كلمة صغيرة
[الزلزال القادم]
شهد شمال أفغانستان (معقل التحالف العميل) عدة هزات أرضية متتابعة،
كان آخرها زلزال احتفالات (النيروز عاشوراء) الشهر الماضي الذي أسفر عن
عدة آلاف من القتلى، وأضعافهم من الجرحى والمشردين، إضافة إلى تدمير مدن
وقرى بأكملها.
هناك من يقول: إن سبب هذه الزلازل المتتابعة هو وجود قوات التحالف
الغربي الصليبي على أرض أفغانستان، ليس فقد بسبب (بركاتها) التي حلت على
الشعب الأفغاني المكلوم، ولكن أيضًا بسبب أطنان المتفجرات والقنابل والصواريخ
التي تلقيها من السماء هدية لأرض أفغانستان لأن قواتها تجبن عن المواجهة على
الأرض.
وقد لا يحتاج الأمر إلى كل هذه التفسيرات - رغم عدم استبعادنا لها - لأن
أفغانستان تقع في نطاق حزام شمال الصين الزلزالي النشط، ومن المعروف أن
الزلازل تقع غالبًا عند حواف الصفائح الأرضية التكتونية (plate tectonic)
نتيجة احتكام هذه الصفائح الذي يولد ضغوطًا شديدة وطاقة كبيرة، وحينها يزيد
الشحن أو الضغط على قدرة هذه الصخور على الاحتمال؛ فلا يكون بوسعها سوى
إطلاق هذه الطاقة فجأة في صورة موجات حركة قوية تنتشر في جميع الاتجاهات،
وتهدد بتدمير ما فوقها.
على سطح الأرض نشاهد احتكاكها أيضًا ولكن من نوع آخر، يمكن أن
نسميها احتكاكات صفائح حضارية، فمنذ أن بدأت أمريكا وحلفاؤها ما أسمته
بالحرب على الإرهاب أخذت على عاتقها إعلان الحرب على القلاع الحضارية
للعالم الإسلامي متمثلا في الهجوم على هوية هذا العالم وخصوصيته في مجالات
العقيدة، المرأة والأسرة والتعليم والأخلاق، ظهر ذلك جليًا في أفغانستان نفسها،
وفي أنحاء عديدة من العالم الإسلامي إضافة إلى سعي محموم في الفراغ من القضايا
المعلقة في هذه المجالات وغيرها، كقضية فلسطين مستخدمة ما استطاعته من
وسائل الضغط السياسي والاقتصادي والإعلامي، وربما العسكري.
وعلى سطح الأرض أيضًا نشاهد في المقابل طاقة كبيرة مكبوتة في صدور
أبناء هذا العالم، تظهر نذرها هنا وهناك في صورة حوادث يسيرة ولكنها ذات
دلالات عميقة على حجم الشحن والغيظ المكبوتين، وقد كان من آخر ذلك ما حدث
للاعب فريق كرة السلة الأمريكي الذي كان يلعب في كابل، ووقع بالخطأ بين أفراد
الجمهور الأفغاني (ليس من طالبان ولا القاعدة) ، فما كان من أحد المتفرجين إلا
أن قام بركل رأسه، ثم تجمع عليه حشود المتفرجين يوسعونه ضربًا إلى أن تدخلت
الشرطة وفرقتهم بإطلاق النار، وليس بعيدًا من ذلك تلك المظاهرات العارمة التي
اندلعت في أنحاء عديدة من العالم الإسلامي تزامنًا مع مؤتمر القمة العربية الأخيرة.
إن أمريكا وحلفاءها وعملاءها من العلمانيين المحليين لا يأبهون بهذه
التفاعلات وآثارها على المنطقة؛ لأنهم حين يحسون بالخطر سيحزمون حقائبهم
جميعًا، ويرحلون تاركين أهل البلاد يواجهون وحدهم تبعات الزلزال القادم.. هكذا
يتمنون!