للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسلمون والعالم

حل القضية الكشميرية بأيدينا.. ولكن!

د. محمد طاهر حكيم

كشمير جرح قديم من الجراحات الساخنة التي أصابت جسد الأمة الإسلامية

الضعيف في هذا العصر الكئيب الذي يشهد تعرّض المسلمين لنكبات ومآسٍ وتداعي

الأمم، وتكالب الأعداء عليهم من كل حدب وصوب.

كشمير المسلمة التي احتلتها الهند ظلماً وعدواناً في عام ١٩٤٧م ثم قامت

بممارسة العنف والاضطهاد لمنع الشعب المسلم من المطالبة بتقرير مصيره وفقاً

لقرار الأمم المتحدة الصادر في ٥ يناير ١٩٤٩م، ذلك القرار الذي كان وراءه

الحكومة الهندية نفسها.

وقد بلغت الوحشية الهندوسية ذروتها منذ عام ١٩٩٠م حين أصدر البرلمان

الهندوسي - (برلمان أكبر دولة ديموقراطية كما يزعمون) قراراً يسمح لقوات

الاحتلال في الولاية والتي يزيد عدد أفرادها عن سبعمائة ألف جندي - وهو ما

يمثل أعلى نسبة وجود عسكري في أي منطقة في العالم؛ إذ يبلغ عدد جنود

الاحتلال الهندوسي في الولاية ١: ٧ بالنسبة إلى السكان - بعملية استئصال

المسلمين وقتلهم عشوائياً، والزج بهم في غياهب السجون ومراكز التفتيش

والتعذيب، وذبح أطفالهم، وحرق شبابهم أحياءً، وهتك أعراضهم، ونهب أموالهم،

وإحراق بيوتهم ومنازلهم ومزارعهم حتى أصبح الشعب هناك يعيش تحت

الإرهاب والحكم العسكري ونظام المعسكرات الذي يذكرنا بأساليب النازية والفاشية

بحجة أنهم إرهابيون ولا ذنب لهم إلا أنهم يطالبون بتقرير مصيرهم الذي وُعدوا به

من المنظمة الدولية.

وقد قدّم الشعب الكشميري خلال هذه المدة التضحيات الضخمة لتحقيق هدفه

السامي؛ حيث بلغ عدد الشهداء أكثر من سبعين ألف شهيد وعدد الجرحى أكثر من

ثمانين ألف جريح، ووصل عدد المعتقلين إلى أكثر من سبعين ألف معتقل إلى

جانب عشرات الآلاف من المنازل والمتاجر والمساجد والمدارس التي دُمرت

وأحرقت، والآلاف من النساء المسلمات اللاتي تعرضن للاغتصاب على أيدي

الجنود الهندوس. وبلغ عدد العوائل التي نكبتْ في فَقْد عائليها نحو نصف مليون

عائلة [١] .

ويزداد الوضع سوءاً يوماً بعد يوم في الوادي الجميل، وتحمل لنا الأخبار

يومياً أنباء الاعتقالات والاغتيالات والمداهمات، ويتساقط الشهداء الواحد تلو الآخر،

والعالم الإسلامي صامت لا يفعل شيئاً، ولم ينطق بكلمة فاعلة تجاه هذا الجرح

النازف. وأما العالم الحر فإنه يبدو وكأن صرخات النساء والأطفال والشيوخ لم

تصل إلى سمعه ولن تصل أبداً؛ لأنه صنع من الهند النووية التي تحرس له شرق

آسيا من المد الإسلامي عملاقاً عسكرياً وبطلاً بوليسياً مهمته تأديب الدول الإسلامية

في المنطقة.

وقد دفع هذا الإرهاب الهندوسي المسلمين في كشمير إلى مواجهة الاحتلال

والقيام بعمليات فدائية بطولية ضده؛ وذلك بعد وصولهم إلى حد اليأس في معاناتهم

وعدم وجود بصيص من الضوء في نهاية النفق.

وقد وقعت في الفترة الأخيرة جملة أحداث ومتغيرات جعلت قضية كشمير في

بؤرة الاهتمام الدولي، ومن هذه الأحداث:

١- إعلان كل من الهند وباكستان امتلاك الأسلحة النووية والصاروخية في

مايو عام ١٩٩٨م. ولا شك في أن امتلاك الدولتين هذا النوع من السلاح المدمر له

أثر كبير على الأحداث الجارية والمشحونة بالتوتر الشديد في كشمير، وإذا علمنا

أن حربين من الحروب الثلاثة وقعت بين البلدين كان سببهما كشمير ظهر لنا

خطورة الموقف في المنطقة بعد امتلاك البلدين الأسلحة النووية.

٢- ثم تأتي المواجهة الأخيرة التي قادها المجاهدون الكشميريون في

«كارجل» العام الماضي والصمود لأكثر من شهر أمام القوات الهندوسية

حتى عرضتْ عليهم الهند أن توفر لهم ممراً آمناً لينسحبوا إلى كشمير الحرة.

وهذا يُعتبر تحولاً مهماً في قوة المقاومة الكشميرية وقدرتها على المناورة.

وقد خسرت الهند في هذه المواجهة من الجنود أكثر مما خسرتْه في حرب عام

١٩٧١م، وكاد البلدان النوويان أن يدخلا في حرب حقيقية، وقد أثبتت هذه

المواجهة خطورة الموقف في كشمير وضرورة حله في أقرب فرصة ممكنة.

ولكن كيف السبيل إلى حل هذه القضية القديمة؟ هل بقرارات مجلس الأمن،

أو بطلب المساعدة من الدول الكبرى؟

إن الرهان على كل هذا لحل القضية الكشميرية رهان خاسر؛ وذلك لأن

قرارات مجلس الأمن لا تطبق إذا كانت في صالح المسلمين، لكن لو كانت هذه

القرارات ضدهم فإنها تفرض عليهم كما تفرض على دولهم العقوبات الاقتصادية

والتجارية والعسكرية والمقاطعة الدولية إذا لم تخضع لرغبة الدول الكبرى، بل

وتدرج أسماؤها في قائمة الدول المساندة للإرهاب والمنتهكة لحقوق الإنسان.. إلخ.

أما الدول الأخرى المحتلة لأراضي المسلمين والغاصبة لحقوقهم فلا تلزم بتطبيق

أي قرار صادر من مجلس الأمن، ولا تفرض عليها أية عقوبات إلا صورياً ذرّاً

للرماد في عيون المسلمين. بل هي في كثير من الأحيان تعربد يمنةً ويسرةً وتهزأ

بقرارات المجلس «الموقرة» دون أن يثير ذلك حفيظة المجلس، أو أن يكون فيه

التحدي للمجتمع الدولي. وهذا يؤكد أن المجلس لن يقف مع أية قضية للمسلمين

مهما كانت إذا كان الطرف الآخر فيها من غير المسلمين، وهذا واضح من

القرارات التي أصدرها المجلس في قضية فلسطين وكشمير والبوسنة وغيرها من

القضايا الإسلامية.

الحقيقة أننا - نحن المسلمين - نبالغ في حسن الظن بمجلس الأمن عندما نلجأ

إليه ونتوقع منه أن ينظر إلى قضايانا بعين العطف أو على الأقل بعين العدل

والإنصاف، ويغيب عن أذهاننا حقيقة مهمة وهي أن أعضاء المجلس الدائمين

يُهمهم أول ما يهمهم مصالح بلدانهم الخاصة؛ فقد كتبت مجلة «أخبار الولايات

المتحدة والعالم» الأمريكية في ٢٣/٥/١٩٩٤م: إن انتهاكات الهند لحقوق الإنسان-

وهي مروعة وبشعة - تثير سخطاً أقل لدى الرأي العام الأمريكي وأعضاء

الكونجرس؛ وذلك بسبب واضح من وجهة نظرنا نحن وهو أن الضحايا في الهند

هم من المسلمين في جميع الأحوال؛ فإن المصالح الأمريكية مع الهند هي أيضاً من

الضخامة بحيث لا يمكن التضحية بها من أجل الأخلاقيات والمثل «! ! .

وهكذا قد تم إبلاغ رئيس وزراء الهند السابق خلال زيارته لواشنطن في

الأسبوع الأخير من مايو ١٩٩٤م بأن إدارة كلينتون ستتوقف عن أي نقد علني

مباشر لخرق الهند لحقوق الإنسان، وأن أي ملاحظات بهذا الصدد سيتم تداولها بين

البلدين بالطرق الدبلوماسية. وفي زيارته الأخيرة للمنطقة صرح كلينتون في

الهند - وبالحرف الواحد أنه:» لم يأت للمنطقة للوساطة في قضية كشمير، وأن

على البلدين أن يحلا هذه القضية فيما بينهما، ولم يُشر - من قريب ولا بعيد - إلى

أن هذه القضية قد صدرت فيها قرارات من مجلس الأمن وعلى الهند أن تطبق

هذه القرارات؛ كما أغفل تماماً موضوع انتهاك الهندوس لحقوق الإنسان، رغم

أن إدارته قد وصفت الهند - في التقرير السنوي لحقوق الإنسان عام ١٩٩٨م

«بأنها رائدة وبامتياز في مجال انتهاك حقوق الإنسان في العالم؛ حيث تتفوق

على الكثير من الدول بانتهاكاتها الواسعة والمتعددة الوجوه والأشكال لحقوق

الإنسان» . ولكن لأن الضحايا هم من المسلمين فإن أمريكا لا تضحي بمصالحها من

أجل حقوق طائفة من المسلمين.

ولنا أن نتساءل: لو كان الكشميريون يهوداً أو نصارى أهكذا كان كلينتون

يتعامل مع هذه القضية؟ وهذا يؤكد مرةً أخرى أن الدول الكبرى لن تقف مع أية

قضية للمسلمين إذا كان الطرف الآخر فيها من غيرهم.

إن تزييف من يسيّر مجلس الأمن ليس له حد ولا مثيل؛ فهم يتغنون

بالديمقراطية، ويدعون إلى حق تقرير المصير وتحرير الشعوب المضطهدة فإذا

تعلق الأمر بالمسلمين رأيت عجباً؛ ف «قرارات الأمم المتحدة في شأن كشمير

صارت قديمةً باليةً مضى عليها خمسون عاماً» و «نحن نتفهم أسباب ضرب

روسيا للشيشان ونقدرها» و «إننا لن نسمح مطلقاً بوجود دولة على عتبات أوروبا

يحكمها المسلمون» أما إذا تعلق الأمر بغير المسلمين فيظهر الوجه البريء للمنظمة

الدولية، فتقلق وتحزن على انتهاك حقوق الإنسان. فتيمور الشرقية كانت جزءاً من

إندونيسيا، ومعظم سكانها من النصارى الذين طالبوا بالاستقلال، فتدخلت المنظمة

الدولية وأرسلت القوات وفرضت استقلالها وانفصالها بدعوى تحقيق رغبة (الشعب

التيموري) بالانفصال، وأعطت المنظمة الدولية إنذاراً للقوات الإندونيسية

بالانسحاب من الإقليم خلال ٤٨ ساعة وهكذا حصل.

والسؤال: هل هناك شك في رغبة المسلمين في كشمير في الانفصال عن

الهند، أو رغبة الشيشانيين عن روسيا، أو رغبة الكوسوفيين عن صربيا؟ فلماذا

لم يدعُ مجلس الأمن للاستفتاء على استقلال كشمير أو الشيشان أو كوسوفا؟ ولو تم

ذلك وكانت النتيجة بالإيجاب فهل يفرض مجلس الأمن بالقوة ذلك الاستقلال؟

الجواب طبعاً: لا؛ والسبب واضح؛ فانسحاب القوات الإندونيسية من تيمور

الشرقية يؤدي إلى قيام دولة نصرانية وتقطيع جزء من الدولة المسلمة وهو مطلب

الغرب ومبتغاه، وأما انسحاب القوات الروسية من الشيشان أو الصربية من كوسوفا

أو الهندوسية من كشمير فسوف يؤدي إلى قيام دولة مسلمة على أعتاب روسيا في

الشيشان، وإلى قيام دولة مسلمة في قلب أوروبا بالنسبة لكوسوفا وإلى تقوية دولة

باكستان الإسلامية بسبب كشمير وهذا كله مرفوض عندهم.

إذاً فحلُّ قضايانا لا يكون بقرارات مجلس الأمن، ولا بالشكوى إلى الدول

الكبرى وإنما بالقيام بواجبنا في نصرة إخواننا في كشمير وغيرها.

إن الوضع في كشمير جد خطير، والهندوس بعد زيارة كلينتون وتأييده

الواضح لهم أصبحوا أكثر تعسفاً واستعلاءً وعربدةً، ويلوّحون بشن حرب ضد

باكستان بعد أن صرّح الناطق باسم كلينتون قائلاً: «تخطئ باكستان إذا كانت تظن

أن أمريكا تؤيدها إذا وقعت حرب بين الهند وباكستان» وفي هذا الكلام تهديد مبطن

بالحرب، وتأييد واضح للهندوس، بل تحريض لهم على شن حرب ضد باكستان.

خطوات حل الأزمة:

لذا أرى أن حل القضية الكشميرية يكون باتباع الخطوات الآتية:

أولاً: التضرع بالدعاء والتوجه إلى الله - تعالى - لينصر هؤلاء المظلومين؛

فإن الدعاء يعمل ما تعجز عنه القذائف والصواريخ: يُروى أن قتيبة بن مسلم

استعصى عليه فتح كابول، فقال: عليَّ بمحمد ابن واسع - وكان عابداً زاهداً -

فأُخبر بأنه متكئ وهو يشير بأصبعه إلى السماء، ويقول: يا حيُّ يا قيوم انصرنا

عليهم! فقال: لأُصبع محمد بن واسع أحبُّ إليَّ من ألف سيف شهير في سبيل الله.

ثانياً: الاستمرار في جمع المساعدات المالية وتقديمها لهم بقصد تغطية

احتياجات المجاهدين ورعاية المهاجرين والمجروحين ومن لا عائل لهم منهم حتى

تتغير الظروف لصالحهم. وهذا واجب شرعاً. قال تعالى: [وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي

الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ] (الأنفال: ٧٢) وقال

سبحانه: [وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ] (التوبة: ٧١) ، وفي

الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم: «المسلم أخو المسلم: لا يظلمه، ولا يخذله،

ولا يسلمه» وأخرج الإمام أحمد من حديث سهل بن حنيف أن النبي صلى الله

عليه وسلم قال: «من أُذِلَّ عنده مؤمن فلم ينصره - وهو يقدر على أن ينصره -

أذله الله على رؤوس الأشهاد يوم القيامة» ، وهو ضعيف لكن يشهد له حديث أنس

أن النبي صلى الله عليه وسلم وسلم قال: «من نصر أخاه بظهر الغيب نصره الله

في الدنيا والآخرة» رواه البيهقي.

إن الواجب على كل مسلم أن ينصر إخوانه في كشمير وفي غيرها بكل ما

يستطيع؛ فمن استطاع أن ينصرهم بماله فليفعل، ومن استطاع أن ينصرهم بالكلمة

قولاً أو كتابةً عبر وسائل الإعلام المختلفه فليفعل، ومن استطاع أن يدافع عنهم

بنشر قضيتهم بين الأمم والشعوب وتعريف العالم بما يقع عليهم من ظلم واضطهاد

وقهر وتقتيل وتشريد وتهجير ونهب ممتلكات وتدمير منازل ومزارع من قبل الجنود

الهندوس وعصاباتهم المتطرفة فليفعل. ولا أقل من أن يشترك جميع المسلمين في

الدعاء لهم.

ثالثاً: أن تقوم الشعوب الإسلامية بالضغط على حكوماتها لتقطع كل العلاقات

مع الهند - إذا لم توقف حملتها ضد الشعب الكشميري وتحدد موعد إجراء الاستفتاء

الموعود - مع التنديد الشديد والتشهير بما تقوم به قوات الاحتلال في الولاية من

الممارسات الإجرامية، وتعلن تأييده وتبني قضيته صراحةً وتعرضها في المحافل

الدولية بما يتفق مع الواقع والحقيقة لا كما تردده أبواق الدعايتين الهندوسية

والصهيونية.

رابعاً وهو الأهم: أن تقوم جميع الحكومات الإسلامية بإخطار الهند رسمياً أن

مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية مهدّدة في جميع المناطق في العالم الإسلامي إذا

لم توافق على إجراء الاستفتاء في الولاية وتحدد موعده. فإن لم تفعل الهند ذلك

نفّذت الحكومات الإسلامية المقاطعة الاقتصادية؛ فهذه هي ورقة الضغط الإسلامية

التي لو استخدمتها الدول الإسلامية - فإن الهند سوف تجثو على ركبتيها طالبةً هي

الحل؛ لأن أكثر من ٧٠% من اقتصاديات الهند تقوم على العائد من الدول

الإسلامية؛ فهناك مئات الألوف - بل الملايين - من العمالة الهندوسية ومئات

الشركات الهندوسية تعمل في هذه الدول، كما أن هذه الدول تعتبر من أكبر الأسواق

للمنتوجات والمصنوعات الهندية، والأموال التي تكسبها الهند من هذه الدول

تصرف لقتل المسلمين وسفك دمائهم في كشمير وفي داخل الهند؛ فقد أوردت مجلة

«الوسط» (٣١/١/١٩٩٤م) في تحقيق مفصل لها مخاطر العمالة الهندوسية

والجرأة البالغة الخطيرة للتنظيمات السياسية الهندوسية؛ فضلاً عن بلايين

الدولارات التي يحولها هؤلاء إلى أحزابهم المتطرفة التي تفتك بالمسلمين في الهند

وتعمل على إبادتهم.

وتقول المجلة: إن الصحافة القطرية قد شنت حملات شعواء على العمال

الهندوس مستندة إلى منشور تم توزيعه بينهم وأسمته مجلة الشرق القطرية:

«المنشور القذر» وهو موجه من القائد المحلي لجماعة RSS/VIP إلى جميع

المتطوعين الهندوس وجاء فيه: «اذهبوا يومياً إلى المعبد صباح مساء أينما كنتم،

شيدوا معبداً في منازلكم ومواقع أعمالكم ومتاجركم التي تعملون فيها.. حافظوا على

معبودكم من خلال تمثال» راما «أقيموا اجتماعات أسبوعية، وقدموا تقاريركم إلى

القائد المحلي، واعملوا قدر طاقتكم على إغراق أصدقائكم وزملائكم في إدمان

الكحول والمخدرات والنساء، كونوا على صلة حميمة جداً بالمسلمين لتتمكنوا من

تفريق وحدتهم، واجعلوا الغش شعاركم في التعامل معهم» .

وجاء في المجلة أيضاً: «وحذرت الصحف القطرية من أن العاملين

الهندوس في الخليج يموّلون المنظمات الهندوسية المتطرفة مثل جماعة (فيشوار

هدو بيرشاد) التي قامت بدور بارز في عملية هدم مسجد بابري، وكذلك منظمتي

(ما هات شترا) و (شيتوسنيا) اللتين تثيران المشاعر ضد المسلمين الهنود.

بل إن هناك أمراً أخطر من سابقه يدعو إلى مقاطعة الهندوس الوثنيين وهو:

بُعد التوغل الصهيوني إلى منطقة الخليج عبر البوابة الهندية؛ فقد حذّر الكاتب

إبراهيم إسماعيل في مجلة الإصلاح العدد ٢٦٤ تاريخ ٢٥/١١/١٩٩٣م) مما سماه

الخطر المنعكس على الخليج من العلاقات الهندوسية الصهيونية المتنامية، وقد أثار

الكاتب عدة أسئلة مهمة في هذا الصدد عن حجم الاختراقات الإسرائيلية الهندية

لأجهزة دول المنطقة وتغلغلها إلى مواطن التأثير، وعن حجم الاستثمار اليهودي

عن طريق البوابة الهندية، وعن حجم العمالة اليهودية الهندية - المليونيرية - التي

يُخشى أن تكون هي التي تسيطر على ٨٠% من أسواق المنطقة سواء أسواق

الذهب أو الإلكترونيات أو الأقمشة، مشيراً إلى مخاطر ذلك كله على الحالة الأمنية

والاجتماعية والاقتصادية وكذلك على العمل الإسلامي في المنطقة مذكِّراً في هذا

الصدد بالعداء الهندوسي الصهيوني المتأصل لكل عمل إسلامي في ضوء

تصريحات المسؤولين في البلدين، وأشار إلى بيان وزير الخارجية الصهيوني في

زيارته الأخيرة للهند حيث صرح قائلاً:» إن الكيان الصهيوني والهند معنيتان

بمواجهة الخطر الأصولي الإسلامي المشترك سواء عبر منظمة حماس أو حركة

المقاومة الكشميرية، وإن هناك تنسيقاً كاملاً ومشتركاً بين دلهي وتل أبيب لتبادل

المعلومات والخبرات في هذا الجانب «.

لأجل هذا كله فإن مقاطعة الهندوس ليس واجباً إنسانياً وقومياً فحسب بل هو

واجب ديني شرعي أيضاً، فقد دعا سماحة الشيخ ابن باز - رحمه الله - إلى

مقاطعة الهند اقتصادياً وسياسياً [٢] كما أفتى فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين بوجوب

مقاطعة الهندوس لما سئل عن حكم استقدامهم والتعامل معهم؛ حيث قال:» ولا

يجوز إكرامهم ولا استخدامهم بما فيه إعزاز لهم مع وجود المسلمين الذين يقومون

مقامهم.. على المسلمين في كل البلاد أن يقاطعوا هذه الفئة من الهندوس والسيخ

ونحوهم من الكفرة ويقطعوا الصلة بهم.. ويردوا إليهم العمالة التي تعمل في بلاد

المسلمين حتى لا يعينوا الكفر على الإسلام، وذلك من الجهاد في إظهار الإسلام

وإذلال الكفر « [٣] .

إن الدول الإسلامية مسؤولة أمام الله - تعالى - عن تفريطهم في مساندة

إخوانهم في كشمير وفي الهند وهي قادرة على نصرتهم ضد ممارسات الهندوس

الإجرامية بالمقاطعة الاقتصادية.

إننا على يقين بأنه لو قامت الدول الإسلامية بمقاطعة المصنوعات

والمنتوجات الهندية وكذلك الشركات الهندية المختلفة، وطردت العمال الهندوس

وقذفت بهم إلى شوارع كلكتا ودلهي وبومبي (وأحلّتْ محلهم العمال المسلمين

من الهند وغيرها) فإن الهند تجثو على ركبتيها ذليلةً خاضعةً تطلب هي بنفسها

إجراء الاستفتاء في كشمير، ونكون بهذا قد نصرنا إخواننا في الله، وجنبنا المنطقة

حرباً خطيرةً - لا قدر الله - فالمقاطعة الاقتصادية وحدها تستطيع إجبار الهندوس

على الاستجابة لمطالب المسلمين، ومن كان عنده شك في ذلك فليجرب؛ والتجربة

خير برهان.

إن الحقيقة التي لا تحتاج إلى إثبات هي: أن قضايانا لن يحلها أحد سوانا،

وأن شرور الهندوس والصهاينة والصليبيين والشيوعيين واعتداءاتهم على المسلمين

لن يقهرها» شرعية دولية «ولا قرارات شجب واستنكار وإدانة وإنما تهزمها وحدة

المسلمين واتفاقهم ضد أعدائهم اقتصادياً ودفاعياً وتفوقهم التقني والعلمي والعسكري.

إننا ندعو إلى تعزيز دور منظمة المؤتمر الإسلامي وتفعيله، وإلى وجوب

الاتحاد والتعاون بين المسلمين في كل المجالات ولا سيما الاقتصادية والعلمية

والدفاعية.

والله من وراء القصد،،،


(١) مقابلة مع أليف الدين الترابي في مجلة الحرس الوطني العدد ٢١٠، رمضان ١٤٢٠هـ.
(٢) مجلة كشمير، العدد الحادي عشر والثاني عشر، رجب ١٤١٣هـ ص ٢٢.
(٣) بيان صادر عن جمعية الإصلاح في دولة الإمارات، دبي ٧/١٢/١٩٩٢م.