منتدى القراء
إلى الأستاذ عادل التل مع التحية
د. مأمون مبيض
لست ممن يفضل النقاش والحوار عبر صحف المجلات، إلا أنني وبعد قراءة. مقالة الأخ عادل التل «أخطار النزعة المادية في العالم الإسلامي، نقد كتابات
جودت سعيد» في عدد البيان «البيان» (٦٥ - محرم ١٤١٤) رأيت أن أكتب
هذه الرسالة. وما أذكر هنا يقتصر فقط على ما قرأته في هذه المقالة، وهي الثالثة
من مجموعة مقالات متعددة لم ينته نشرها بعد:
إنه لأمر مؤلم أن نفتقد في عالمنا الإسلامي الجو العلمي الهادئ النظيف الذي
يتيح المجال للحوار الفكري دون التعرض للإخلاص والنيات. فنجد أن الأخ عادل
يقول: «هل هذا الطرح خروج من الدين أم لا؟» (ص ٣٦) إن عد الأستاذ
جودت في عداد «الماديين» و «الماركسيين» ظلم كبير لمن يؤمن ويعيش على
الإيمان بالله ورسوله، ومجانبة للحقيقة، وتشويش للقارئ المسلم وخاصة لمن يطلع
بشكل واسع على كثير من الكتابات الإسلامية. ويظهر هذا التشويش من رسالة «
صدمة وحيرة» المنشورة في نفس العدد من البيان (٦٥) .
من قرأ كتابات الأستاذ جودت يلحظ أن ما ورد في مقالة النقد هذه فقرات
أخذت من سياقها، ليعيد الأخ عادل صياغتها بأسلوبه، وبما يوافق رأيه حول «
المدرسة المادية» لقد اتهم الأستاذ جودت بأنه «يلغي مكان الدليل في القرآن»
(ص ٣٤) وما أظن الكاتب قد فهم المقصود من مجال الأفكار المعروضة.
وحتى لا أعقد الأمور، وأطيل فيها سأذكر مثالاً واحداً وهو قضية «الشورى
» لأشير إلى موضوع الاستفادة من «عالم الآفاق والأنفس» والذي يؤكده الأستاذ
جودت، وأظن أن الأخ عادل قد أخطأ في فهمه فأخذه على أنه إلغاء للنص: اختلف
علماء المسلمين ومنذ القديم حول كون الشورى «ملزمة» أم «معلمة» والذي
يقرأ ما كتب يجد أن هذا الأمر لم يحسم عبر السنين. ولكن إذا نظرنا إلى عالم
الشهادة والواقع والتاريخ وتجارب البشر رأينا أنه من الحكمة والأنسب لحفظ مصالح
العباد وأمور الحياة في هذا العصر أن يشترك المتشاورون في صنع القرار، بعيداً
عن الفردية والجزئية في اتخاذ القرار. هل في الاستفادة من عالم الواقع إعراض
عن الآيات والأحاديث؟ لا أظن هذا وهو ما حاول الأخ عادل أن يفهمه للقارئ.
وأخيراً أدعو الله أن يلهمنا الفهم الصحيح لتغيير ما بأنفسنا (إن الله لا يغير ما
بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) .
وأدعو إخوتي من شباب الإسلام إلى العناية الجادة بالقراءة والبحث والحوار.
وأدعو أخى عادل التل إلى قراءة ثانية وثالثة لكتب مفكرينا وعلمائنا، وإن
شاء الله لنا لقاء للحوار المباشر، وتبادل الأفكار، والمعايشة الأخوية.