للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

آخر الكوارث في بنغلاديش

رغم اعتياد أهل بنغلاديش الكوارث فإن كارثة هذا العام فريدة من نوعها، فقد تواصل هطول الأمطار، وعمت الفيضانات أغلب أنحاء البلاد، وكان هناك دمار

شامل لكثير من البيوت والمحاصيل الزراعية، حيث إن ٤٧ من ٦٤ محافظة

غطتها المياه ولحقتها أضرار بالغة، أكثر من ٣٣ ألف ميل مربع من البلاد،

وأصبح أكثر من ٢٥ مليون نسمة مشردين بدون مأوى، والأخطر من ذلك كله أن

عمليات الإنقاذ والإغاثة أصبحت غير ممكنة وقد غمرت السيول مطار دكا المركزي

؛ فتعذر نزول الطائرات التي تحمل مواد الإغاثة من أنحاء العالم، وقد تعطلت

حركة النقل والمرور البرية وكذلك خطوط السكك الحديدية توقفت نتيجة للسيول

التي جرفت أكثر من ٢٥٠ جسراً، وأصبحت وسيلة النقل هي السفن والزوارق

عبر السيول التي غمرت الشوارع والساحات والطرق. واضطر الناس إلى شرب

المياه الموحلة والمختلطة بمياه المجاري التي سببت الأمراض السارية. ورغم أنه

ليس هناك إعلان رسمي عن عدد قتلى الفيضانات فقد قُدروا بأكثر من ألفي قتيل،

وهذا غير الأعداد الهائلة من المصابين بحالات الإسهال والتلوث.

وقد انتهت المشكلة الرئيسية إلى نقص في الدواء، والماء الصالح للشرب،

والطعام المطبوخ. وكل ذلك يعتمد على إمكانية هبوط الطائرات في مطار دكا،

تعتبر بنغلاديش من أفقر وأكثر الدول ازدحاماً بالسكان (١١٠) مليون ومعدل الدخل

السنوي (١٢٠) دولار للفرد.

وهناك أضرار بالغة لحقت المحاصيل الزراعية: قصب السكر، والقنب،

والخضار، وقد أتت السيول على كثير من مدخرات الدولة من الحبوب، وعلى

مدخرات السكان من البذور.

والفيضانات تسبب مشكلة دائمة لبنغلاديش لاجتماع عدة أنهار غزيرة على

رقعة أرضها الضيقة، وهذه الأنهار هي: الغانج، براهما بوترا، جاموتا، وماغنا، وما يتفرع عنها من فروع لا تحصى، تفيض كلها على السهل الساحلي وتصب

في بحيرة البنغال.

وقد أصبحت هذه المشكلة صعبة وملحة منذ انحسار بنغلاديش داخل حدودها

الحالية بعد تقسيم شبه القارة الهندية ثم بعد انفصال بنغلاديش عن باكستان، وكل

ذلك طبعاً ببركات الاستعمار البريطاني الذي ظل جاثماً على الهند قروناً طويلة ثم

تركها نهباً للفقر والفرقة.