بأقلام القراء
[لماذا انهزمنا؟]
ماجد عبد العزيز
روت كتب السير أن الفرنجة أعدوا جيشاً عظيماً للاستيلاء على الأندلس،
ولكن قبل أن يتحرك هذا الجيش تنكر أحد جواسيسهم في صورة تاجر، ودخل
البلاد لكي يتعرف على أحوال المسلمين، وفي أول خطوة داخل أرض الأندلس
الإسلامية التقى هذا الجاسوس المتنكر بصبي مسلم يبكي تحت ظل شجرة، قال
الجاسوس للصبي: لماذا تبكي؟ .
فقال الصبي: أبكي لأني رأيت طائرين فوق هذه الشجرة فأردت أن أصيدهما
بضربة واحدة غير أن طائراً واحداً سقط بينما طار الآخر ونجا.
فرجع الجاسوس من لحظته إلى قومه ونصحهم بالتريث والانتظار حتى تتبدل
أفكار هؤلاء الأطفال لأن قوماً هؤلاء أطفالهم لن يهزموا مهما بلغت قوة أعدائهم،
لهذا لا بد من استعمال سلاح أشد فتكاً من سلاح السيوف والرماح، ألا وهو سلاح
النساء، والغناء، والملذات، والشهوات، ويا للأسف فلقد حدث هذا فعلاً وبعد
سنوات قليلة أصبح الأندلس فردوساً مفقوداً وتحول إلى قصيدة يترنم بها المسلمون
وأغنية ونشيداً ...
وتتساءل الآن لماذا انهزم المسلمون، لماذا انهزم ألف مليون مسلم أمام شرذمة
من أحفاد القردة والخنازير؟ فخذوها مني صريحة أيها المسلمون! !
والله ما انهزمنا إلا عندما حدنا عن الصراط المستقيم، والطريق القويم، الذي
أنزله رب العالمين، والله ما تداعت علينا الأمم وتكالبت علينا الشعوب وتطاول
علينا السفهاء إلا عندما غيرنا ما بأنفسنا فغير الله حالنا، فانتكست قيمنا، وانعكست
مفاهيمنا، فأصبح إعفاء اللحى تزمتاً؛ وتقصير الثياب تطرفاً؛ وتستر النساء تخلفاً؛ والاقتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام رجعية.
والله ما ذللنا إلا عندما حلت المجلات الخليعة والأغاني الماجنة محل
المصاحف، والله ما هنا إلا عندما غابت شمس خديجة وعائشة وحفصة عن سماء
دنيا نسائنا وفتياتنا، وعلت وجوه تلك الهابطات السافلات من الممثلات والفنانات،
والله ما تقهقرنا وتخلفنا إلا عندما أصبح قدوة الواحد منا مغنٍ ماجن أو لاعب فاشل،
أو ممثل جاهل، ونسينا أبا بكر وعمر وعثمان وعلي الذين رفعوا شأن هذه الأمة،
وفجروا بركان التوحيد في أرجاء المعمورة حتى رفرفت راية الإسلام على الشواطئ
وقمم الجبال ...
فعودة صادقة إلى المنبع الصافي؛ إلى كتاب الله وسنة نبيه، لينصرنا الله
ويغير حالنا من هزيمة وذلة إلى نصر وعزة مصداقاً لقوله تعالى [يَا أَيُّهَا الَذِينَ
آمَنُوا إن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ ويُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ] .