للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البيان الأدبي

[حوارية ضياع دار]

حفيظ بن عجب آل حفيظ

(١)

في الليل وكلٌّ قد نامَا ... والظلمُ تمطّى جذلانا

دخل المسكينُ لغُرفَته ... يبكي بالدمعةِ أحزانا

يبكي بالحسرة آلاماً ... ويبثّ اللوعةَ أشْجَانا

العبرةُ كادت تقتله ...

والآهة ليست ترسله ...

والشعر أبى أن يُسْعِفَه ...

والظلم تمطّى جَذْلانا ...

الصوتُ شديدٌ مُرتفعٌ ... قَدْ طَالَ وهزّ الجُدْرَانَا

قد طالَ وأيقظ نائمةً ... بالنوم أزالتْ أحْزَانا

(٢)

ولدي يا ولدي يا ولدي ... ماذا يُشجِيكْ؟

قل لي يا ولدي حدثني ... ماذا يُبْكِيْكْ؟

لا تكْتُمْ عني يا ولدي ... إني أرضيكْ

إني أرضيكَ أيا ولدي ... إني أرضيكْ

(٣)

يا أمي لا لا ترتاعي ... فالجرحُ عَمِيق

وأنا بهمومي يا أمي ... قد صِرْتُ غَرِيقْ

... يا أمي نامي ودعيني ... وغداً سأفيقْ

... وسأرجعُ لصوابي يوماً ... يوماً سأفيقْ

... روحي ودعيني يا أمي ... إني سأفيقْ

(٤)

... يا ولدي لنْ يهدأ بالي ... والهَمّ يُقَطِّع أوصَالي

... لا أهدأُ أبداً يا ولدي ... حتى أرْضِيكْ

... حتى أسْلِيكَ أيا ولدي ... حتى أُسْلِيكْ

... حدثني قلْ لي يا ولدي ... عَلِّي أُسْلِيكْ

(٥)

يا أمي قد ضاع بياني ... وتجمّد بالعيِّ لساني

يا أمي لا أدري ماذا ... أحكي يا أمي من شاني

يا أمي قد كانت داري ... فوق الجوزاءِ ولا أحسنْ

قد كانت جنةَ آمالي ... قد كانت شمساً بل أحسنْ

قد كان فِنَاها يا أمي ... يحوي الأمصار

قد كان فسيحاً يا أمي ... قد كان ديَارْ

... قد كان يُحيطُ أيا أمي ... كل الآبارْ

يا أمي قد كان مُرادي ... أنْ ينشأ فيها إخواني

أن تنمو فيها أحلامي ... أن أُنْشِدَ فيها ألحاني

يا أمي قد كان مُرَادي ... أنْ تبقى لي طولَ زماَني

لكن يا أمي أحلامي ... قد ضاعت في ليلِ منامي

... أصبحت بيومٍ يا أمي ... فرأيت الدارْ

قد صارت ناراً يا أمي ... قد صارت نارْ

ورأيتُ عدوي في داري ... يتبخترُ في ثوبٍ ناري

يا أمي قَتّل إخواني ... ورمى بالرّمْحِ فأرداني

وتهكّم بي حين رآني ... وتهكّم بي حين رآني

وعلاني يا أمي فَرِحاً ... وتباهى حين تَحدّاني

... وأتى بوثاقٍ يوثقني ... وأتى بوثاقْ

... صلبوني يا أمي حتى ... أصبحتُ مُعَاقْ

... وأروني يا أمي ... آهٍ ... ما ليس يُطاقْ

... جاؤوا بعروسي يا أمي ... من غير دِثَارْ

... من غير حجابٍ يا أمي ... من غير ستارْ

... تستصرخُ يا أمي باسمي ... وتقول العارْ

... العارُ أتانا أنقذنا ... هل تخشى العارْ؟!

يا زوجي قد طار دِثَاري ... وتكشّف عنّي يا عاري

يا عاري آهٍ يا عاري ... يا عاري آهٍ يا عاري

فعلوا بعروسي.. وانفسي ... وبأختي ما أفنى حِسِّي

واحتلوا يا أمي داري ... ورموني منها بإزاري

يا أمي قد ضاعت داري ... وبكيتُ أنا ذكرى عاري

يا عاري آهٍ يا عاري ... يا عاري آهٍ يا عاري

(٦)

... ولدي فلْتصبْر ولْتبحثْ ... عن درب الدارْ

... وأعدّ سلاحك يسترجع ... هاتيك الدارْ

... وتقدّمْ يا ولدي هيّا ... لتَرُدّ الدارْ

... وتُزيلَ العار أيا ولدي ... وتُزيل العارْ