذ

الاحتياطات مسبقاً، حتى لا يفاجأ بشيء لم يعدّ له، فهو يساعد حركات جديدة حين

يرى النظام السابق أخذ في الضعف، وهكذا دب النشاط في جبهة القوى الثورية

الديمقراطية، وساهم ضباط إسرائيليون في تدريب جماعة (التيغراي) ، كما كانت

صلة السفير الإسرائيلى قوية بكبار المسؤولين المحيطين بمنغستو، كل هذا يدل

على الخطة الموضوعة، وهي: أن لا تنفرد دول عربية بالبحر الأحمر، فإرتيريا

إذا استقلت وكان توجهها عربياً إسلامياً فإنها تطل على البحر الأحمر لمسافة

(١٠٠٠) كم، وإسرائيل ويساعدها الغرب تريد منفذاً إلى إفريقيا عن طريق البحر

الأحمر، وإحاطة العرب بدول عميلة، وهي الآن موجودة في جزيرة (دهلك)

المقابلة لساحل ارتيريا واليمن. (مجلة الأسبوع العربي ١٧/٦/٩١) .

وبعد أحداث الحبشة، ما هو المتوقع؟ هل تطالب الجبهة الشعبية بالاستقلال

الذاتي أو الاستقلال الكلي أو يطلب منها الاتحاد الكونفدرالي مع الحبشة؟ كل هذا

مطروح الآن، وما إبراز (أسياسي أفورقي) إلا ليكون ليناً مع الأحداث المستقبلية،

أما أن ترجع ارتيريا عربية مسلمة فهذا بحاجة إلى دعم حركة الجهاد الإسلامي

هناك، حتى تستمر في تعبئة الشعب وتوعيته ومقاومة الطغيان، والطريق طويل.