للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الصومال بين النفايات النووية وصلبان التنصير أين الاستقرار؟]

رضا عبد الودود

أذاعت وكالات الأنباء العالمية أن فيضانات تسوماني التي ضربت السواحل الآسيوية قد نقلت كميات كبيرة من النفايات النووية والكيميائية المدفونة في السواحل الصومالية (رصاص ـ زرنيخ ـ ... ) والتي دفنت بواسطة الشركات الإيطالية والأمريكية والسويسرية منذ نحو عام ١٩٩١م بعدما سقطت الحكومة المركزية في الصومال بعد التدخل الامريكي في شؤون الصومال الداخلية.

- نفايات نووية:

وتكشف تلك المأساة التي يواجهها الصوماليون بعد إصابة العديد منهم بنزيف في المخ وبعض الأمراض الجلدية المعدية وغير المعروفة من قبل ـ تكشف عن مخاطر التفتت والتشرذم التي تهدد الصومال والعديد من الدول الأفريقية التي دخل سيناريو تقسيمها مرحلة التنفيذ مثل السودان؛ وذلك عبر التقسيم المتعمد للدول؛ بحيث تتناثر النزاعات الحدودية الدموية في أنحاء القارة، وتشتعل الثورات والاضطرابات الداخلية في كل دولة، وتحرك القوى الغربية مسارات الصراع، وتتوالى النداءات المستغيثة بقواتها لحفظ السلام، وتتبدد قوى الشعوب الأفريقية في دوائر مفرغة للصراع وذلك ما ظهر، أما ما خفي فهو أعظم وأخطر بكثير.

- مكيدة التنصير:

حرب التنصير مكيدة ضد الشعب الصومالي الذي تبلغ نسبة المسلمين فيه ١٠٠% والتي استعرت بعد زوال الحكومة عام ١٩٩١م حيث ساءت الأوضاع، وسال لعاب المنصرين من جديد نتيجة حالة الفوضى السائدة، ومارس شياطين التنصير حرباً قذرة لم تحتج إلى مزيد جهد باستعداء أمريكا على العمل الخيري الإسلامي الذي كان ملاذاً للمسلمين الصوماليين.

وبمنع المنظمات الخيرية الإسلامية من ممارسة نشاطاتها في الصومال ازدادت حدة الحملات التنصيرية في إعلانها عن هدفها ونشرها للأناجيل ومجاهرتها بالصلبان؛ حيث فرضت المنظمات التنصيرية على الفتيات الدارسات في قرية (دار السلام) الواقعة جنوب غربي (مقديشيو) نزع النقاب مقابل دعم المدرسة مالياً. كما اخترعت المنظمات الكنسية مثل منظمة (بارنبس فاند) البريطانية أقلية نصرانية صومالية؛ وبالطبع فإنها تعاني من الاضطهاد والتضييق، وسارت لجنة الحريات الدينية التابعة لوزارة الخارجية الأمريكية في تقريرها عن الصومال على هذا النهج مدعية وجود أقلية نصرانية في الصومال تتعرض للإساءات الدينية، بالإضافة لاعتبار اللجنة تجريم التنصير في الدستور ومحاربته من قِبَل الصوماليين اضطهاداً دينياً. وقد استغلت المنظمات التنصيرية (حرب الأوجادين) في تثبيت أقدامها وممارسة نشاطاتها في الصومال، فبدؤوا بإقامة الكنائس. ومن الغريب أن العاصمة (مقديشيو) يوجد بها أربع كنائس كبيرة على الرغم من أنه في وقت إقامتها لم يكن ثمة نصراني واحد في البلاد.

وأقيمت المراكز الثقافية التنصيرية في العاصمة والمدن والقرى الكبيرة، واستطاع المنصرون في وقت سابق أن يبسطوا نفوذهم على مراكز حساسة في الدولة، كما خصصت إذاعات للصومال تبث من مناطق مختلفة وبخاصة إسبانيا.

ومن أبرز المنظمات التنصيرية منظمة «مجتمع التوراة» والعاملة منذ ١٩٦٨م؛ حيث طبعت أكثر من أربعين ألف نسخة من الإنجيل (العهد الجديد) ووزع منها قرابة ثلاثة آلاف نسخة في حينها على الصوماليين في الداخل والخارج. ومنظمة «آباء كونسولاتا» التي تمارس عملها التنصيري في ثوب إغاثي عبر إدارة وحدات طبية، ودور أيتام ومدارس، ومنظمة «أخوات كونسولاتا» التي تقدم برنامجاً للإغاثة الكاثوليكية منذ ٢٠٠٢م بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية يتضمن برامج غذائية للأطفال، ويهدف هذا المشروع للوصول إلى تنصير ٣٠٠ طفل سنوياً، ويوزعون على الأهالي الأرز والذرة والسكر والحليب. أما منظمة (كاثوليك ريليف) فقد آلت على نفسها مساعدة المنظمات التنصيرية المختلفة في الصومال منذ عام ٢٠٠٢م، ومنظمة (المينونايتيون) التي يتركز نشاطهم في الصومال منذ خمسين عاماً من خلال برنامج (طريق يسوع) بين الصوماليين عبر الوسائل الإغاثية مثل توزيع البذور والأغذية على شيوخ القبائل، دفع تكاليف المراقبة الصحية غير الحكومية لوباء الكوليرا الذي تفشى في منطقة «جوبا» ودعم المدارس المحلية وإمدادها بالكتب الدراسية والمناضد والكراسي والأدوات التعليمية، وأحياناً بدفع الرواتب للمعلمين. بالإضافة إلى (البرنامج العائلي العالمي) الذي يهتم بالنساء والأطفال. ومنظمة التطوير الإغاثية الكنسية (CRDE) التي تهدف إلى الدعوة الصريحة إلى المسيحية، وتقدم الدعم الإغاثي للصوماليين عبر مشاريع إنمائية زراعية شمال غربي الصومال، ويتم فيها إيواء ما يزيد عن ٣٠٠ ألف لاجئ.

- مطامع إثيوبية:

وينضاف إلى ذلك نشاط الأثيوبيين لإشاعة الانحرافات غير الأخلاقية مثل: الزنا والمحرمات والدعارة وبيع الحشيش والخمر والمخدرات لإغراق المجتمع الصومالي المسلم بها. وينطلق الأثيوبيون الأرثوذكس من مركز «ديردوه» على الحدود الأثيوبية الصومالية بعون من المنظمات الغربية لممارسة نشاطاتهم التي تبدأ من زرع الشقاق بين الصوماليين، والتشكيك في عقائد الإسلام، وتنتهي بالنشر الصريح للنصرانية من أجل ضمان استمرار السيطرة على إقليم الأوجادين الصومالي المقتطع.


(*) كاتب وباحث أردني مقيم في لبنان.