الصفحة الأخيرة
[الفنادق]
عبد القادر حامد
أصبحت الفنادق تلعب دوراً مهماً في حياة البشر اليوم، فقد تحولت إلى
ساحات معارك، وأصبحت الأمور المستعصية على الحلول تحسم فيها، فمنها
تخرج الأسماء الطنانة، وفي دهاليزها تلتقي الشخصيات المهمة، ومن قاعات
مؤتمراتها تصدر التصريحات والبيانات التي تحدد مصائر الشعوب، وفي أجنحتها
تصنع الأسماء والبطولات، وهي تصنع الشهرة لأنواع مختلفة من الناس:
سياسيين، رجال علم، فنانين، ممثلين، مهرجين، قادة منظمات وهمية، ممثلي
شركات ومراكز لا وجود لها ...
ومازالت الفنادق تلح بسحرها وإغرائها حتى جذبت إليها (دعاة الصحوة) ،
فأصبحت ترى بين المترددين على هذه الفنادق لحى، وعمائم، وطيلسانات،
وقفاطين وجبب، وأقبية، تخب السير وتلهث حاملة جوازات السفر المختلفة
الأشكال والألوان، وتبرز من بين صفحاتها تذاكر الطائرات؛ فهذا مؤتمر بالمشرق، وذاك مؤتمر بالمغرب، وآخر في أوربا ورابع في أمريكا، وخامس، و ...
الجهاد يبدأ وينتهي بالفنادق، وأمور المسلمين تناقش بين الموائد العامرة، والأجنحة
المحجوزة! وتسأل عن الثمار؟ ! (علينا أن نعمل، والنتائج على الله!)
هناك نتائج مادية وعملية، فالصعوبات الشخصية تذلل، والاختلاط بأصحاب
الرأي وذوي المكانات مفيد! وذوو المكرمات لم ينقطعوا، وكيف ينقطعون والدعاة
إلى الله يدعون لهم بأن يطيل الله أعمارهم، والله يجيب المضطر إذا دعاه، والدعاة
مضطرون..!
لقد آل الأمر بهؤلاء الدعاة إلى أن كل صاحب قضية عادلة أو ظالمة أصبح
يستعين بهم على تزيين حجته، وأصبحوا مثل الشهود الذين كانوا يرتزقون من
مكوثهم أمام المحكم ليشهدوا على قضايا لم يشهدوها.
أي صحوة هذه التي رجع الحال بكثير من منظريها إلى أن يشهدوا الزور
ويشهدوا به؟ !