نص شعري
حزيران!
مروان كُجُك
في اليوم الخامس من شهر حزيران (يونيو) من عام ١٩٦٧م وقعت الحرب
بين العرب بقيادة الثوريين وبين اليهود المحتلين في فلسطين، وهي الحرب التي
سماها اليهود بـ (حرب الأيام الستة) وتفتق فكر قادة الهزيمة النكراء عن تسميتها
بـ (النكسة) حيث ظهر عُوار الفكر الثوري التقدمي الذي أضاع سيناء كلها مع
زيادة امتدت حتى مشارف القاهرة، والجولان جميعها حتى ضواحي دمشق،
والضفة الغربية بتمامها بما فيها القدس؛ وهكذا وفي أيام تقل عن أسبوع بيوم واحد
تهاوت فيها أخيلة البطولة الجوفاء التي رسمها الفكر التسلطي الذي قاد الأمة بحماقته
وعنجهيته إلى عار ما يزال بحاجة إلى جهاد فذ ونضال مرير ابتدأه أطفال ثورة
الحجارة ولم تُنهِهِ مخازي اتفاقيات (أوسلو) وتوابعها: المعلنة والمضمرة، ما عُلِمَ
منها وما لم يُعلَم.
حُزَيْرَانُ فِيكَ تَعَرَّى الضَّلالْ ... وَتَاهَتْ عُقُولٌ، وَضَاعَتْ تِلالْ
سَتَبْقَى إلَى أَنْ يَشَاءَ الإلهُ ... سَرِيعَ الْمَجِيءِ، بَطِيءَ الزَّوَالْ
تُذَكِّرُنَا بِالْخِدَاعِ الرَّهِيبِ ... وَطَيْشِ الْكِبَارِ وَسُخْفِ الرِّجَالْ
أَضَاعُوا الْبِلادَ بِطَرْفَةِ عَيْنٍ ... وَبَاتُوا أُسُوداً بِغَيْرِ جِدَالْ
* * *
حُزَيْرَانُ يَا جُرْحَ كُلِّ أَبِيٍّ ... وَيَا إرْثَ قَهْرِ دُعَاةِ النِّضَالْ
ظَمِئْنَا فَجَاءَ الشَّرَابُ حَمِيماً ... وَقَالُوا لَنَا: فَارَ نَبْعٌ زُلالْ
هَلُمُّوا بَنِي يَعْرُبٍ نَتَلاقَى ... عَلَى مِحْنَةٍ حَارَ فِيهَا الْخَيَالْ
نُبَايِعُ أَجْهَرَ صَوْتٍ وَنَمْضِي ... عَلَى إثْرِهِ دُونَ أَدْنَى سُؤَالْ
حُزَيْرَانُ يَا دُرَّةً لِلْيَهُودِ، ... وَلِلْعُرْبِ عَاراً وَسِيعَ الْمَجَالْ
قَتَلْتَ بِنَا زَهْوَةَ الْفَاتِحِينَ ... وَأنشَأْتَ صَرْحاً لِذُلٍّ عُضَالْ
وَقَلَّبْتَنَا فَوْقَ جَمْرِ الطُّغاةِ ... لِنَهْتِفَ كَالْبُهْمِ: يَا ذَا الْجَلالْ!
أَطِلْ عُمْرَ مَنْ حَمَّلُونَا الشَّقَاءَ ... وَكَانُوا الْمَهَازِيمَ يَوْمَ النِّزَالْ
وَمَاتَتْ صَرَامَةُ شَعْبٍ أَبِيٍّ ... وَذَلَّتْ كَرَامَاتُ عَمٍّ وَخَالْ
وَبِتْنَا مِنَ الْحَيْفِ كَالإمَّعِينَ ... نُبَايِعُ كَالْبُلْهِ أَخسَا رِجَالْ
غُلِبْنَا عَلَى أَمْرِنَا فَاسْتَطَارَتْ ... شُرُورٌ، وَقُطِّعَ حَبْلُ الْوِصَالْ
وَصَارَ التَّفَرُّقُ صِبْغَةَ شَعْبٍ ... وَأَضْحَى الْحَرَامُ لَدَيْهِ حَلالْ
فَيَا تَعْسَ مَنْ أَوْصَلُونَا لِهَذَا ... وَيَا بُؤْسَ جِيلِ الْهَوَى وَالْخَيَالْ
* * *
حُزَيْرَانُ فِيكَ أَقَامَ الْيَهُودُ ... صُرُوحاً مِنَ الزَّهْوِ فِعْلاً وَقَالْ
وَنَحْنُ هَدَمْنَا صُرُوحَ الْجُدُودِ ... وَبِتْنَا نُصَارِعُ أَسْوَأَ حَالْ
شَبِعْنَا شِعَارَاتِ لَيْلٍ طَوِيلٍ ... وَلَمْ يَبْقَ فِينَا زَعِيمٌ طُوَالْ
وَصِرْنَا أَضَاحِيكَ أَهْلِ الزَّمَانِ ... وَكُنَّا بَنِي قُدْمَةٍ وَاحْتِمَالْ
* * *
حُزَيْرَانُ يَا ذِلةَ الْيَعْرُبِينَ ... وَيَا نَزْفَ قَلْبٍ أَمَضَّ وَطَالْ
بِسِتٍّ مَضَتْ مِنْكَ أَضْحَى الْعَرِينُ ... خَوَاءاً وَطَاشَتْ فُنُونُ الْقِتَالْ
بَكَيْنَا شَكَوْنَا بِكُلِّ اللُّغَاتِ ... وَذُقْنَا مَرارَةَ ذُلِّ السُّؤَالْ
وَبَاتَ الصَّدِيقُ عَدُوًّا وَصِرْنَا ... أَلاعِيبَ لَمْ نَجْنِ غَيْرَ الْوَبَالْ
فَقُلْ لِلْبُغَاةِ، وَإنْ طَالَ لَيْلٌ، ... سَيَبْزُغُ فَجْرٌ بَهِيُّ الْجَمَالْ
وَيَنْهَزِمُ الْبُطْلُ والمُبْطِلُونَ ... وَيَعْلُو الجِهَادُ وَيَهْوِي الضَّلالْ