للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسلمون والعالم

[كيف استفاد العدو الصهيوني من الحرب الأمريكية على العراق]

بناء جيش جديد.. أقل عدداً.. أكثر قدرة تكنولوجية

محمد زيادة [*]

[email protected]

تعددت المكاسب الإسرائيلية من الحرب الأمريكية على العراق، وأسهب

الخبراء والمحللون في سرد هذه المكاسب سواء السياسية أو الاقتصادية، لكن

الجانب الأكثر إشراقاً لدى الكيان العبري يتمثل في النتيجة التي توصل إليها قيادات

جيش الاحتلال وعدد من المسؤولين الصهاينة في (جهاز الموساد) .. هذا الجانب

هو التوصل إلى ضرورة تكوين جيش إسرائيلي جديد على غرار الجيش الأمريكي

الحالي.

وقد كشف المحلل العسكري الإسرائيلي الشهير «آمنون بارزيلاي» الذي

سبق أن أعد الكثير من الدراسات العسكرية حول الجيش المصري في تقريره

المنشور في صحيفة (هآرتس) ذات الاتجاهات الليبرالية في عدد ٧/٥/٢٠٠٣م

عن تفاصيل ما توصل إليه قادة جيش الاحتلال وهيئة الأركان العامة الإسرائيلية من

ضرورة تكوين ما يُعرف بـ «جيش إسرائيل الإلكتروني» وذلك من خلال

استعراضه لأهم ما دار من أحاديث وتصريحات القادة العسكريين السابقين والحاليين

الذين شاركوا في نقاشات عُقدت داخل القيادة العليا للجيش الإسرائيلي، فكتب يقول:

«دارت في الشهور الأخيرة الثلاثة قبل الحرب الأمريكية على العراق وحتى

موعد انتهائها مباحثات وحلقات نقاش متعددة داخل القيادة العامة الإسرائيلية حول

قدرات الجيش الإسرائيلي الحالية.

وقال رئيس الأركان الجنرال» موشيه بوحي يعالون «:» لا بد من تكوين

جيش إسرائيلي مختلف عما هو عليه الآن في السنوات الثلاثة القادمة. فقد أسسنا

بالفعل جيش أكبر وأقوى بعد حرب «الغفران» عام ١٩٧٣م عما كان عليه قبلها؛

إلا أننا يجب أن نؤسس في السنوات الثلاث القادمة جيشاً آخر يكون أقل عدداً في

حجم القوات، وأكثر قدرة من النواحي التكنولوجية والتقنية، حتى يكون متساوياً

في قوته مع حجم التهديدات التي تتعرض لها إسرائيل «. أضاف الكاتب

الإسرائيلي:» يؤكد قادة جيشنا وخبراؤنا في الشأن الاستراتيجي أن الحرب

الأمريكية على العراق غيرت كثيراً من المفاهيم والتعريفات العسكرية في العالم

أجمع، بل لقد غيرت المفاهيم الأساسية للحروب؛ حيث استنتجت الولايات المتحدة

من هذه الحرب استراتيجية جديدة هي أكثر من رائعة، وهي أن الحرب العسكرية

لا بد لها من حرب نفسية. ومثال ذلك أن الأمريكان حددوا نقاط الضعف في الجيش

العراقي ونظام صدام حسين، فأخذوا في إرهاق الرأس وليس الجسد حتى تسنى لهم

النصر الكبير.

وهنا يقول «حاييم آسا» أحد الحاضرين في النقاشات داخل القيادة العليا

والذي عمل مستشاراً استراتيجياً في حكومة إسحاق رابين: «إن أشهر المفاهيم

للحرب هو أنه يمكن احتلال دولة مُنحرفة ومجنونة وهزيمتها هزيمة ساحقة في

أقصر وقت وبأقل الخسائر ودون الحاجة لإلقاء قنابل ذرية، وهكذا جرت الحرب

في العراق أمام أعين العالم بأسره، ووسط الوجود الشعبي الكبير للمواطنين

العراقيين في المعارك مع استمرار حياتهم اليومية المعتادة كما هي. فهذا كله يغير

الصور الاستراتيجية النمطية للحروب في العالم، وإنني واثق تمام الثقة في أن

الحرب القادمة للولايات المتحدة ستكون أكثر تقنية من الحرب على العراق.. لقد

سار الأمريكيون في خط التغيير والتطوير الذي لا يتوقف» .

وقال مصدر قيادي في الجيش الإسرائيلي خلال النقاشات: «الجيش

الإسرائيلي سيعمل على أن يكون مشابهاً تماماً للجيش الأمريكي في المرحلة القادمة

من التطوير خاصة في مجالات بناء القوة العسكرية، والكيفية التي يتم بها استخدام

الوسائل العسكرية القتالية والمعدات التكنولوجية، وأبلغكم أننا قمنا في الأيام

الماضية بإنجاز جزء من هذا الطموح الإسرائيلي. علينا أن نعلم أن الهرم انقلب

الآن عما كان عليه في سنوات السبعينيات، عندما وصل رجال الجيش الأمريكي

إلى (إسرائيل) عقب حرب» الغفران «أكتوبر ٧٣ ليتعلموا من جيشنا كيف

استطاع النهوض من صدمته من الضربة العسكرية المصرية المباغتة وتحوله من

الدفاع إلى الهجوم. لقد تعلم الأمريكيون وقتها منا الكثير خاصة بعد الإهانة التي

لحقت بهم في حرب فيتنام.. اليوم لأننا نحن الذين نتعلم من الأمريكيين فن

الحروب؛ ذلك لأنهم قاموا بالعديد من الحروب المختلفة على مدار السنوات العشر

الماضية مما جعلت الجيش الأمريكي ذا خبرة كبيرة في فنون الحرب والخطط

العسكرية المستحدثة والتي ظهرت بوضوح في الحرب على العراق.

رئيس الأركان» موشيه يعالون «كان يعلم أنه منذ توليه القيادة أنه لا بد من

إصلاحات جذرية في الجيش، وطالب بذلك قبل صدور قرار تقليص ميزانية وزارة

الدفاع قبل الحرب على العراق. وعلى ذلك أقامت القيادة العامة للجيش ورشة عمل

لمناقشة الخطوط العريضة لهذه الإصلاحات، وخرجت هذه الورشة بقرار تشكيل

أربع لجان لمراقبة التهديدات الإرهابية - مخاطر التسلح النووي في المنطقة -

دراسة بنية الجيش الإسرائيلي - والتهديدات الخارجية.. وبنهاية شهر يوليو القادم

سيتم الإعلان عن خطة إصلاح الجيش الإسرائيلي أو ما يعرف بتكوين الجيش

الإسرائيلي الجديد، وهي خطة ذات مراحل متدرجة على أن يتم تنفيذها على عدة

سنوات.

يعمل مع يعالون في بلورة هذه الخطة كل من نائبه» جابي أشكينازي «

- قائد القوات الجوية» دان حالوتس «- قائد القوات البحرية» يديديا يعاري «

وهم من أشد الراغبين في إجراء هذه الإصلاحات في الجيش. ووصف الخبراء

الاستراتيجيون هذه المجموعة بأنها مجموعة عمل متناسقة ذات قدرة وتصميم على

إنجاز الإصلاحات المطلوبة.

* تغيير مفهوم الأمن:

أهم نقاط الإصلاحات المطلوبة في الجيش الإسرائيلي هي ضرورة إحداث

تغييرات عاجلة في مفهوم الأمن لدى الجيش، وعلى الرغم من أن» ديفيد بن

جوريون «قد أكد على هذه النقطة عقب إقامة الدولة في عام ١٩٤٨م إلا أنها لم

تُنفذ إلى الآن. بيد أن المحاولة الأكثر جدية لإحداث هذا التغيير في مفهوم الأمن

لدى الجيش الإسرائيلي كانت عام ١٩٩٧م حينما شكل وزير الدفاع وقتها» إسحاق

مردخاي «خمس لجان لمراقبة التهديدات - مراقبة الأوضاع الاجتماعية

والاقتصادية للشعب الإسرائيلي وما يستتبع ذلك من انعكاسات على قدرة الإنذار

المبكر وقدرة الردع ومدى استعداد الجيش لمواجهة هذه التهديدات.. إلا أن كل ذلك

الجهد راح أدراج الرياح بعد عمل شاق استمر مدة عام؛ حيث تم تغيير الحكومة

ولم يجد وزيرا الدفاع موشيه آرينز، وإيهود باراك اللذان خلفا مردخاي أي قيمة

لإحداث تغيير في المفهوم الأمني.

يقول الرئيس السابق لدائرة الأبحاث وتطوير الوسائل القتالية في وزارة الدفاع

البروفيسور» إسحاق بن إسرائيل «:» لا يوجد في دولة إسرائيل من يطور

المفهوم الأمني. والمطلوب تقليص فوري بقيمة ٣ مليارات شيكل في هذا العام من

ميزانية وزارة الدفاع، وأيضاً تقليص متدرج قيمته ٣ مليارات شيكل خلال

السنوات الثلاث القادمة، وعندئذ سيقول المسؤولون في القيادة العامة: لنبدأ في

تكوين نظرة واضحة حول المفهوم الأمني الإسرائيلي بصورة منظمة وبإشراف

رئيس الأركان نفسه.

أما قائد سلاح القوات الجوية السابق الجنرال «إيتان بن إلياهو» فقال:

«كان التغيير في المفهوم الأمني مطلوباً منذ ١٥ عاماً ولم تكن الحرب على

العراق هي السبب، لكن في أعقاب الحرب على العراق كان لا بد من تغيير

جدول الأولويات لدى الجيش، والأولوية الأولى تغيير حجم القوات وتشكيلاتها

وطرق تفعيلها. إلا أن هناك مشكلتين كبيرتين: التهديدات مستمرة، والوقت

قصير، وعلينا ألا ننسى أنه في أعقاب انتهاء حرب الأيام الستة» ١٩٦٧م «

اعتقدنا أن التهديدات انتهت؛ إلا أنها ظهرت وبقوة بعد مرور ٦ سنوات وبالتحديد

في حرب الغفران (١٩٧٣م) التي شكلت أكبر التهديدات على الوجود

اليهودي.

يعتقد يعالون أن ما يحدث الآن في إسرائيل هو جزء صغير جداً من صدى

الهزيمة العراقية، ويقول رئيس الأركان الأسبق» أمنون شاحاك «:» عندما

تضع إمبراطورية قدميها على أي قطعة أرض فإنها ستظل موجودة بها حتى لو

أخلت هذه الأرض من وحدات جيشها، وهذه هي الولايات المتحدة الأمريكية

متواجدة هنا في المنطقة منذ عام ١٩٩١م، وما تركه الأمريكان من قوات جوية

وقواعد عسكرية بعد إخلاء الجيش من الخليج عام ١٩٩١م هو الذي هيأ الأجواء

للدخول في حرب العراق ٢٠٠٣م، والآن يؤكدون أنهم باقون هنا لأمد طويل «.

وشاحاك يريد من هذا القول أن هذه المتغيرات في المنطقة والتواجد الأمريكي

يمنح المسؤولين الإسرائيليين فرصة إحداث الإصلاحات المطلوبة في الجيش،

وعلينا أن نتذكر أنه بعد هزيمة العراق لم تعد هناك تهديدات من الجبهة الشرقية،

وسوريا دولة ضعيفة عسكرياً واقتصادياً وسياسياً، أما حزب الله كذلك فلا يمكنه اليوم

فعل ما فعله منذ أربع سنوات. الأمر الوحيد الغامض هو الفلسطينيون، وآلاف

الدبابات والمدرعات والطائرات بل كل سلاح الجو لدينا لن يمكنه فعل شيء مع

الفلسطينيين، نحن نحتاج إلى جهاز مخابرات ممتاز يمكنه إحباط العمليات

» الإرهابية الفلسطينية «.

* الدور الأمريكي الحالي:

وفرص نجاح المسؤولين الإسرائيليين في تنفيذ هذه الإصلاحات في الجيش

مرتبطة بزوال كلٍّ من صدام حسين وياسر عرفات، وهما أكثر لاعبين يؤثران في

منطقة الشرق الأوسط؛ فبعد أن قامت واشنطن بإزاحة صدام جاء الدور على

عرفات.

يقول رئيس» معهد أبحاث نظريات المعارك «في الجيش الإسرائيلي

البروفيسور» شمعون نافيه «:» ليس من قبيل المصادفة أن تعلن الولايات

المتحدة عن أن خريطة الطريق مرتبطة بالحرب في العراق، وليس من قبيل

المصادفة أن تؤكد التزاماتها بحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في هذا التوقيت

الذي انتهت فيه من العراق، وتنظر فيه من خلف المرآة إلى سوريا، وتجعل

الإيرانيين يعيشون في حالة ضغوط عصبية يومية مستمرة هذه الأيام. وتشهد

منطقة الشرق الأوسط حالياً وجود مجموعة استراتيجية جديدة. الولايات المتحدة

هنا، ونحن حلفاؤها.. وإسرائيل في نظر الولايات المتحدة ليست مصر؛

فإسرائيل بالنسبة للأمريكان عضو يمكن الاعتماد عليه.. خاصة في مجالات تعزيز

مركبات الردع والإنذار المبكر في الرؤية الأمنية.. فلو لم تنجح الولايات المتحدة في

حربها التي خاضتها ضد العراق لارتبط ذلك بنا مباشرة؛ حيث يرمز الإخفاق

الأمريكي في حرب كهذه إلى ضعف قوة الردع الإسرائيلية، لكن بعد النجاح

الأمريكي يمكننا إجراء الإصلاحات والتغييرات المطلوبة في الجيش وتكوين

الجيش الجديد عالي التقنية قليل القوة البشرية.

هذا بينما يقدم رئيس المعهد الاستراتيجي في مركز هرتسليا متعدد المجالات

البروفيسور «عوزي أراد» وجهة نظر مختلفة متسائلاً عما إذا كانت إسرائيل قد

خصصت بالفعل قوات وأموالاً لمواجهة الطرف العراقي قبل الحرب، معرباً عن

شعوره بأن هذا لم يحدث قائلاً: «العراق لم يكن أبداً عاملاً من عوامل الرؤية

الأمنية الإسرائيلية، باستثناء موضوع الأسلحة غير التقليدية» .

وكشف البروفيسور أراد عن حدثين خطيرين يستنتجهما بعد انتهاء الحرب

على العراق أولهما متوقع، والثاني غير متوقع:

الأول: توقعه بأن تقوم إيران بتسريع برنامجها النووي.

الثاني: فيما يتعلق بالدولة التركية ورفضها السماح للقوات العسكرية

الأمريكية بالمرور عبر أراضيها إلى العراق. فإن تركيا تعتبر حليفاً استراتيجياً

لإسرائيل؛ لكن ما معنى التقييدات والعوائق التركية على إسرائيل في بعض

الأحيان: هل هذا يدل على أننا يمكننا الاعتماد عليها؟

* انتهاء التهديد الكلاسيكي:

عقب ورشة العمل التي عقدت في عام ٢٠٠٢م تم إحداث تغيير هام في

الرؤية الأمنية الإسرائيلية خاصة فيما يتعلق بما يُسمى بـ «التهديد الكلاسيكي»

الخاص بدول الطوق ذات الحدود المشتركة مع إسرائيل، ويؤكد هذا التغيير على

أن هذا التهديد من قِبَل هذه الدول بات ضعيفاً، فيقول الجنرال السابق في سلاح

الجو «آفييام سيلاع» : «هذا التهديد من قِبَل هذه الدول أصبح غير موجود،

حيث سوريا لا تشكل خطراً. ومصر والأردن وقَّعتا اتفاق سلام دولي معنا،

والجيش العراقي انتهى. وهذا يشجعنا على القيام بالمغامرة المحسوبة وهي تجميد

العديد من القدرات العسكرية الإسرائيلية التي سبق أن طورناها من أجل الحروب

الكلاسيكية. علينا مثلاً إنهاء عمل فرق المدرعات، وتجميد الطائرات المقاتلة.

وهنا أقترح قيام جيش ثلاثي الطبقات: جيش نظامي أفراد احتياط مُدربين وأفراد

احتياط يتم تدريبهم قبل الحرب فقط» .

وهنا يعود حاييم آسا مُتحدثاً من جديد فيقول: الجيش الإسرائيلي الحالي هو

جيش وُجد وكُون نتيجة حرب «الغفران» هو بالفعل جيش أكثر استعداداً للحرب

لكن أي حرب؟ الحرب التي انتهت ولم يعد لها وجود.. الحرب الكلاسيكية وهذه

رؤية قديمة يجب تغييرها؛ فالجيش الحالي معتمد على تشكيلات برية كبيرة وهي

رؤية عسكرية أضحت قديمة وبالية في ظل الحروب التكنولوجية الجديدة والتي

بدأت في العراق.

الرؤية الجديدة لتغيير نمط الجيش الإسرائيلي باتت مقبولة إلى حد كبير لدى

جميع أفراد القيادة العليا الإسرائيلية في ظل رؤية أخرى مشجعة وهي أن معظم

أعمار قادة الجيش الحاليين تحت الخمسين مما يؤكد أنهم لم يعاصروا صدمة حرب

«الغفران» أو لم يشتركوا فيها من الأساس، ولم يشتركوا في عمليات إصلاح

الجيش وإعادة بنائه بعد هذه الحرب.. هذا يؤكد على أنهم غير مرتبطين بفكرة

تواجد القوات البشرية الكبيرة ذات المدرعات الكثيرة في الحرب.

أما أمنون شاحاك فقدم اقتراحاً بعد التيقن من زوال مرحلة التهديد الكلاسيكي

بإلغاء إحدى القطاعات الثلاثة للجيش الإسرائيلي بقياداتها.

ويقول بن إسرائيل: إن إسرائيل تمتلك جيشاً برياً هائلاً؛ حيث استعدوا بعد

حرب «الغفران» إلى ما يعرف بالحرب الشاملة، لكن لم تحدث حروب

بالمدرعات مرة أخرى، لذا يجب تقليص قوات الجيش والاعتماد على دبابات

«الميركافاه» المتطورة.

وحسب التقرير السنوي لمركز «يافا للأبحاث الاستراتيجية» فإن لدى

الجيش الإسرائيلي ٤٠٠٠ دبابة، منهم ١٣٠٠ دبابة من طراز ميركافاه.

لقد فاجأت الولايات المتحدة العالم باستخدامها المحدود للغاية للقوات المدرعة.

وهذا هو أحد أهم الدروس التي يعكف الجيش الإسرائيلي على دراستها حالياً. ولنرَ

وفقاً للمعلومات المتوفرة كيف دخلت الولايات المتحدة هذه الحرب عسكرياً؛ فلقد

بلغ عدد القوات المدرعة الأمريكية التي دخلت العراق من الكويت ٦٠٠ دبابة.

وهنا يقول نافيه: «لقد خرجت هذه القوات المدرعة من الكويت في اتجاه العراق

محمولة على مُصفحات، وتمكنت بفرقتين عسكريتين من قواتها المدرعة إلحاق

الهزيمة بجيش قوامه ٢١ فرقة مدرعة وتمزيقها إلى أشلاء» .

بينما يقول آسا: «حتى لو كان لدى العراق ٤٠ فرقة مدرعة، فإن الولايات

المتحدة لم تكن في حاجة إلى استخدام قوات برية أكبر مما استخدمته في الحرب.

فالأمريكان قاموا باستخدام كافة وسائل التكنولوجيا العسكرية المتطورة في هذه

الحرب» .

* الخطوات المطلوبة للإصلاحات في الجيش الإسرائيلي:

بناءً على الخبرات الأمريكية في حربها على العراق فإن المطلوب إجراؤه في

الجيش الإسرائيلي:

- تأهيل وتدريب قوات برية خاصة للعمل بموازاة الطائرات المقاتلة.

- تطوير أسلحة ذات قدرات توجيه دقيقة جداً للهدف المطلوب إصابته.

- تطوير طائرات بدون طيار قادرة على حمل الصواريخ والقيام بمهام

التصوير جواً والاتصالات المباشرة مع بقية فروع الجيش.

- زيادة الطائرات الهجومية ذات الكفاءة القتالية.

يقول آسا: «السر الكبير للأمريكيين يكمن في القدرة على الدمج بين القوات

في الجو وعلى الأرض، والتي تستعين بأجهزة أقمار صناعية وأجهزة سيطرة

ومراقبة. الدرس الذي قدمته الولايات المتحدة في الحرب هو أفضل النتائج التي

يمكن تحقيقها عن طريق استخدام قوة بمستوى كتيبة. وهذه القوة التي تعمل باندماج

مع طائرات بدون طيار، وطائرات قتالية هي أكثر فائدة من فرقة عسكرية. وهذا

ما يؤدي إلى الحسم في المعركة، وأعتقد أن المسؤولين في القيادة العليا للجيش

الإسرائيلي تدرك هذا الدرس جيداً» .

على الجانب الآخر، ومع انتهاء التهديد الكلاسيكي فإن القيادة العامة تسعى

إلى إيجاد حلول فعالة لدرء التهديدين الأخيرين: الإرهاب المحلي «الفلسطيني»

والخارجي والتهديد النووي واستخدام الأسلحة غير التقليدية.

ويؤكد سيلاع «أن هيئة الصناعات العسكرية الإسرائيلية قادرة على صنع

وابتكار ما يُمكِّن الجيش من إحباط وصد أي تهديدات بالأسلحة النووية، وهذا

يستدعي إنشاء مزيد من الأقمار الصناعية ذات الكفاءة العالية، أجهزة الرادار،

وابتكار أنواع متطورة من الصواريخ المنطلقة من البحر.. لكن تبقى المشكلة

الرئيسية وهو الإرهاب» الفلسطيني «حيث يقف أمامنا مئات من» الانتحاريين «

والفدائيين ولا يوجد لدينا إلى الآن الرد الناجع لصدهم ولإيقافهم. لكن سيكون

لدينا من الأموال الموجودة بعد وقف تطوير الأساليب القتالية القديمة ما يكفي لابتكار

ما يُتيح لنا اكتشاف السيارات الفلسطينية» .

«ليس معقولاً أننا لم نتمكن حتى هذه اللحظة من ابتكار وسيلة تتيح لنا

اكتشاف حزام ناسف على بعد عشرات الأمتار، وليس من المعقول أن يقترب

حارس الأمن من الشخص المشتبه به إلى مسافة لا تزيد عن سنتيمتر واحد فقط

وهو يحمل في يديه كشافاً معدنياً لا ينفعه في شيء. إن العالم كله ينتظر البشرى

التي ستخرج من هنا من إسرائيل لتعلن أننا توصلنا إلى الحل السحري لوقف مثل

هذه العمليات» .

* أرقام حول التكنولوجيا الحربية الأمريكية:

قرأ علينا الجنرال احتياط «إيتان بن إلياهو» في نهاية المناقشات بعض

الأرقام حول الثورة التكنولوجية الأمريكية منذ حرب الخليج في عام ١٩٩١م

وتطبيقها في الحرب على العراق في عام ٢٠٠٣م.

- عام ١٩٩١م: ١٨٠٠ طائرة قتالية - ١٢٠ ألف غارة - ٤٠ ألف غارة

قامت بإلقاء القنابل - ١٠% من الأسلحة القتالية أسلحة دقيقة للغاية - استخدام ٧٠%

من القوات الجوية.

عام ٢٠٠٣م: ٨٠٠ طائرة قتالية - ٤٠ ألف غارة - ٣٠ ألف قامت بإلقاء

القنابل - ١٠٠% من الأسلحة القتالية أسلحة دقيقة للغاية - استخدام ربع القوات

الجوية.

وختم بن إلياهو بالقول: «لاحظوا.. بأقل من نصف القوات الجوية،

وبربع عدد الغارات التي نفذت في عام ١٩٩١م، تمكن سلاح الجو الأمريكي من

تحقيق نتائج أفضل كثيراً بفضل الأسلحة الدقيقة تقنياً» .


(*) كاتب مصري متخصص في الشؤون الإسرائيلية.