الصفحة الاخيرة
[من أسباب النجاح]
عبد القادر حامد
كل الناس تطمح إلى النجاح في خططها وأهدافها، والمسلمون كذلك يتمنون
النجاح ويطمحون إليه، ويبذلون جهوداً ليست أقل من جهود غيرهم الذين وصلوا؛
بينما بقي المسلمون يلهثون ويعانون. أسباب ذلك كثيرة ومعقدة والتعرض لها في
صفحة واحدة ظلم للحقيقة.
ولكن هناك من الأسباب سبب مهم، وهو كامن في الأسلوب. ففي المناطق
التي ساد فيها الإسلام؛ تعلمت فرق وشراذم كيف تخفي حقيقتها أمام وضوح الإسلام
وصراحته، واستعانت بالكتمان لتضيف إلى إنجازاتها شيئاً جديداً كل يوم بل كل
ساعة. ولأن بينها وبين الشيطان نسباً وصهراً فإنها تستخدم الأساليب الشيطانية
بمهارة فطرية، وعندها قدرة على التكيف والتلُّون، فتلبس لكل حالة لبوسها.
بينما يغلب على المسلمين الوضوح في كل شيء؛ فيصرحون بالخطط
والأهداف من أول يوم. ولأن الوضوح والصراحة وكراهية النفاق والتملق من
المفاهيم الأساسية في الإسلام؛ فقد انسحب تأثير ذلك حتى على أسلوب العمل
الإسلامي بكامله، وفي مثل هذه الأجواء تكون الغلبة لمن يحسن التكتم ورص
الصفوف والبعد عن الصراخ والهذر، ويفهم الظروف والقوى المتصارعة وعناصر
القوة والضعف فيها فهماً عميقاً. أما الاغترار بالجماهير والجموع؛ دون الالتفات
إلى الأمور العملية والجوهرية؛ فلا يؤدي إلا إلى استنفار غرائز الذين يشعرون
بتهديد الإسلام لهم؛ فيتناسون خلافاتهم الراهنة، وتجمعهم تلك الغرائز على الكيد
للمسلمين، والتخطيط لتفريق صفوفهم، والإحاطة بهم. والله أعلم.