الورقة الأخيرة
[اللهم لا شماتة]
بقلم: أحمد عبد العزيز
الموت حقيقة يعرفها الجميع، وهو نهاية كل حي، ولايصح بحال أن يشمت
أحد بميت حتى ولو كان كافراً، وبالأمس تبجح رئيس وزراء العدو الهالك (إسحاق
رابين) وهو في ذروة السلطة بأنه أمر باغتيال زعيم فلسطيني في مالطة، وسبق
للسلطات الصهيونية أن قالت في أكثر من مناسبة: إن يدها طويلة تصل إلى أي
فرد أو دولة تهدد كيانها، ولم تمض ساعات حتى خر رابين صريعاً متشحطاً بدمائه، وقامت قيامة يهود ولم تقعد؛ خوفاً وهلعاً من أن تكون يد فلسطينية نفذت ما هددت
به من الدعوة لاستئصاله في أقرب فرصة، لكن القوم صدموا بأن الذي ارتكب هذه
الفعلة هو شاب صهيوني متدين غارق في صهيونيته، أخذ على رابين اندفاعه لما
يسمى بالسلام وتفريطه فيما سماه بأرض إسرائيل، وأنه ليس نادماً على ما فعل،
وقالت وسائل الإعلام: إن الشاب متطرف إسرائيلي وأن التطرف خطر على
التوجه نحو السلام ونسوا أو تناسوا ومعهم بعض الصحف العربية المشبوهة.
(المتطرفة علمانياً «أن دولة يهود قامت على أسس دينية، بل على منطلقات
تلمودية متطرفة، وأنها غرست بذرة التطرف في أجيالها، وسمحت لأحزاب دينية
بالعمل في وضح النهار، بل إن بإمكانهم لو شاركوا في إحدى الوزارات سحب
ثقتهم منها، وبالتالي سقوطها لو أرادوا.
هذا التطرف لم تسلط الأضواء لكشفه والتحذير منه؛ لأن فعل ذلك يعني: أن
العدو الصهيوني عينه يكشف نفسه بنفسه، ويفضح اتجاهاته (إياها) الغارقة في
أحلام صهيون الزاعمة أن أرضهم من الفرات إلى النيل، وهذا ما تتجاهله الصحافة
العلمانية.
إن حزب العمل اليساري أو الليكود اليميني وجهان لعملة واحدة، وسواءً أحكم
(بيريز أو ناتان ياهو) ؛ فالعقلية الصهيونية واحدة في العداء لأمتنا ولديننا وهم وإن
تظاهروا بالحدب على السلام إنما لكونه سيعطيهم الأمان في بحر من الأعداء يحيط
بهم؛ لاغتصابهم أرضه ومقدساته.
وفي الوقت نفسه ستتيح لهم (الشرق أوسطية الجديدة) فتح أسواق عربية
لاستهلاك معطيات اقتصادهم؛ فضلاً عن التوجه السياحي الذي سيغرق فيه فئات
من الناس، ستتداعى عليهم كتداعي الذباب على الشراب أمام مغريات يهود في نشر
الفاحشة والتفنن في عرضها.
إن مصرع رابين عظة وعبرة لكل ظالم ومفترٍ، وبخاصةٍ من يسومون الناس
سوء العذاب ويصادرون خيارهم، ويعملون على تهميش فئات معينة؛ وما ذاك إلا
خوفاً من أن تسحب البسط من تحت أرجلهم فنذكرهم بقوله تعالى [وَلا يَحِيقُ المَكْرُ
السَّيِّئُ إلاَّ بِأَهْلِهِ] [فاطر: ٤٣] والعاقل من اتعظ بغيره.
والله من وراء القصد،،،