نجوى القلم..
عبد الله موسى بيلا
قلمي يئنُّ لوطأة الأحزانِ يبكي فيُوهِنُ بالخُطوبِ بياني
فمِدادُه ألمٌ بِمحبَرِة الأسى
قِرطاسُهُ سِفرٌ مِنَ الأشجانِ
لمَّا مددتُ يدي إليه كأنني
أشفي بذا الشعرِ العليلِ جَناني
أو ربما أسلوبه عن حاضرٍ
قد دنَّسَ الأطهارَ بالأدرانِ
قال القُليمُ: إليكَ عني فابتعدْ
يا من تعيشُ بذِلَّةٍ وهوانِ!
ثم انزوى عني يُجلّلُهُ الضنى
وصريرُه يحكي بغيرِ لسانِ
وغدا يقولُ، وكُنتُ أُنصتُ قَولَهُ
مُتأَملاً عِبَراً بِه ومعاني:
البَس رِداءَ العِزّ يا أسد الشرى
واصبِر فأنتَ بأغرَبِ الأزمانِ!
زمنٌ بِه ذلَّ العزيزُ، وأصبحَ الـ
ـحُرُّ الأَبيُّ به منَ العُبدانِ!
ومشى العبيدُ بهِ على هاماتِهم
وَمْضُ الجُمانِ، ورونقُ التيجانِ
والحُرُّ ليس لهُ بقايا عِزَّةٍ
إذ باعَها، وبأبخس الأثمانِ!
لكن.. رأيتُك يا أخي حُراً تَذودُ
عنِ الحنيفةِ أعظَمَ الطُغيانِ
ومُجاهداً ترنُو إلى قِمَمِ العُلا
ومُناضِلاً بالصبر والإيمانِ
ما ضرَّ عزمَكَ أن تَصاغَرَ عزمُنا
عن كُلِ فِعلٍ صادِقٍ، وبيانِ
فرَسَمتَ في بغداد أجمَلَ لوحةٍ
مصبُوغةٍ بدَمٍ طَهُورٍ قانِ
قد صُنتَ عرِضَ الدينِ عن دَنَسِ الأُلى
نَهَجُوا طريقَ الكُفرِ والشيطانِ
وَرَموا بِزُور القولِ دينَ محمدٍ
إذ ألبَسُوه غلالَة البُهتانِ
فأتيتَ يا أسدَ الوغى مُتوشِحاً
سيفاً تصُونُ به حِمى القرآنِ
ما كُنتَ إلا بالحُقوقِ مُطالباً
حتى تُقيمَ شوامِخَ البُنيانِ
حرّيةُ الإنسانِ حقٌّ لازِمٌ
قد أحْكَمتهُ شريعةُ الرّحمنِ
حرّيةُ الإنسانِ أوّلُ مَطلبٍ
نادى بِه الإنسانُ للإنسانِ
حرّيةُ الإنسانِ أنْ يحيا على
ما شاءَ مِن نهْجٍ بِغيرِ هوانِ
والدينُ لا إكراهَ فيهِ إذا انتهى
عن ظُلمِ أهلِ الدينِ كلُّ جبانِ
الغربُ نادى بالحُقوقِ بِزعمِهِ
للإنسِ والأشجارِ والحيوان!
أينَ الحُقوقُ؟ وأينَ زعمُهُمُ الذي
أمسى دَفينَ دفاتِرِ النسيانِ؟
يُعطي الحقوقَ لكل شعبٍ كافِرٍ
ويَغُضُّ طرفَ الجَوْرِ عن إيماني
يا مَن رفعتُم للتَحرُّرِ رايةً
خَفَّاقةً بالدينِ في الشيشانِ!
صُونُوا حِمى أُسدِ الوغى بِجهادكُم
وامضُوا لِرَبٍ راحِمٍ، وجِنانِ!
النصرُ لاحَ وسوفَ تُشرقُ شمسُكُم
لِتُزيلَ ليلَ الكُفرِ دونَ تواني
والحقُّ يُوشِكُ أن يعُودَ لأَهلِهِ
وَلَسَوفَ تُغْلَقُ صفحةُ الأحزانِ