مقابلة
أمين مكتب الإعلام
في حركة الجهاد الإسلامي الإريتري
يتحدث إلى (البيان)
د. مالك الأحمد
أجرى الدكتور مالك الأحمد مندوب مجلة (البيان) مقابلة مع الأخ آدم ...
إسماعيل أمين مكتب الإعلام في حركة الجهاد الإسلامي الإريتري ودارت المقابلة
حول الوضع العام على الساحة الإريترية.
* حبذا لو عرفتم قراء مجلة (البيان) بإريتريا وأهميتها وسكانها؟ . ...
تقع إريتريا في أقصى الساحل الغربي للبحر الأحمر جنوباً، وتعتبر بوابته
الرئيسية، ويحدها السودان غرباً وأثيوبيا جنوباً. ولهذا الموقع أهمية بالغة لأنها
تعتبر جزءاً من القرن الإفريقي وبوابة شرق إفريقية، فضلاً عن قربها من
المقدسات الإسلامية ومنابع البترول، وأغلب السكان مسلمون، واللغة العربية
أساسية عندهم، وهناك قلة من النصارى والوثنيين. وقد دخلها الإسلام مبكراً من
الهجرات الأولى للصحابة، وكانت منطلقاً لنشر الإسلام في إفريقية.
* كيف وقعت إريتريا فريسة للاستعمار وأصبحت جزءاً من الإمبراطورية
الحبشية؟
كانت إريتريا جزءاً من الخلافة الإسلامية حتى نهاية القرن التاسع عشر حيث
ضعفت الخلافة فوقعت البلاد بأيدي الاستعمار الإيطالي الذي سعى لنشر النصرانية
في البلاد، وبعد الحرب العالمية الثانية وانهزام إيطاليا حل الاستعمار البريطاني
محله وفرضت الدول الغربية في عام ١٩٥٠م الفيدرالية؛ حتى ضُمَّتْ إريتريا
المسلمة لأثيوبيا النصرانية، وقام هيلاسيلاسي باضطهاد المسلمين وإلحاق البلاد
بأثيوبيا متعاوناً مع نصارى إريتريا الذين كان لهم دور هام في ذلك مما أثمر
انتفاضات شعبية إريترية أعقبها قيام جبهة التحرير الإريترية التي تسعى لاستقلال
إريتريا.
* كيف برزت الجبهة الشعبية وسيطرت على مقاليد الأمور في البلاد؟ .
في بداية السبعينيات طغت الصراعات الحزبية، وانحرفت جبهة التحرير عن
مسارها، ودخل العلمانيون فيها مما أثمر عدة تنظيمات أبرزها وأقواها الجبهة
الشعبية التي انفردت بالساحة بعد تصفيات ومعارك مع التنظيمات الأخرى،
وسيطر النصارى على مقاليد الجبهة الشعبية وعلى رأسها أسياس أفورقي، وسعى
لتخريب البلاد وإفسادها وإذلال المسلمين ومحاربة دينهم وتجنيد الفتيات ونشر
الرذيلة.
* كيف تأسست حركة الجهاد الإسلامي الإريتري؟ .
بعد أن خلت الساحة للجبهة الشعبية الصليبية التوجه، والتي أصبحت رديفاً
للعدو الأثيوبي في معاناة الشعب الأثيوبي - سعى المسلمون ووحدوا صفوفهم
وأعلنوا ميلاد حركة الجهاد عام ١٤٠٩هـ لحماية المسلمين وأعراضهم ورد الظلم
عنهم، ومواجهة الجبهة الشعبية ابتداءً ثم العدو الأثيوبي لاحقاً، وبحمد الله فقد
حققت الحركة الكثير من الإنجازات خلال الأعوام السابقة سواء في الجوانب
الدعوية أو الجهادية ضد الجبهة الشعبية.
* ما هو منهج حركة الجهاد؟
تتبع حركة الجهاد المنهج الإسلامي كما هو في الكتاب والسنة، وعلى فهم
السلف الصالح وعقيدتها سلفية بحمد الله، وتؤمن بأهمية التربية الشاملة للمسلم كي
يؤدي دوره في الحياة وتسعى الحركة لإقامة دين الله مستخدمة الوسائل الممكنة ومنها
الجهاد في سبيل الله.
* ما هي أوضاع إريتريا الحالية وهل استقلت؟ .
عندما ضعف (منغستو هيلا مريام) وفشل في تنفيذ الدور المطلوب،
ضغطت الدول الغربية والعرَّابان: كارتر وكوهين، وتم الاتفاق على تنازله عن
السلطة (١٩٩١م) . وتسلمت الجبهة الشعبية السلطة في إريتريا والجبهة المتسلطة
في أثيوبيا، وهما جبهتان نصرانيتان متحالفتان ضد المسلمين، وأعلنت الجبهة
الشعبية أنها ستقوم باستفتاء شعبي حول الاستقلال (رغم أن هدف الجبهة المعلن هو
الاستقلال) .
* ما هو الوضع الاجتماعي والاقتصادي الحالي في البلد بعد سيطرة الجبهة
الشعبية؟ .
الوضع متدهور على كافة الأصعدة، فاقتصادياً هناك فقر شديد بسبب سياسات
الجبهة وإقصائها للتجار، كذلك الوضع سيء للغاية اجتماعيا؛ فالفساد الإداري
يضرب أطنابه في البلاد، وهياكل الدولة مهترئة مما شجع اللاجئين على عدم
العودة إلى بلادهم، بل اضطر بعض الناس للهجرة ثانية بعدما رأوا سوء الأوضاع.
* هناك أخبار عن دور خبيث للجبهة ضد المسلمين داخل البلاد؟ .
هذا الأمر واضح للعيان، فمحاربة الجبهة للإسلام تتم على كافة الأصعدة في
الإعلام، والمدارس، والقوانين، وكذلك نشر الفساد الأخلاقي كالبارات وبيوت
الدعارة، وإثارة النعرات القبلية، وتوزيع أراضي المسلمين على النصارى
لاستثمارها، وتسهيل تجنيس النصارى من (التغراي) وأثيوبيا لتغيير التركيبة
السكانية بحيث تتحول الأكثرية إلى نصارى فضلاً عن إحلال (اللغة التغرانية) محل
العربية كلغة رسمية في البلاد.
* ما هو الوضع السياسي العام في إريتريا الآن؟ .
الحاكم الآن في البلاد هو الجبهة الشعبية بمشاركة بسيطة وغير مؤثرة من
التنظيمات العلمانية الأخرى، وعلقت استقلال البلاد باستفتاء شعبي، وربطت البلد
بأثيوبيا تماماً وأطلقت لها حرية التصرف في ميناء مصوِّع الحيوي لإمدادها
بحاجاتها.
* على الصعيد العربى والإسلامي ما هي علاقات النظام الحاكم الآن بهذه
الدول؟ .
تنكرت الجبهة الشعبية للدول العربية التي ساندتها سنين طويلة وأمدتها بالدعم، بل وأصبحت تعاديها جهاراً وتسبها بالإذاعة وتنفي صلة البلد بالعروبة والإسلام
كاشفة وجه الجبهة الشعبية الصليبي..
* هل لكم أن تحدثونا عن العلاقات اليهودية مع نظام الجبهة الشعبية؟ .
علاقات الجبهة مع اليهود أصبحت معلومة ومكشوفة، وهي تبررها بأن وجود
علاقات طبيعية بين بعض الدول العربية (مصر) مع كيان (إسرائيل) مبرر كافٍ
لأن تقوم هي بذلك، والحقيقة أن مبعث هذه العلاقة هو الخطر الإسلامى المشترك،
وإريتريا مدخل البحر الأحمر وبالتالي تحولها إلى منطقة إسلامية صرفة يهدد أمن
دويلة (إسرائيل) ؛ لذلك قامت دويلة (إسرائيل) باستئجار جزر (دهلك) في مدخل البحر الأحمر حيث موقعها الاستراتيجي، وبدأت في إقامة مطار عسكري على أعلى هضبة تطل على البحر الأحمر؛ حيث الموقع الحساس والخطير، وزارها أسياس أفورقي بدعوى العلاج للتمويه والتضليل واستقبلت مجموعة كبيرة من المتدربين وأرسلت خبراء لمعاونة الجبهة في قمع (الإرهاب) .
* هل للجبهة الحاكمة توجه صليبي بارز في المنطقة؟ .
نعم وهي تعمل جاهدة لتوطيد النصرانية في المنطقة، وفتحت الباب على
مصراعيه للمنظمات التبشيرية التنصيرية (٨٠ منظمة) في الوقت الذي منعت جهود
منظمات الإغاثة الإسلامية، وتقوم باستقدام النصارى من المناطق المجاورة
وتعطيهم الأراضي والقروض لتوطينهم، كذلك تقوم باعطاء المناصب الحساسة
للنصارى، وتضغط على المسلمين كي تضطرهم لترك البلاد، وتنسق بقوة مع
نصارى أثيوبيا؛ حيث العمق الصليبي وتتعاون مع أجهزة الاستخبارات الغربية
وتقدم لهم المعلومات وتحصل منهم على المساعدات الاقتصادية للتمكن من السيطرة
على البلد بالقوة.
* علاقة الجبهة مع السودان محل تساؤل واستغراب فما تفسيركم لهذه
العلاقة؟.
العلاقة بين السودان والجبهة الشعبية - في الأساس - علاقة مصالح مشتركة، فالسودان يعاني من ضغوط (قرنق) والذي استفاد كثيراً من أثيوبيا وكذلك إريتريا ...
كمنطلق لتحركاته العسكرية، فاتفق السوادن مع إريتريا وأثيوبيا بعدم تقديم أي من
الجهات دعماً لجهات معارضة، ومن هذا المنطق ضغط السودان على حركة الجهاد
كي تخرج من السودان تنفيذاً لهذا الاتفاق، ولا شك أن الإخوة في السودان أخطؤوا
التقدير، فبينما لا يرتدع النصارى عن نقض الاتفاقات يقع الظلم على المسلمين
الإريتريين، ويظهر أن تقدير السودان في أن يحتوي الجبهة وينشر الإسلام في
إريتريا سلمياً كان في غير محله، حيث كشرت الجبهة عن أنيابها الصليبية وقاومت
كل الجهود الإسلامية، بل حدث أنها طردت سفير السودان لأنه أقام مآدب إفطار
للمسلمين.
* ما هو الوضع العسكري لحركة الجهاد؟ .
الحمد لله الوضع العسكري جيد، ولقد تغيرت الاستراتيجية السابقة المعتمدة
على الحرب الشاملة وتحولنا إلى حرب العصابات؛ حيث أثبتت الأيام جدواها
خصوصاً لوضعنا، وكان ضغط السودان علينا للخروج - وإن كان محل سخط -
فقد كان له أثر طيب فأصبحنا نعتمد - بعد الله - على أنفسنا وطاقاتنا واستطعنا
الوصول إلى الشعب في الداخل، وسيطرنا على مناطق كثيرة من الريف (٦
محافظات من أصل ٨ محافظات) ، بل استطعنا الوصول إلى الساحل الشمالي للبحر
الأحمر؛ حيث أهميته كبيرة. وحققنا انتصارات طيبة في الفترة الأخيرة، ومنها
انتصارات هامة في رمضان، ومعنويات مقاتلينا - بحمد الله - عالية بعكس مقاتلي
الجبهة الشعبية حيث بدؤوا الفرار من جيشهم، وإذا سمعوا بقرب وصول قوات
الحركة يفرون من المنطقة؛ لأنهم يقاتلون من أجل الدنيا ونحن نقاتل من أجل
الآخرة. وبدأ الشعب يلتف حول الحركة في الداخل، وازدادت قوافل المجاهدين
الذين ينضمون للحركة.
* هل لكم جهود دعوية خلاف جهودكم العسكرية؟ .
جهودنا في ميدان الدعوة هي الأساس وآثارنا ملموسة في أوساط اللاجئين
الإريتريين في السودان؛ حيث نقوم بتعليمهم وتربيتهم وإعدادهم للجهاد، وانطلقنا
أخيراً في قوافل لنشر الدعوة في أوساط الشعب في داخل البلاد ووجدنا - بحمد الله
- قبولاً من الناس.
* هل لكم مكاتب تمثيلية في الخارج؟ .
نعم لنا مكاتب في بعض دول الخليج، وكذلك في بعض الدول الأوريية
وأمريكا وكندا وأستراليا، وحيث يوجد مهاجرون إريتريون فلنا وجود معهم إعلامياً
ودعوياً بفضل الله.
* أخيراً ما هو مستقبل الأوضاع - في نظركم - في إريتريا؟ .
المنطقة بأكملها مقبلة على أوضاع صعبة وخطيرة؛ فالمد الإسلامي في
المنطقة من الصومال جنوباً إلى السودان غرباً يقضّ مضاجع اليهود والنصارى،
لذلك سارعت دولهم إلى إيجاد موطئ قدم لهم في الصومال وأثيوبيا وإريتريا فضلاً
عن المناطق ذات الوجود الغربي الكثيف سابقاً مثل كينيا، وأرسلت مجموعات من
الخبراء والباحثين لدراسة الظاهرة الإسلامية في المنطقة، واقتراح أفضل السبل
لمقاومتها وتحجيمها. كذلك من وسائلهم إثارة الفتنة والقلاقل كمبرر مستقبلي للتدخل
المباشر في شؤون المنطقة، وإثارة ما يسمى حقوق الإنسان عندما تستدعي الأمور
ذلك.
أما مستقبل الأوضاع داخل البلاد - في ظني والله أعلم - أن التعددية
السياسية مرفوضة من الجبهة الشعبية نظراً للثقل الإسلامي في البلد ونظام الجبهة لا
يمتلك مقومات البقاء؛ فالتصدع داخل الجبهة بارز والعجز الإداري وغياب
الأرضية الشعبية فضلاً عن صحوة الشعب والتفافه حول حركة الجهاد، والعاقبة
أخيراً للمتقين إن هم ساروا على المنهج وصبروا عليه؛ [ولَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا
المُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ المَنصُورُونَ * وإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الغَالِبُونَ] [الصافات: ١٧١-
١٧٣] .
* هل من كلمة أخيرة؟ .
أدعو من خلال مجلتنا (البيان) إخواننا المسلمين لدعمنا ودعم الجهاد؛ قال
تعالى: [وَإنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ
واللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ] [الأنفال: ٧٢] ، وقال -صلى الله عليه وسلم-: «من
جهز غازياً في سبيل الله فقد غزا، ومن خلف غازياً في أهله فقد غزا» متفق عليه، وأملنا كبير بدعم إخواننا بالدعاء والنصح والمال، وفق الله الجميع لما يحبه
ويرضاه.