للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الإعلانات التجارية]

عثمان بن محمد الخنين

يعمد كثير من التجار إلى الإعلانات عن بضائعهم ومحلاتهم بوسائل إعلامية

مختلفة ولكن - ومع بالغ الأسف - لا تخلو كثير من تلك الإعلانات من مخالفات

شرعية: بالإضافة إلى الكذب والتمويه وإغراء الناس - وخاصة النساء والأطفال -

لدفعهم لشراء ما لا يحتاجون.. فكثير من الإعلانات تحاول تحويل الأشياء المعلن

عنها إلى ضروريات أو لا غنى عنها هذا على الرغم من تفاهتها أو قد يستغنى عنها

بغيرها.

ومع الأسف ففي كثير من الأحياء يكون الإعلان على حساب المستهلك بدليل

أن البعض يزيد في قيمة السلعة المعلن عنها. كل ذلك مخالفات يرتكبها بعض

التجار وكأنه يريد أن يستهلك أموال الناس بطرق ماكرة وملتوية ومحرمة.

أيها التجار الكرام يقول الأخ إبراهيم بن محمد في كتابه (آداب التاجر

وشروط التجارة) : (وليست التجارة انتهاباً واستغلالاً لحاجة المجتمع بالمكر

والخداع والأيمان الكاذبة وأساليب الترويج المغرية المضللة كما أنها ليست وظيفة

مالية مهمتها إنماء الثروة الاقتصادية فحسب. ولكن التجارة في الإسلام: خدمة

اجتماعية تعاونية للمجتمع الإسلامي في المقام الأول يجب أن تكون مشمولة دائماً

بالصدق والأمن حتى تؤتي ثمارها المرجوة من تيسير حياة المسلمين ودفع المشقة

عنهم.

وإذا صحت نية التاجر وقصد بتجارته منفعة المسلمين بأداء هذه الفريضة

الكفائية مع سعيه لطلب الرزق الحلال يحفظ به نفسه ويصون به أسرته، كانت

التجارة في حقه ليست مجرد بيع وشراء، بل صارت تجارته تعاملاً مع الله -

سبحانه وتعالى - فهو يشتري ثواب الله - عز وجل - بالأعمال الصالحة.

فالمسلم في تجارته يقدم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، وحينئذ

فقصده نفع نفسه فرع من قصده النفع العام، وذلك من شأنه أن يرتب الكثير من

النتائج إذا ما تعارضت مصلحته الشخصية مع المصلحة العامة، ومن شأنه أيضاً

أن يبرز العنصر الأخلاقي في المعاملات الإسلامية ويضعه في المقام الأول وذلك

مثل التزام الصدق، وحسن المطالبة، وحسن الأداء واعتبار القرض قربة إلى الله

- عز وجل - ذلك من الأمور التي تحث عليها الشريعة ... ) .

أيها الإخوة إن العاقل الواعي الفطن لا تنطلي عليه مثل ذلك الإعلانات

المخالفة للشرع، المتضمنة للكذب والتهويل والمبالغة، إنه ينظر أولاً إلى حكم

شراء تلك البضاعة واستعمالها، ثم ينظر إلى مدى أهميتها وإلى جودتها ثم إلى

ثمنها، ينظر إلى ذلك كله ثم يقرر شراءها أو عدمه، وإذا اشتراها وجربها يقرر

إن صلحت استمر في شرائها وإلا فلا. هكذا يتعامل المسلم العاقل حيث يضع

الأمور في نصابها دون النظر في الإعلانات والدعايات.

فيا أيها التجار اتقوا الله وراقبوه في كل ما تقولون أو تعملون، والله الهادي

إلى سواء السبيل.