هل يستطيع الفلسطينيون انتزاع حقوقهم دون عناء أو مشقة؟! وهل يمكن أن تنتصر الدعوات بغير البذل والتضحية والثبات على الحق..؟!
إنها سنَّة ثابتة لا تتبدل ولا تتغير، جاء بيانها في قول الله ـ عز وجل ـ:{الم* أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}[العنكبوت: ١ - ٣] .
إذن هو الابتلاء الذي تُمتحن فيه الأمة، وتتميز فيه الصفوف!
إنه طريق طويل فيه من الشدّة واللأواء والجراحات الشيء الكثير، ولا يقوى على تحمل آلامه وعنته إلا المخلصون من أولياء الله.
المخلصون الذين أيقنوا بموعود الله لهم، فبذلوا نفوسهم رخيصة في سبيله ـ عز وجل ـ لا يتطلعون إلى مغنم أو جاه أو شرف شخصي، بل يرجون ما عند الله والدار الآخرة.
ومن حكمة الله ـ عز وجل ـ أن هذا الطريق لو كان يسيراً هيناً لتكاثر فيه المتسابقون من طلاب الدنيا، ولتزيَّن به أقوام من أصحاب الأهواء، وصدق المولى ـ جلّ وعلا ـ:{لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لاَّتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ}[التوبة: ٤٢] .
ونحسب أن الأسرى والأسيرات الفلسطينيين في سجون العدو اليهودي ممَّن ضرب أروع الأمثلة في الثبات والصبر والعض على الدين بالنواجذ، بعيداً عن المزايدات السياسية، أو الادعاءات الحزبية.
وهذا الملف إضاءة يسيرة على جزء محدود من قضيتهم، نسأل الله ـ تعالى ـ أن يربط على قلوبهم، ويثبت أقدامهم، وينصرهم على القوم الكافرين.