للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المنتدى

[الخطيب والمنبر]

جابر الراشد الفهيد

لله كم للمنبر في نفوس المسلمين من هيبة وجلالة عظيمة! ما إنْ يتصور

الشخص نفسه خطيباً قد ارتقى المنبر حتى تصيبه قشعريرة تهتز لها جميع أعضائه

وأطرافه.

فالمنبر مرتقيً صعب، وموطئ شريف، ولذلك حق لعبد الملك بن مروان

حينما قيل له: عجَّلَ عليك الشيب، فقال: كيف لا يعجل عليَّ وأنا أعرض عقلي

على الناس في كل جمعة مرة أو مرتين؟ ! [١] .

لقد كانت علاقتنا مع المنبر قديمة، ولكن ما إن جاء المبعوث عليه الصلاة

والسلام - حتى كان له شأن آخر، حتى يقول عنه أحد علماء الغرب: (ليس

العجيب أن يبعث بعد الأربعين فيكون أفصح فصيح، وأعظم مفتٍ، وأقوى قائد في

العالم) لقد كان صلى الله عليه وسلم أعظم خطيب طرق أسماع العالم وفيه يقول

أحمد شوقي:

وإذا خطبت فللمنابر هزة ... تعروا الندى وللقلوب بكاء

فلم يقف على منابر الدنيا أفضل من الرسول صلى الله عليه وسلم، كان

يخطب وكأنه منذر جيش يقول (صبَّحكم ومسَّاكم) فيعظ القلوب ويستثير الهمم

ويحرك المشاعر. إننا بحاجة إلى الخطيب المؤثر والخطيب المفكر.

(ألا ليت المنابر الإسلامية لا يخطب عليها إلا رجال فيهم أرواح المدافع لا

رجال في أيديهم سيوف من خشب) [٢] .

فالمنبر سلطة دعوية قوية، ومركز كبير قوي، وقد تركه صلى الله عليه

وسلم للمسلمين بمبدأ الشريعة، فإذا حسن استغلاله وكان الداعية بصيراً حكيماً

وصل إلى قلوب الناس.

فحقيق على الخطيب أن يتكلم عن موضوعات الإسلام، ويعطي كل مسألة

حجمها؛ لأن الناس أتوا يوم الجمعة ليسمعوا حلولاً لمشاكلهم وأطروحات لما يحدث

في مجتمعاتهم [٣] .


(١) عيون الأخبار (٢/٢٨٢) .
(٢) وحي القلم: الرافعي (١/٣٥) .
(٣) بتصرف من مجلة المجتمع (٩٠٢/٥٠) .