نص شعري
[زوجة الأسير]
سالم بن جروان العيسى
مَدَّتْ يَدَيْهَا تَسْأَلُ العَلاَّما ... وتَبُثُّ في غَسَقِ الدُّجَى آلامَا
وَتَجرَّعَتْ عَبْرَ السِّنينَ مَرارةً ... وَبَنى الأَسى في وَجهِهَا أَهْرَامَا
ذابَتْ حُشَاشةُ قَلْبِها مِمَّا رَأَتْ ... فَغَدتْ تُعاني شِدَةً وسِقَامَا
ذكَرتْ شَريكَ حَيَاتِها فَاسْتَرْجَعَتْ ... أيَامَ أُنْسٍ قَدْ غَدَتْ أَحْلامَا
وتَذكَّرتْ عَهْداً مَضى فَتدفَّقتْ ... منها الدُّموعُ على الخُدودِ سِجَامَا
نَظرتْ لِطفْلَتِها الَّتيْ لَمَّا تَزَلْ ... في كلِّ وقتٍ تَطْرحُ اسْتِفْهامَا
أُمَّاهُ أيْنَ أبي تَأَخَرَ مَا لَهُ ... لَقد انتظرتُ قُدومَهُ أَيَّامَا
أُمَّاهُ هَلْ يأتي لنا بَهديَّةٍ ... أَوْصِيهِ أنْ يأتي بها (يا مَامَا)
فَتُجيبُها والهمُّ يَعصِرُ قَلبَهَا ... وبِجَوفِها نَارٌ تزيدُ ضِرامَا
عَمَّا قَريبٍ يا بُنيَّةُ عَائدٌ ... وجوابُها قَدْ يشتكي الإِبْهَامَا
فَتعُودُ للمَلِكِ القويِّ وأرسَلَتْ ... عَبْرَ الفَضاءِ من الدُّعاءِ سِهامَا
تشكو إلى الرَّحمنِ ما قد نَالها ... من ظالمٍ قد أدمن الإِجرامَا
ربَّاهُ يا ذا البَطْشِ فاحكم بينَنَا ... ربَّاهُ إنَّا نشتكي الظُّلاَّما
دعواتُها سارتْ وهم في غفْلةٍ ... ناموا ولكِنْ ربُّها مَا نَامَا
قدْ يُمهِلُ الطَّاغي فَيَعْدُو قَدْرَهُ ... ويَمُدُّ ليلَ ظلامِهِ أعْوَامَا
وَيصُولُ مَزْهُوّاً بِما قدْ نالَهُ ... ويُثيرُ لِلرُّعْبِ البَغِيضِ قَتَامَا
ويَسُلُّ سَيفَ القهرِ ما بين الورى ... ويُحِلُّ مِنْ حُرِّ الدِّماءِ حَرَامَا
ويُعَاقِبُ الآلافَ دونَ جِنَايةٍ ... وبِغَيرِ ذَنْبٍ يُطْلِقُ الأَحكَامَا
فَإِذا أتى يومُ الحِسابِ تَبدَّلتْ ... تلك الحَياةُ وأَعْقَبتْ إِيْلامَا
وكأَنَّهمْ ما سُلِّطُوا يوماً ولا ... ملكوا الرِّقابَ وطوَّعُوا الإِعْلامَا
والظُّلمُ مهما اشتدَّ يوماً وطؤهُ ... أو طالَ كانَ مصيرُهُ الإِرْغَامَا