للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المنتدى

[وقفة محاسبة.. طاقاتنا إلى أين؟!]

يحيى الغامدي

إن قيام كل أمة ونهوضها لا يمكن أن يكون إلا بطاقات أبنائها، وقدراتهم التي

منّ الله تعالى بها عليهم؛ [لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ] (الأنعام: ١٦٥) . وإن حسن

استغلالها وتصريفها مطلب ملحٌّ يأتي في قائمة المطالب التي ينبغي على الأمة أن

تعيها؛ وذلك لأمرين:

الأول: أن من سنة الله في هذه الطاقات أن تكون قليلة في الأمة، «إنما

الناس كالإبل المائة لا تكاد تجد فيها راحلة» [١] ، وأعني طاقة الراحلة التي

يحتاجها كل عمل؛ لا أي طاقة.

الثاني: ما نراه من تكالب الأعداء علينا في هذا العصر؛ بدعوى حاجة الأمة

إليها؛ فإن هذا مما لا يثمر إلا العلقم المر، تسير الأيام تلو الأيام وما زالت الأعمال

كما هي، والثغرات لم تُسد ... كالمُنْبَتِّ لا أرضاً قطع، ولا ظهراً أبقى.

رحم الله امرأً عرف قدر نفسه، ورحم الله دعاة عرفوا قدر طاقاتهم وطاقات

من معهم فأحسنوا توجيهها، ووضعوها في مواضعها وإن قلَّت الثغرات والأعمال..

المهم أن تثمر وتنتج أو تكاد. فقليل مثمر مستمر خير من كثير مبعثر غير مثمر..

كسباً للدعاة، وتوفيراً للوقت في أعمال أخرى، ونصرة لدين الله تعالى.. لا دعوة

للكسل والخمول، ودنو الهمة وراحة البال.. وكما قيل: فإن الواجبات أكثر من

الأوقات.

وكم رأينا من أعمال الدعوة المختلفة، لما لم تقدّر الطاقات الموجودة،

فوزعت في كل مكان ... أصبحنا نسمع في كل يوم منادياً: أن أسعفونا.. كل

يطالب بالمزيد من الطاقات.. مع العمل المضني الذي يقومون به.. لكن الثغرة

أكبر، والخرق أوسع!

فلنعد النظر - يا معشر الدعاة - في قدرات من معنا، ونحسن وضعها في

أماكنها.

غفر الله لي ولكم، ورزقنا مزيداً من الإخلاص وهمة في العمل. آمين.

حيث الطاقات الهائلة والقدرات الفذة التي خرجوا ويخرجون بها علينا في كل

يوم؛ مما أنتجت أفكارهم وابتكرت طاقاتهم؛ مقابل طاقات أهل الخير وجهودهم

نسأل الله أن يبارك فيها.

ومما يزيد الأمر أهمية وحساسية ما نراه في كثير من أعمال الدعوة المختلفة

من تبديد للطاقات وتشتيت لها؛ وهو الأمر الذي يجعلنا نعيد النظر في أعمالنا

ووسائلنا.

إن كل عمل يقوم بخطوات ثابتة، وبخطة منهجية واضحة، قد شُغّلت طاقاته

ووضعت في أماكنها.. مآله إلى النجاح والتوفيق بإذن الله وعونه. أما توزيع

الطاقات في أعمال كثيرة بدعوى حاجة الأمة إليها، فإن هذا مما لا يثمر إلا العلقم

المر.. تسير الأيام تلو الأيام ولا زالت والأعمال كما هي، والثغرات لم تسد..

كالمنبت لا أرضاً قطع، ولا ظهراً أبقى.

فلنعد النظر - يا معشر الدعاة - في قدرات من معنا، ونحسن وضعها في

أماكنها. غفر الله لي ولكم ورزقنا مزيداً من الإخلاص وهمة في العمل. آمين.


(١) أخرجه البخاري، رقم ٦٤٩٨.