للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسائل جامعية

الأحكام الشرعية

لمسلمي البلاد غير الإسلامية

عرض: أحمد سعيد البتاكوشي

هذه رسالة غير مطبوعة حتى الآن تقدم بها الباحث خالد محمد عبد القادر

بكلية الإمام الأوزاعي للدراسات الإسلامية ببيروت سنة ١٤١٥هـ، ومنح على

أثرها درجة الماجستير بتقدير ممتاز.

ولا يخفى على القارئ أهمية هذا الموضوع وعظم الحاجة إلى بحثه؛ فإن

الجاليات الإسلامية في ديار الكفار في أمسّ الحاجة إلى التفقه في دين الله تعالى،

والعلم بالأحكام الشرعية المتعلقة بهم في تلك الديار، سواءً كانت في العبادات أو

المعاملات؛ خاصة أن تلك الجاليات تعايش كماً ضخماً من النوازل والمستجدات

التي تنتظر تحقيقاً من علماء الشريعة، وجواباً كافياً شافياً يجمع بين توصيف دقيق

لهذه النوازل وتطبيق الحكم الشرعي الملائم لها.

وقد بذل الباحث جهداً ضخماً، واجتهد في جمع هذه المسائل وتحقيقها،

واستغرق في إعداد هذا البحث أربع سنوات، وبلغت صفحات الرسالة ستمئة وسبع

عشرة صفحة تتكون من: مقدمة، وتمهيد، وثلاثة فصول، وخاتمة، وفهارس.

ففي المقدمة: تحدث الباحث عن أهمية هذا الموضوع، وتضمن التمهيد جملة

من القواعد الفقهية التي يكثر إيرادها في البحث، وأما فصول الرسالة، فإن كل

فصل يتضمن مباحث ثم مطالب ثم فروعاً، وسنعرض لأهم المسائل التي أعدها

الكاتب.

في الفصل الأول تحدث عن العلاقات الدولية؛ ومن أهم مسائل هذا الفصل:

هل تعتبر علمانية الحكومات اليهودية والنصرانية اليوم مخرجة لها عن كونها كتابية؟ ...

تعريف دار الكفر ودار الإسلام.

حكم الإسلام في التزام الدول المسلمة بميثاق هيئة الأمم.

وفي الفصل الثاني: تحدث الكاتب عن العلاقة بين العبد وربه، ومن أهم

مسائل هذا الفصل:

هل يمكّن الكافر من مس المصحف والقراءة فيه؟

ضبط الصلاة في البلاد غير المعتدلة التي لا شهور فيها ولا أيام معتدلة

كالقطبين وما في حكمها.

الجمع بين الصلاتين للحاجة ورفع المشقة.

خطبة الجمعة بغير العربية.

هل يصح الدفن في التابوت؟

بعض أحكام الميت الكافر.

حكم دفع الزكاة للمؤلفة قلوبهم من الكفار.

وحكم إعطاء الزكاة للجمعيات والمراكز الإسلامية.

مسألة الاعتماد على الحساب الفلكي في الصيام، واختلاف المطالع.

مسألة صيام أهل القطبين ومن يطول نهارهم جداً.

حكم بيع المسجد.

هل يصح دخول الكافر المسجد؟

وأما عنوان الفصل الثالث والأخير فهو: العلاقات الاجتماعية بين المسلم

ومخالفيه. وساق الباحث فيه مسائل كثيرة ومهمة، ومن أبرزها ما يلي:

حكم الزواج في دار الكفر.

هل الأنكحة الفاسدة والباطلة وما فيها شبهة تثبت حرمة المصاهرة؟

حكم نكاح الزانية وإنكاح الزاني وحكم العقد.

حكم نكاح الكتابية في دار الكفر.

مسألة النكاح بلا ولي، وكون ولي المسلمة كافراً.

حكم النكاح المؤقت نيةً دون إظهاره.

إسلام الزوجين أو أحدهما وأثره في النكاح.

هل تثبت الحضانة للأم الكافرة؟

ذبائح أهل الكتاب.

حكم بيع ما يكثر التعامل به في دار الكفر مما فيه شبهة كالكلب والقط والقرد.

حكم استئجار الكافر للمسلم.

حكم استئجار الكافر لتعليم أولاد المسلمين.

حكم استئجار الكافر لبناء المساجد.

حكم الاستقراض والاستعارة من الكفار.

حكم السلام على الكفار ومصافحتهم.

حكم شهود أعيادهم.

حكم الإهداء إليهم وقبول هديتهم.

حكم إقامة المسلم مع أسرة كافرة.

مسألة مباهلة الكافرين.

مسألة التجنس بجنسية دولة كافرة.

حكم تولي الوظائف في حكومات دار الكفر.

مسألة: هل يصح أن ينتخب المسلمون رجلاً غير مسلم ليطالب لهم بحقوقهم

في مجلس النواب؟

حكم الالتحاق في المؤسسة العسكرية لدار الكفر.

وأما عن تقويم هذه الرسالة، فمن خلال قراءتها فهي رسالة جيدة في بابها،

ومتميزة في قضاياها التي عالجتها وكانت محور موضوعها بما عمت به البلوى لدى

كثير من المسلمين، ويتميّز كاتبها بالوعي والواقعية تجاه نوازل ومستجدات العالم

الإسلامي ودول الكفر، كما في تحريره لمسألة الهجرة من دار الكفر، وحكم الإسلام

بالتزام الدول المسلمة بميثاق هيئة الأمم المتحدة. كما يظهر في ثنايا البحث غيرة

الباحث على دينه واهتمامه بأحوال المسلمين. كما كان المؤلف حريصاً على ترجيح

المسائل بأدلتها مع الوقوف على ثبوتها وصحتها.

ومن مزايا الرسالة: إعطاء خلاصة لمباحث ومطالب كل فصل من فصول

الرسالة، وكذلك: جودة تحريره لبعض المسائل واستيفاء أدلتها كما في مسألة

طهارة الكلب، ومسألة ضبط الصلاة في البلاد غير المعتدلة التي لا شهور فيها ولا

أيام معتدلة كالقطبين وما في حكمها.

ومن إيجابيات الرسالة: أن الباحث التقى بعض الفقهاء المعاصرين وسطّر

جملة من آرائهم وفتاويهم.

ونظراً لكثرة مباحث الرسالة، وطولها، وتشعبها؛ فإن الباحث قد وقع في

جملة من المآخذ والسلبيات، ولو أن الباحث وفقه الله، اقتصر على أحد الفصول

الثلاثة واجتهد في تحرير مسألة وتحقيقها لكان أوْلى وأسلم؛ فإن طول وتعدد مسائل

البحث جعلت الكاتب يقصّر في تحرير وتأصيل كثير من مسائل النوازل، كما

جعلت البحث ضعيفاً في عرض بعض المسائل وتحقيقها.

ومن سلبيات الرسالة تعويله في بعض الأحايين على مراجع غير أصيلة ولا

موثقة مثل كتب الثقافة الإسلامية، والكتب الدراسية، والصحف والمجلات غير

العلمية.

ومن المآخذ أن ثمة ضعفاً في تخريج الأحاديث فهو يعزوها في غالب الأحيان

إلى سبل السلام للصنعاني أو نيل الأوطار للشوكاني، إضافة إلى ضعف ظاهر في

توثيق الآثار؛ فقد يعزو بعض أقوال السلف إلى بعض كتب المتأخرين أوالمعاصرين.

ومن المآخذ المهمة أن الباحث لم يذكر مسلكاً منضبطاً ومنهجاً محدداً في تعامله

مع كتب الفقه والشروح الحديثية ونحوها؛ ولذا فإنك تجد إحالات كثيرة من هذه

الرسالة لكتب متباينة: من فقه، وحديث، وتفسير، وفكر إسلامي! ! ولكتّاب

متباينين في الاهتمامات والفنون والزمان والمكان.

ومن سلبيات البحث: تعويله في أكثر لقاءاته على فقهاء معاصرين ذوي

مسلك متقارب تجاه النوازل كالدكتور يوسف القرضاوي، والدكتور وهبة الزحيلي.

ومن أهم المآخذ العلمية الواردة في ثنايا الرسالة: أن الباحث هدانا الله وإياه

يميل إلى القول بأن الجهاد دفاعي، مع أن الباحث قد قال في مقدمة الرسالة: (لم

أتأثر بالفقهاء التبريريين المعاصرين) وهذا ما وقع فيه كثير من المعاصرين.

وكذا كلامه في مسألة تحكيم الشريعة وما يناقضها في الفصل الأول والثالث

يحتاج إلى مزيد تحرير وتفصيل؛ فكلامه غير منضبط.

اضطراب الكاتب عندما جعل ديار المسلمين دار فسق، وهذا ينافي ما رجحه

في تعريف دار الكفر.

في مسألة التجنس بجنسية دولة كافرة.. ادّعى الباحث التسوية بين التجنس

بجنسيتهم وبين الإقامة في بلادهم، وتساهل في هذه المسألة، وليت الباحث اطلع

على ما كتبه د. الشاذلي النيفر في هذا الموضوع، وفتاوى محمد رشيد رضا،

والأزهر زمن الشيخ علي محفوظ والدجوي واللجنة الدائمة للفتيا بالسعودية.

عرّف الموالاة للكفار بتعريف غير دقيق وفيه قصور، ولو التزم الباحث

بالعبارات الشرعية لكان أوْلى.

زعم المؤلف أن الموالاة المنهي عنها للكفار لا تخرج من ضمن حلقة

التحالف والتآزر والتناصر، وأن الموالاة المنهي عنها إنما هي للكفار المحاربين،

فلا حرج في موالاة ما عداهم مما لا يضر بالمسلمين، وهذا فيه نظر ويحتاج إلى

مزيد من البحث والتأصيل، ولعل في الرجوع إلى بعض دراسات علماء السلف في

هذا الباب ما يزيل بعض الشبه، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فهناك رسالتان

علميتان منشورتان عن الموضوع عالجتاه بموضوعية ووعي هما:

الولاء والبراء في الإسلام د/ محمد سعيد القحطاني.

الموالاة والمعاداة في الشريعة الإسلامية للأستاذ/ محماس الجلعود.

وقبلهما كتب الشيخ سعد بن عتيق كتابه (النجاة والفكاك عن موالاة أهل

الإشراك) .

ولعل من أهم أسباب اللبس عند الكاتب في هذه المسألة عدم تفريقه بين

الموالاة المحرمة للكفار، وبين البر والإقساط إليهم إن لم يكونوا محاربين؛ وهذه

مسألة مهمة في هذا الباب يلزم تأصيل الحكم الشرعي حيالها.

وفي ختام هذه السطور نشكر للمؤلف جهده وجلده في بحث هذا الموضوع،

ونأمل منه المبادرة إلى طبع هذه الرسالة ونشرها بعد مراجعتها وتنقيحها مما أشرنا

إليه من بعض الملحوظات عليها والتي لا تغض من قيمتها العلمية ومن الجهد الكبير

الذي بذل فيها.