هل يخون الغرب نفسه؟ [*]
مقابلة مع علي عزت بيكوفيتش
ترجمة: أحمد العبدة
هل تعتقد أن شيئاً قد تحقق في مؤتمر لندن الأخير؟
أقل مما توقعنا وما تمنياه. ولكن تحقق بعض التقدم.
هل لديك شك في عزم الغرب على تنفيذ الاتفاقية التي أقرت هنا؟
نعم، لقد فوجئنا بنقص رغبة الغرب السياسية في الحل وأحزننا ذلك.
هل تشعر أنك قد خذلت من قبل الغرب؟
إلى حد ما، نعم. إنه ليس خذلاناً لأمانينا بقدر ما هو خذلان للغرب نفسه.
لقد خذل الغرب مبادئه. إن من حسن حظ الغرب أنه لم يتردد في بداية الحرب
العالمية الثانية كتردده الآن. لو أنهم ترددوا حينئذ لما دخلوا الحرب. ولكنا لا زلنا
نعيش تحت الحكم النازي إلى يومنا هذا.
إن الصرب يسيطرون على ٧٠% من أراضي البوسنة، ألا تعتقد أنك ... ستكون مفاوضاً من موقف ضعيف جداً في المحادثات القادمة في جنيف؟ ...
أولاً: إنهم لا يسيطرون على ٧٠%، إنهم يسيطرون على حوالي ٥٠%.
ثانياً: صحيح أننا في موقف صعب؛ لكنهم هم أيضاً في موقف صعب، لقد تعبوا من الحرب، خسروا الحرب السياسية في الداخل والخارج، وخسروا من الناحية المعنوية لأنهم ارتكبوا كثيراً من الجرائم. جرائم بشعة. من الناحية العسكرية نحن مشلولون من ناحية التسليح، لكنهم مشلولون نفسياً.
إذا انتهت الحرب، وعادت البوسنة إلى حدودها قبل الحرب، كيف يمكن ... التعايش بين الصرب والكروات والمسلمين في أرض يقتل فيها الجار جاره؟ ...
كان الهدف الأساسي لكاراديتش قائد الصرب في البوسنة تحطيم الحياة
المشتركة في البوسنة. لقد عشنا جميعاً مئات السنين في البوسنة والهرسك. أكثر
من ٨٠% من أراضينا تقطنها جماعات مختلطة، مسلمون، صرب، كروات،
وغيرهم. لقد اعتقدنا دائماً أن هذا ميزة مهمة لنا. وسنبقى حاملين هذه الفكرة ما
دمنا ننظر للموضوع من منظار القرن الحادي والعشرين، ولكن الأمر غير ذلك
بالنسبة لهؤلاء الذين يعيشون بعقلية القرون الهمجية. لهذا قاموا بهذه العملية التي
سموها التطهير العرقي، فبذروا الكراهية، وقتلوا الناس، محاولين التفريق
والشرذمة وإقناع الجميع بأن الحياة المشتركة أصبحت مستحيلة.
هل نجحوا في ذلك؟
للأسف، لقد نجحوا جزئياً، حيث يتساءل الطيبون بينهم وبين أنفسهم ما إذا
كان التعايش لا زال ممكناً. لكن هناك فرق بين قاطني الأرياف وسكان المدن، ففي
مدننا ما زال الاعتقاد شائعاً أن التعايش ممكن، ولا غرابة في ذلك حيث الناس
متعلمون أكثر، وهذا يمثل الأمل للتعايش المستقبلي.
ما هي مصادر أسلحتكم؟
نحن نشتريها من أي عارض لنا، هذا ما أستطيع أن أقوله.
هناك تقارير عن مساعدات من دول إسلامية، تشتمل على المال والسلاح بل حتى مقاتلين، هل هذا صحيح؟
هذه إشاعات، لكننا نقبل المساعدات من أي جهة، فلماذا إذن لا نقبلها من
الدول الإسلامية؟ ! لكن لم يصلنا من الدول الإسلامية إلا مساعدات إنسانية.
هل المجموعة الأوربية صديق للبوسنة؟
أعتقد أن أوربا فوجئت لما يحصل في البوسنة والهرسك. بتسلط صربيا،
ولكن أريد أن أؤكد على إن الإجرام الذي نتعرض له هو نتاج أوربي إلى حد ما.
إنه خليط مؤسف من الفاشية والاشتراكية اللتين ولدتا في أوربا.
ما نوع صداقة الولايات المتحدة لكم؟
المشكلة أن منطقتنا ليست ذات أولوية للولايات المتحدة، أولوياتهم هي:
الشرق الأوسط، الشرق الأقصى، أميركا اللاتينية، وليس بلدنا. وهذا هو سبب
المأساة الحالية التي كان يمكن أن لا تحدث لو تدخلت الولايات المتحدة في وقت
مبكر.
هل تعتقد أن حرب عصابات موسعة من قبل البوسنة ستعيدها إلى حدودها ...
الأصلية؟
لماذا تسميها حرب عصابات. نحن نحاول تشكيل جيش نظامي، فحوالي
نصف السكان موالون لنا، لأن أراضينا أكثر نظاماً وأمناً من مناطقهم. والمناطق
التي على ضفاف نهر البوسنة هي من أكثر المناطق تطوراً من الناحية الصناعية.
ولدينا الفرصة لتشكيل جيش نظامي.
هل الوقت متأخر لمنع انتشار هذه الحرب؟
لا، الوقت ليس متأخراً، لا أظن أن هذه الحرب ستتسع، خصوصاً إذا
طبقت القرارات التي اتفق عليها أمس (أي في مؤتمر لندن) .
هل بالإمكان تطبيق القرارات بدون التهديد بالقوة العسكرية؟ ...
عندي شك عميق في ذلك، ولكن في رأيي إن المجتمع الدولي لم يقل كلمته
الأخيرة في هذه المشكلة. ولم يستبعد الخيار العسكري قطعياً. أعتقد أن المجتمع
الدولي من خلال قراراته بالأمس قد قام بخطوة أخيرة لمنع انهيار الوضع، ولم
يستبعد - في حالة عدم التطبيق - حتى الخيار العسكري.
(*) عن نيوزويك، عدد أيلول ٧ (سبتمبر) ١٩٩٢.