للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

متابعات

[الرد على الرفاعي]

فضيلة الشيخ الدكتور

صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان [*]

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه

والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فقد اطلعت على ورقات كتبها الأستاذ يوسف بن السيد هاشم الرفاعي بعنوان:

(نصيحة لإخواننا علماء نجد) وقدم لها الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي.

ومضمون هذه النصيحة هو الحث على التخلي عن التمسك بكتاب الله وسنة رسوله

صلى الله عليه وسلم، والأخذ بأقوال الفرق الضالة التي حذرنا الله سبحانه وتعالى

منها، بقوله تعالى: [واعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً ولا تَفَرَّقُوا] [آل عمران:

١٠٣] . وقوله: [ولا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا واخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ البَيِّنَاتُ

وأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ] [آل عمران: ١٠٥] ، وقوله تعالى: [وأَنَّ هَذَا

صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ ولا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وصَّاكُم بِهِ

لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ] [الأنعام: ١٥٣] ، وحذر منها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ... (فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من

بعدي تمكسوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل

محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار) .

وبقوله صلى الله عليه وسلم: (إن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي

محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة) .

وبقوله صلى الله عليه وسلم: (إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا:

كتاب الله، وسنتي) .

إن الرفاعي والبوطي يدعوان إلى ترك ذلك كله، والأخذ بما عليه الفرق

الضالة المنحرفة التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: (وستفترق هذه الأمة

على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة) وهي الفرقة المتمسكة بما كان

عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بخلاف غيرها من قبورية وصوفية

وجهمية ومعتزلة وغيرها. وهذا الافتراق هو الذي سبب التناحر والشقاق بين

الأمة. والبوطي والرفاعي يريدان للأمة البقاء على هذا الافتراق تحت مظلة اسم الإسلام. إنني تذكرت بتآمرهما هذا على من تمسك بالسنة وترك البدعة قول الشاعر:

ذهب الرجال المقتدى بفعالهم ... والمنكرون لكل فعل منكر

وبقيت في خلف يزكِّي بعضهم ... بعضاً ليدفع معور عن معور

وأقول: لماذا خصَّا علماء نجد بنصيحتهما هذه مع أن المتمسكين بالسنة

والحمد لله كثير في أقطار الأرض وفي مختلف البلاد؟ ما ذاك إلا ليوهما الأغرار

أن أهل نجد أهل شذوذ وخروج عن الحق، على قاعدة من يرى أن كل متمسك

بالحق فهو متطرف، ولكن هذا لا يضير؛ فالحق واضح يراه كل بصير، وأما

الأعمى فلا حيلة فيه كما قال الشاعر:

وقل للعيون الرمد للشمس أعين ... سواك تراها في مغيب ومطلع

وسامح عيوناً أطفأ الله نورها ... بأهوائها فلا تفيق ولا تعي

وإذا كانا يغاران على الأمة الإسلامية كما زعما؛ فلماذا لا يحذرانها من البدع

والانحرافات التي تفرقها وتصدها عن سبيل الله وتقضي على وحدتها وقوتها؟ وخذ

مثلاً من عجرفة البوطي في مقدمته لتلك النصيحة؛ لتستدل به على مبلغ ما عنده

من العلم؛ حيث قال في صفحة ١٩- ٢٠ يخاطب علماء نجد: (وإذاً لأقلعتم عن

ترديد تلك الكلمة التي تظنونها نصيحة وهي باطل من القول، وتحسبونها أمراً هيناً

وهي عند الله عظيم، ألا وهي قولكم للحجيج في كثير من المناسبات: إياكم والغلو

في محبة رسول الله، ولو قلتم كما قال رسول الله: (لا تطروني كما أطرت

النصارى ابن مريم) لكان كلاماً مقبولاً، ولكان نصيحة غالية) . هذا كلامه بنصه،

وقد بخل فيه أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم عند ذكره، وعاب على أهل

السنة إنكارهم للغلو الذي أنكره الله بقوله تعالى: [قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي

دِينِكُمْ] [المائدة: ٧٧] . وأنكره النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (وإياكم

والغلو؛ فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو) . ثم ما الفرق بين الغلو؛ والإطراء الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حقه؟ إن معناهما واحد إلا عند البوطي اختراعاً من عنده، حمله عليه الحقد والبغضاء لأهل الحق. والحمد لله أنه لم يجد على أهل الحق ما يعابون به سوى هذه الكلمة التي زعمها باطلاً وهي

حق. هذا وإن ما ذكره الأستاذ يوسف الرفاعي في أوراقه التي سماها نصيحة ينقسم إلى قسمين:

القسم الأول: حق ونحن وغيرنا من أهل السنة والجماعة سلفاً وخلفاً قائلون

به. لكنه رآه باطلاً لعمى بصيرته. ومن أعمى الله بصيرته فإنه يرى الباطل حقاً

والحق باطلاً: [مَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً] [المائدة: ٤١] .

وهذه الأمور التي انتقدها علينا، منها قولنا: (كل بدعة ضلالة) كما قال ذلك

رسول الله صلى الله عليه وسلم فماذا علينا في ذلك إذا أنكرنا البدع وأمرنا بالسنن

عملاً بهذه الأحاديث؟

وإليك نماذج مما قاله: سلطتم من المرتزقة الذين تحتضنونهم من رمى

بالضلال والغواية الجماعات والهيئات الإسلامية العاملة في حقل الدعوة والناشطة

لإعلاء كلمة الله تعالى والآمرة بالمعروف والناهية عن المنكر، كالتبليغ والإخوان

المسلمين والجماعات (الديوبندية) التي تمثل أبرز علماء الهند وباكستان وبنجلاديش، والجماعة البريلوية التي تمثل السواد الأعظم من عامة المسلمين في تلك البلاد،

مستخدمين في ذلك الكتب والأشرطة ونحوهما. وقمتم بترجمة هذه الكتب إلى

مختلف اللغات وتوزيعها بوسائلكم الكثيرة مجاناً، كما نشرتم كتاباً فيه تكفير (أهل

أبو ظبي ودبي) الذين معكم في مجلس التعاون. أما هجومكم على الأزهر الشريف

وعلمائه فقد تواتر عنكم كثيراً.. وقال: إذا اختلف معكم أحد في موضوع أو أمر

فقهي أو عقدي أصدرتم كتاباً في ذمه وتبديعه أو تشريكه (كذا قال) . وقال: سمحتم

للصغار وسفهاء الأحلام بمهاجمة السلف الصالح الأعلام لهذه الأمة، ومنهم حجة

الإسلام الإمام الغزالي رحمه الله بعد التهجم بشتى وسائل مطبوعاتكم على الإمام أبي

الحسن الأشعري وأتباعه من السواد الأعظم من المسلمين منذ مئات السنين؛ حيث

وصفتموهم بالضالين المضلين.

هذه نماذج من كلامه وأنا أبيّن أهم ما عابه الرفاعي علينا مع الرد عليه:

١- مما عابه علينا: منع النساء من زيارة القبور، وهذا أمر قد منعه النبي

صلى الله عليه وسلم بقتوله: (لعن الله زوارات القبور والمتخذين عليها المساجد

والسرج) وإذا لعن النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً فإن هذا يدل على تحريمه

والمنع منه، وأنه كبيرة من كبائر الذنوب. فماذا علينا إذا أنكرناه ومنعناه؟

٢- ومما عابه علينا: منع الناس من الغلو عند الحجرة النبوية، والاقتصار

على السلام على النبي صلى الله عليه وسلم السلام المشروع الذي كان يفعله

الصحابة رضي الله عنهم عند قدومهم من سفر كما كان يفعله ابن عمر رضي الله

عنه وغيره من الصحابة رضي الله عنهم.

٣ - ومما عابه علينا: منع الغلو في الأموات عند زيارة قبورهم، والاقتصار

على السلام عليهم والدعاء لهم كما هي الزيارة المشروعة وتذكر الآخرة بزيارتهم

والاستعداد لها.

٤ - ومما عابه علينا: منع البناء على القبور عملاً بقول النبي صلى الله

عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: (لا تدع قبراً مشرفاً إلا سويته) .

وقوله صلى الله عليه وسلم: (إن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم

وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد. فإني أنهاكم عن ذلك) وذلك لأن

هذا من وسائل الشرك.

٥ - ومما عابه علينا: منع كتاب دلائل الخيرات وأمثاله من الكتب الضالة

من دخول المملكة لما فيه من الشركيات والغلو في حق النبي صلى الله عليه وسلم

وذلك لحماية عقيدة المسلمين من الغلو الذي حذر منه صلى الله عليه وسلم، وقد

علَّمنا صلى الله عليه وسلم كيف نصلي عليه فقال: (قولوا اللهم صل على محمد

وعلى آل محمد) إلى آخر الحديث، فلسنا بحاجة إلى صلاة مبتدَعة في كتاب دلائل

الخيرات أو غيره.

٦ - ومما عابه علينا: منع الاحتفال بمناسبة مولد النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه بدعة محدثة لم يفعله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من أصحابه والتابعين لهم

بإحسان. وقد قال صلى الله عليه وسلم: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين

المهديين من بعدي، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ. وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة) . ويدخل في ذلك بدعة الاحتفال

بمناسبة المولد، فمن فعله فهو مبتدع.

٧ - ومما عابه علينا: تركنا للقنوت في صلاة الفجر إلا في حالة النوازل؛

لأنه لا دليل عليه في غير هذه الحالة. ولا يقول به جمهور علماء الأمة، والواجب

اتباع الدليل، ولما سئل عنه بعض الصحابة قال: إنه محدَث.

٨ - ومما عابه علينا: منعنا من إحياء الآثار المنسوبة للنبي صلى الله عليه

وسلم، أو لأحد من أصحابه، من أجل سد الطرق المفضية إلى الشرك، من التبرك

بها، والاعتقاد فيها، وهذا هو عمل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فلم

يكونوا يهتمون بهذه الآثار ولا يذهبون إليها، فلم يكن صلى الله عليه وسلم بعد

البعثة يذهب إلى غار حراء، ولا إلى غار ثور، ولا إلى موضع غزوة بدر، ولا

إلى المكان الذي ولد فيه من مكة، ولا كان يفعل ذلك أحد من أصحابه، بل إن عمر

رضي الله عنه قطع الشجرة التي وقعت تحتها بيعة الرضوان عام الحديبية لما رأى

بعض الناس يذهبون إليها خشية الغلو بها، ولما قال بعض الصحابة حديثي العهد

بالإسلام للنبي صلى الله عليه وسلم: (اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط) أي

شجرة يتبركون بها ويعلقون بها أسلحتهم كما يفعله المشركون، قال صلى الله عليه

وسلم: (قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اجعل لنا إلهاً كما لهم

آلهة) ؛ فالتبرك بالآثار وإحياؤها وسيلة إلى الشرك وعبادة غير الله سبحانه وتعالى، كما حصل لقوم نوح لما غلوا بآثار الصالحين حتى آل بهم الأمر إلى عبادتها من

دون الله عز وجل.

٩ - ومما عابه علينا: منع كتابة بردة البوصيري على الجدران لما فيها وفي

أمثالها من الغلو والشركيات التي لا تخفى على ذي بصيرة، مثل قوله في حق النبي

صلى الله عليه وسلم:

ما لي سواك من ألوذ به ... عند حلول الحادث العمم

وقوله: إن الدنيا والآخرة من جود النبي صلى الله عليه وسلم، وأن ما كتبه

القلم في اللوح المحفوظ هو بعض علم النبي صلى الله عليه وسلم، إلى غير ذلك

من الكفريات والشركيات التي جره إليها الغلو.

١٠ - ومما عابه علينا: فصل النساء عن الرجال في المسجد الحرام والمسجد

النبوي وفي غيرهما من المساجد، عملاً بسنة النبي صلى الله عليه وسلم حيث

كانت النساء تقف في عهده في الصلاة خلف صفوف الرجال، ولأجل صيانتهن

وصيانة الرجال من الفتنة والافتتان بهن.

١١- زعم الرفاعي أننا نترك المذهب الحنبلي كما قال في نصيحته، وننكر

اتباع المذاهب الأربعة ادعاءاً للسلفية، ونحن إنما نعمل بما قام عليه الدليل منها

ومن غيرها، وهذا ما أوصى به الأئمة الأربعة وغيرهم رحمهم الله كما هو معلوم

من كلامهم، واتباع المذهب الحنبلي أو غيره من المذاهب الأربعة لا يتعارض مع

السلفية كما نسب إلينا أننا نراه مخالفاً للسلفية، بل هو السلفية عينها.

١٢- وكذلك من العجائب ما استنكره الرفاعي من تعليقات الشيخ ابن باز

رحمه الله على كتاب (فتح الباري) وهذا لا نكارة فيه، فما زال العلماء يعلقون

على الكتب ويبينون الحق للناس من الخطأ.

وأما القسم الثاني: مما يتضمنه ما يسمى بالنصيحة فهو كذب وبهتان في حقنا. وجوابنا عنه أن نقول كما قال سبحانه وتعالى: [سٍبًحّانّكّ هّذّا بٍهًتّانِ عّظٌيمِ]

[النور: ١٦] .. وذلك مثل قوله:

١ - إننا نكفر المسلمين ونتهمهم بالشرك؛ لأننا نوزع الكتب التي فيها

التحذير من الشرك والكفر ونرسل الدعاة. ونحن لا نكفِّر إلا من دل الكتاب والسنة

على تكفيره كمن يدعو غير الله أو يستغيث به من الأموات والغائبين، وهذا مما لا

خلاف فيه. وأما توزيعنا للكتب التي فيها التحذير من الشرك والكفر والبدع فهذا من

النصيحة للمسلمين وتبصيرهم بدين الله، ولا يعني هذا أننا نكفر من لم يقم الدليل

الصحيح على كفره، وإنما هو من باب التنبيه والتحذير والمحافظة على العقيدة.

ومن أجل هذه المهمة نرسل الدعاة إلى الله لتعليم الناس أمور دينهم والدعوة إلى

الإسلام والعمل بالسنة وترك البدع والمحدثات؛ ولم نرسلهم لإثارة الفتنة كما زعم

الرفاعي والبوطي. وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يرسل الدعاة إلى الله كما

أرسل معاذاً إلى اليمن وغيره من الدعاة إلى الأقطار، وكان صلى الله عليه وسلم

يكاتب الملوك والرؤساء.

٢ - ومن الكذب الصريح: قول الرفاعي: إننا نمنع التدريس في الحرمين

إلا من يوافق مذهبنا، وهذا من الكذب؛ فالتدريس في الحرمين ولله الحمد وفي

غيرهما لا يزال قائماً على خير ما يرام، ولم يمنع من التدريس إلا من كان مبتدعاً

معروفاً بذلك، أو مخرفاً، فمثل هذا منعه حق وواجبٌ حمايةً لعقيدة المسلمين وتلافياً

لنشر البدع والخرافات.

٣ - ولم نمنع من زيارة القبور الزيارة الشرعية كما قال عنا ولكننا نمنع

الزيارة البدعية والشركية التي فيها دعاء الأموات والاستغاثة بهم؛ كما منعها النبي

صلى الله عليه وسلم ومنع غيرها من الشرك ووسائله. وعلَّمنا صلى الله عليه وسلم

ما نقول إذا زرنا القبور من السلام على الأموات والدعاء لهم. هذا ونسأل الله لنا

وللأستاذ الرفاعي والدكتور البوطي وسائر المسلمين الهداية للحق وقبوله، وأن

يجعلنا جميعاً من العاملين بقوله تعالى: [فَإن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلَى اللَّهِ

والرَّسُولِ إن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وأَحْسَنُ تَأْوِيلاً]

[النساء: ٥٩] .

٤- وأما قول الرفاعي: إننا غيّرنا اسم المدينة، من المدينة المنورة إلى

المدينة النبوية، فالجواب عنه:

أولاً: أن اسم المدينة جاء في الكتاب والسنة مجرداً من أي وصف لا بالمنورة

ولا بالنبوية.

ثانياً: أن وصفها بالنبوية أشرف وأوْلى من وصفها بالمنورة؛ لأن تنويرها

إنما هو بالنبوة وسكنى النبي صلى الله عليه وسلم فيها وهجرته إليها.

وأخيراً: يعيب الرفاعي على حكام المملكة قتل المفسدين في الأرض بترويج

المخدرات، عملاً بقوله تعالى: [إنَّمَا جَزَاءُ الَذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ ورَسُولَهُ ويَسْعَوْنَ

فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا

مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ولَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ] [المائدة: ٣٣] . ويتأسف على قتل هؤلاء المفسدين المجرمين الذي يدمرون الشعوب ويخربون

البلاد.. بل لم يقتصر الحكم بقتلهم على المملكة العربية السعودية، بل كثير من

دول العالم تقتلهم دفعاً لشرهم وإفسادهم؛ فالرفاعي يشفق على هؤلاء المجرمين

المفسدين ولا يشفق على الشعوب التي يفتك بها هؤلاء فساداً ودماراً، ويستدل

الرفاعي لقوله هذا بحديث: (أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا في الحدود) ، فيعتبر

المفسدين في الأرض من ذوي الهيئات، وأن ترويج المخدرات من العثرات اليسيرة

التي يقال أصحابها، ونسي أو تناسى أنهم ينطبق عليهم حد الحرابة والإفساد في

الأرض المذكور في الآية الكريمة، وأن الحديث المذكور خاص بالتعزير بدليل قوله

صلى الله عليه وسلم: (إلا في الحدود) . على أن التعزير قد يصل إلى القتل إذا لم

يرتدع المخالف عن مخالفته إلا به؛ لأنه أصبح من المفسدين في الأرض كما ذكر

ذلك المحققون من أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية وغيره مع العلم بأن هذا

الحديث الذي استدل به وإن جاء من عدة طرق فإنها كلها لا تخلو من مقال، كما

قال ذلك الصنعاني رحمه الله في كتاب: (سبل السلام شرح بلوغ المرام) .

وليت الرفاعي صرف عطفه وشفقته إلى ضحايا هؤلاء المفسدين الذين فسدت

عقولهم وأبدانهم حتى أفضوا إلى الموت أو أصبحوا عالة على مجتمعاتهم بسبب

هؤلاء المفسدين المروجين للمخدرات في المجتمعات البشرية.

وختاماً: هذا ما أحببنا التنبيه عليه مما احتوت عليه نصيحة الأستاذ الرفاعي

وهو تنبيه على سبيل الاختصار وندعو الأستاذ الرفاعي هداه الله إلى الرجوع إلى

الحق فالرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل والله يتوب على من تاب،

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.


(*) عضو هيئة كبار العلماء عضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، المملكة العربية لسعودية.