لا يخلو مجتمع من مشكلات تطفو على سطحه، وبعض البيوت تغصُّ ببعض المشكلات التي تراكمت وتُركت منذ زمن ولم تحلّ أو يسعَ إلى حلّها، والبعض يتفرج ـ عاجزاً حائراً ـ ولا يملك غير الحوقلة التي تتردد على لسانه كلما تأمل فيها، لكنه لم يسعَ إلى حلِّها ولم يتخذ الخطوات الإجرائية لذلك؛ إيثاراً للسلامة وانطلاقاً من باب: دعهم وشأنهم! فلا تضحية ولا بذل ولا سعي للإصلاح، والله ـ تعالى ـ يقول:{لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}[النساء: ١١٤] . تأمل كلمة (لا خير) وكلمة (إلا) ثم كلمة (أو إصلاح بين الناس) ! وتذكّر النتيجة (فسوف نؤتيه أجراً عظيماً) ! الأجر لمن سعى، وليس لمن تفرّج ولم يحرِّك ساكناً! فلا تكن من المتفرجين؛ وإنما من الساعين في الإصلاح ما استطعت بنفسك ومالك وجاهك.
أجزم ـ عزيزي القارئ ـ أن بعض الأقارب والجيران والخُلاّن تحدث بينهم مشكلات تتطور إن لم تجد لها بطلاً يعطي نفسه دورة تدريبية في حلّها؛ كيف ذلك؟ تأمل ـ مثلاً ـ ما يجري بين متخاصمين من ذويك! وادرس أحوالهما، وحاول أن تقرِّب بين وجهات النظر، واجتهد في ردم الهوّة. وإذا تعثّرت جهودك في ذلك؛ فهل تملّ وتكلّ؟ كلاّ! بل اعلم ـ وفقك الله ـ أنك تبتلى، وأنها صعوبة ستتجاوزها بعزمك وإصرارك، واستمدادِ العون من ذي العون وهو الله تعالى، وأنت قادر ـ بإذن الله ـ على التغلّب عليها والخروج منها بنجاح وتحقيق مقصدك الأسمى وهو الإصلاح.
وبهذا تكون قد تدرّبتَ على حلّ مشكلة؛ فلولا المشكلات التي تعترض العظماء فيحاولون التغلّب عليها لما كانوا عظماء! ولا نجاح بدون فشل، ولولا شقاوة الابن لما برز لنا أب حكيم صبور ذو جلد، ولولا مشكلات الطلاب في المدارس ومحاولة حلّها من المعلمين المخلصين لما برز ـ أيضاً ـ معلمون أكفاء ذوو خبرة وحنكة ومهارة! وعلى هذا فَقِسْ. فلعل الله ينفع بك! وتأخذ دورات مجانية في الحياة بعلاج المشكلات التي تطرأ بين متخاصمين؛ وبالذات من أهلك وذويك.