للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجزائر

هل استقر الأمر للعسكر في: الجزائر

علقت صحيفة The SundayTimes الصادرة بتاريخ ٢/٦/ ١٩٩٢ على ...

الوضع في الجزائر بقولها: (مادام الجيش في الشوارع والحالة غير مستقرة

فالغرب لن يقدم الدعم المالي للمغامرة في الاستثمار، وإذا انسحب الجيش فلن

تستطيع الحكومة الاستمرار) وهذا الرأي تؤيده صحف غربية أخرى وبعض الصحف العربية، فهي معادلة صعبة بالنسبة للحكم في الجزائر، والحل العسكري لن يأتي بالطمأنينة والاستقرار، فالقضية ليست قضية (جبهة الإنقاذ) وإنما هي شعب يريد غالبيته الإسلام، فهي حالة مستعصية على العسكر، فالدين متجذر في قلوب الناس وهم يحاولون سلخ حياة الناس عن هذا الدين، ويخدعون أنفسهم بقولهم: إن المشكلة هي مشكلة اقتصادية، والناس أرادوا الإسلام بسبب الفقر والبطالة، وهذا ما تروجه الأحزاب العلمانية والعسكر الذين لا يفقهون طبائع الشعوب ولا التحولات التي جرت في السنوات الأخيرة.

نعم هناك مشكلة اقتصادية في الجزائر وفي أكثر بلدان ما يسمونه (العالم

الثالث) ولكن لو أن الشعوب تريد حل مشكلاتها الاقتصادية بأي ثمن وبسرعة

لاختارت الانحياز للغرب أو الدول الغنية والعيش على القروض والإعانات. ولكن

شعباً مثل شعب الجزائر عنده الاستعداد لأن يهلك جوعاً ولا يذل نفسه لأجنبي.

ومن ناحية أخرى هل تستطيع حكومة (غزالي) أن تحل هذه المشكلة، والغرب لا

يثق بهذا الوضع المضطرب وهل يحل الاستجداء مشاكل الشعوب؟ وهل كتب على

الجيوش العربية أن تكون أداة قهر وتسلط على الشعوب المسلمة التي دفعت من

جيبها ومن تعبها لبناء هذه الجيوش، هل كتب عليها أن تكون أداة رخيصة بيد

أعداء الإسلام؟ أليس فيهم رجل رشيد يرفض هذه المهمات القذرة مهمة إذلال الأمة

وضرب خيرة شبابها وصفوة علمائها حتى تعيش منهكة محطمة.

إن ما قام به الجيش هناك جعل بعض الفرنسيين الذين كانوا يخجلون من

أعمالهم الوحشية ضد الشعب الجزائري، يتراجعون الآن عن أقوالهم ويقولون:

هاهم يضرب بعضهم بعضاً بوحشية لا تقل عما فعلناه فليهنأ العسكر هذه الشماتة،

وهذا الانتصار على شعب أعزل، وهذا الانتصار على الشيوخ والأطفال والنساء

وعلى أهله وأقربائه، وإذا كان قد انتصر -بزعمه - فنحن نعتقد أنه انتصار مؤقت، وهو عملية عرقلة وتأخير فقط لقدوم الإسلام وتعبير الأمة عما تريده وتكنه من

حب لهذا الدين، وما تكنه من كره عميق لهؤلاء المسخرين لخدمة فرنسا وغير

فرنسا. وإذا كانت جبهة التحرير بتنظيمها السياسي ومن ورائها الجيش لم تستطع

حل مشكلة الجزائر وانفرط عقدها لأنها قامت على مذهبية مغايرة لعقيدة الأمة،

قامت على السلب والنهب لخيرات الجزائر؛ فهل يستطيع أفراد قليلون من الجيش

وغيره أن يستمروا في حكم الجزائر؟ ! لا أعتقد ذلك، وسيعلم الذين ظلموا أي

منقلب ينقلبون.