أصبح التطوير حُمَّى يريد المحافظون الجدد فرضه بالضغوط السياسية؛ فإن لم تفد فالحلول العسكرية هي البديل، كما حصل في أفغانستان والعراق والحبل على الجرَّار كما يقال، وأصبح ذلك كرباجاً تُهدَّد به كل دولة تحاول الخروج عن الهيمنة؛ مما زاد الكراهية والمقت لتلك الغطرسة. إلا أنهم لجؤوا مؤخراً إلى تحريك (الطابور الخامس) في كل بلد، وهم أفراد من الصحفيين والكتاب والخبراء، ومنهم جمعيات وجماعات تحت أسماء مرموقة من قِبَل (جمعيات حقوق الإنسان) و (دعاة المجتمع المدني) و (مراكز البحوث والدراسات) المدعومة حالياً منهم، فيؤدون الرسالة بالنيابة عن أسيادهم بإثارة الفرقة والشقاق في المجتمعات، ويروجون بدعاياتهم الفجة للطروحات (التغييرية الراديكالية) المغايرة للمعلوم من الدين بالضرورة، ويشككون في رموز الدعوة الإسلامية ويشهِّرون بهم ويثيرون الغوغاء ضدهم لخلخلة المجتمعات، ثم يهددون برفع أمرالدول المتمردة لمجلس الأمن والدعوة لتبني الطروحات التغييرية لبسط الديمقراطية المرادة بالقوة. ومن ذلك أيضاً وما قام به أولئك الأذناب من دعاوى باطلة ضد الأمة ومسلَّماتها المحترمة حينما نادت ثلة من الكتاب العلمانيين المتطرفين المغمورين بمحاكمة علماء ودعاة الإسلام عالمياً بزعم أنهم دعاة كراهية، وأنهم أعداء للتسامح؛ وما قامت به بعض المراكز البحثية المشبوهة من تشكيك في المناهج الإسلامية والدعوة إلى تغييرها، وما أثاروه من تحريك للخلافات الطائفية والعرقية؛ بزعم حقوق الأقليات. وهاهم يطبلون لبعض الطروحات المبتدعة مثل دعوة (أمينة ودود) إلى إمامة المرأة للرجال والنساء أسوة بالرجال، وهذا سيناقش في مقال خاص ـ إن شاء الله ـ يوضح خطأ هذه البدعة وتفنيد آراء مؤيديها من بعض المحسوبين على الإسلام.
إن تلك الطروحات المشبوهة التي يراد بها دعوى الإصلاح تخالف آراء عموم الأمة؛ فأين الديمقراطية في الأخذ برأي حفنة من المشبوهين وأهل الأهواء رجالاً ونساء، وتشجيعها بل وحمايتها لهم وترك إجماع الأمة على الرفض لمفترياتهم؟
هل هذه هي الديمقراطية، أم أن ذلك هو الضغوط للإذعان لتلك الطروحات المشبوهة على رغم أنف الشعوب؟ نعتقد أن ذلك هو (التغيير غير الديمقراطي) الذي سماه أحد الكتاب الغربيين بالمروق لدولتهم، وهي التهمة التي يزعمونها زوراً بحق الآخرين؛ فهل يعي قومنا الخطر، أم على قلوب أقفالها؟