للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسلمون والعالم

المخطط الصليبي في البرنامج التعليمي

للجبهة الشعبية في إرتريا

موسى عبد الله

تؤكد السياسات التعليمية المطروحة من حكومة الجبهة الشعبية الإرترية وجود

نوايا صليبية تسعى إلى قمع الإسلام وإضعاف عقيدته في نفوس معتنقيه. ويحسب

كثير من المسلمين أنهم حققوا كسباً ثقافياً عظيماً بتجويز تعريب المواد الدراسية في

مرحلتهم الابتدائية من سلمهم التعليمي.

إلا أني لا أرى فيما يبث الآن عبر صوت الجماهير في أسمرا من سياسات

تعليمية سوى تكرير للمفاهيم الصليبية التي قد تنطلي على بعض من مثقفينا، وليس

فيها من جديد سوى أنها اتسمت بمزيد من المكر والدهاء في صراعها مع الإسلام

حين قررت:

أولاً: خلافاً لتصريحات أسياس أفورقي وفي لقائه مع وفد الماريا أقر الإعلان

التعليمي الجديد إمكانية تأسيس مدارس أهلية وأجنبية تنفذ برنامجها الخاص ولا

تتقيد ببرنامج الحكومة التعليمي، ولا تمنع من تدريس الدين إذا رغبت، شريطة أن

لا يكون مرسباً للطالب وأن تكون المادة الدينية الملقاة عليه وحظها من الحصص

الأسبوعية واليومية خاضعة للنقاش، أما المدارس الحكومية فالدين سيبقى مفصولاً

عنها ومبعداً.

ثانياً: المعاهد الإسلامية تنحصر مهمتها في تعليم المواد الدينية فحسب ولا

يحق لها مزج العلم التجريبي في برنامجها التعليمي حسبما هو منطوق في الإعلان.

ثالثاً: أكد الإعلان تطوير بعض لهجات القبائل الإرترية بالحرف اللاتيني

والتدريس بها في المرحلة الابتدائية لمن أراد.

إن البحث عن جذور هذه السياسة التعليمية يوصلها إلى أصول صليبية

وسياسات استعمارية وفي الوقت ذاته يبرهن على التشوش والاضطراب الذي تعيشه

الجبهة الشعبية في التعامل مع الواقع الإرتري المسلم الذي بدأ يهمس تضجراً من

مثل هذه الأطروحات، ويبدو أن شيئاً من الغمز واللمز بدأ يطرق أسماع قيادة

الشعبية، الأمر الذي يجعلها تبيح تدريس الدين في المدارس الأهلية والأجنبية على

حذر ووجل.

ولكن الجبهة الشعبية مهما حاولت تخدير الشعب المسلم ببعض الإصلاحات

السطحية فإنها لن تستطيع إخفاء حقيقتها ومكائدها الصليبية فبرنامجها التعليمي ما

زال يفيض حقداً على الإسلام لدرجة أنه ضاق من إتاحة المجال للمعاهد الإسلامية

لتزويد أبنائها بسائر المعارف العلمية، وهو بنهجه هذا يهدف إلى إعاقة تقدمها

وترقيها وتزهيد الطلاب في الالتحاق بها، وجعل خريجيها مجرد أناس ينحصر

مجال نشاطهم في ساحة المسجد، ويقتصر دورهم في تنظيم حفلات المولد النبوي

والإصغاء إلى كلمة أسياس التي ستُلقَى بهذه المناسبة في كل عام.

والتعامل مع المعاهد الإسلامية بهذه السياسة إنما ينطلق من نظرة صليبية

تجعلها في مصاف الأديرة النصرانية التي لا تطمح إلى أكثر من تخريج واعظ ديني

بصليبه النحاسي وجلبابه الأسود.

وليس في تطوير لغات القبائل الإرترية بالحرف اللاتيني إلا جلب لسياسات

الآباء اليسوعيين وتلامذتهم الذين نادوا باستخدام الحرف اللاتيني في تطوير لهجات

بعض البلدان العربية.

وأما فيما يتعلق بالمرامي الصليبية من اعتماد الإنجليزية لغة التعليم من

المرحلة الإعدادية فحسبي أن أورد نص كلام المبشر تكلي في كتابه (الإسلام

والتبشير) ، حيث قال: (يجب أن نشجع إنشاء المدارس، وأن نشجع على الأخص التعليم الغربي، إن كثيراً من المسلمين قد زعزع اعتقادهم حينما تعلموا اللغة الإنجليزية، إن الكتب المدرسية الغربية تجعل الاعتقاد بكتاب شرقي مقدس أمراً صعباً جداً) !

يظهر لي أن هذا يكفي لإلقاء الضوء على الطرح التعليمي الصليبي الذي

مازالت تصر الجبهة الشعبية على تطبيقه في واقعنا الإرتري طمساً للهوية الإسلامية وخصائصها المميزة.