الورقة الأخيرة
[لا.. لوظيفة التزوير]
بقلم: علي بن موسى
ليس غريباً أن يطفو فوق السطح بعض من امتهن تزوير وتزييف وعي
القارئ، من الذين باعوا عقولهم وأفئدتهم للكفر وأهله، ليس بغريب أن يَلمَعَ هؤلاء
وأن تتاح لهم فرص نشر ضلالهم وتضليلهم للأمة.
فمن ضلالات القوم: ما يحاول هؤلاء المشبوهون إشاعته بين القراء، ومن
ثم بين قطاعات الأمة كافة.. من أن الإسلام لا صلة له بالسياسة ولا بالحكم، وهي
شنشنة نعرفها من أخزم، وضلالتهم هذه ليست بمستغربة منهم، ومن اتخذ طريق
العلمنة والإلحاد له نهجاً فلا عجب منه أن يقول: إن الإسلام لا صلة له بالسياسة،
فليس بعد الكفر ذنب، لكن الذي يدفعنا إلى الكتابة عن هذا الأمر: هو حماية بعض
الأغرار من الانسياق وراء فجورهم وكفرهم وضلالهم؛ درءاً للمفسدة ومنعاً
للضلالة والردة من الاستشراء، فإن من حق الأمة على كل ذي قلم وفكر أن ينهض
لحماية كافة المسلمين من هذه الشرذمة الناكصة عن دينها.
إن الإسلام دين ودنيا، دين ينظم حياة الأمة في دنياها وأخراها، دين كامل
تام لا نقص فيه ولا عوجاً، قال الله (تعالى) : [إنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإسْلامُ] ... [آل عمران: ١٩] ، وقال (تعالى) : [وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينََ] [آل عمران: ٨٥] ، فالإسلام إذن: منهج حياة كامل ينظم جميع جوانب الحياة بما في ذلك السياسة والحكم، يقول الله (تعالى) : [وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إلَيْكَ فَإن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ] [المائدة: ٤٩] .
لقد تكرر لفظ «حكم» واشتقاقاته المختلفة كثيراً وبخاصة صيغة الأمر ... «احكم» ، وهذا له دلالة قطعية أن الأمر للوجوب، وقد قال (تعالى) لنبيه: [ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَذِينَ لا يَعْلَمُونَ] [الجاثية: ١٨] ، فشريعة الإسلام مهيمنة هيمنة كاملة على الحياة، كلها رحمة ... وعدل، لا ظلم ولا جور فيها، فماذا يقول أعداء الحق والحقيقة من العلمانيين ومن لف لفهم؟ ! ، غير أننا نذكرهم بقوله (تعالى) : [فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً] [النساء: ٦٥] ، فهل يَعْقل ذلك أولئك المزورون لرسالتهم، الذين يعملون لتضليل الناس؟
لكن حسبهم قوله (تعالى) : [وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الجِنِّ وَالإنسِ لَهُمْ
قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ
كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الغَافِلُونَ] [الأعراف: ١٧٩] .