للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نكون أو لا نكون!!]

د. شاكر السروي

دعونا ابتداء نؤكد سُنَّةً ثابتة! قال الله ـ تعالى ـ: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشورى: ٣٠] الآية، ولنتفق على أن مبدأ المراجعة والتقويم والتصحيح أمر مطلوب شرعاً وعقلاً.

ولا شك أن النقص والخطأ صفتان لازمتان لبني البشر. قال -صلى الله عليه وسلم-: «كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون» (١) .

وباب الموازنات بين المصالح والمفاسد في شريعة الإسلام باب واسع قد تتباين فيه الآراء، وقد تختلف فيه الاجتهادات، وأمة الإسلام عموماً وأهل السنة والجماعة خصوصاً هم أوْلى الناس بالتوبة والأوْبة والرجوع عن بعض الحق إلى ما هو أوْلى منه، فضلاً عن الرجوع عن الخطأ إلى الحق والصواب حال تبيّنه؛ وذلك أنهم إنما يتعبدون الله بكل فعل أو قول يأتونه أو يذرونه.

ومن تمام العبادة التجرد عن حظوظ النفس وهواها، فلا يُقَدّم شيء من ذلك على محابّ الله ـ تعالى ـ ومراداته من الأقوال والأعمال.

لكنّ ما نسمعه ونقرؤه هذه الأيام من هجوم على أسس الديانة وقواعد الملة ـ في ركوب للموجة ـ باسم المراجعات والتصحيح، يحوي كثيراً من الخلط والتراجع والتصحيف؛ حتى إن المرء ليتساءل: هل نعيش حقيقةً، أم أننا في كابوس مزعج هروباً من تصديق ذلك الهجوم كواقع معاش؟

إنّ سعي أعداء الدين وكيدهم الحثيث لتغيير رسم الإسلام ومعالمه العظام، واستغلالهم لكل شاذَّة وفاذَّة في سبيل ذلك، وتوظيفهم لكل حدث أو حديث ليس بالأمر المستغرب. قال ـ تعالى ـ: {وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إنِ اسْتَطَاعُوا} [البقرة: ٢١٧] .

كما أن أذنابهم على منوالهم سائرون. قال ـ تعالى ـ: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ} [المائدة: ٥٢] .

ولكنّ العجب كل العجب في تخاذل حماة الديانة عن الذب عن عرض الملة وقوام الدين. والله المستعان على كل حال.

نعم! إنّ دين الإسلام هو دين السلام والسماحة والوسطية والاعتدال.

ولكن هل من الوسطية إنكار ذروة سنامه؟

وهل من الوسطية إلغاء أوثق عرى الإيمان؟

وهل من الوسطية تمييع ثوابت الدين؟

وأين السماحة والسلام من محاربة مدارسه ومناهجه وجمعياته الخيرية ورموزه؟

إنّ أخطر أنواع الهزائم الهزيمة الفكرية، وإننا في هذه المرحلة إما أن نكون أو لا نكون.

ودين الله منصور {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} . [يوسف: ٢١] .

وإنما هي دعوة للنجاة {وَإن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد: ٣٨] .

فهل نكون أنصار الله؟


(١) أخرجه ابن ماجه، كتاب الزهد، رقم ٤٢٤١، واللفظ له، والترمذي، كتاب صفة القيامة، رقم ٢٤٢٣، وحسنه الألباني في صحيح الجامع، رقم ٤٥١٥.