[دموع الورد]
عز الدين سليمان
فَتَحتْ لأطيار الصَّباحِ كتابَها
بدم القرنفلِ كحَّلتْ أهدابها
رشَّتْ على شَعْرِ الرُّبا أطيابها
خَجِلتْ فما قالتْ: شربتُ رُضابها
حتى الصَّباحِ، وحطَّمتْ أكوابها
وتعيد، كيف تعيد لي أسرابها؟
كيمامةٍ قتل الهجيرُ صحابها
وخرابهِ، تهوى الطيورُ خرابها
وكُرومُ صدريَ أطلعَتْ أعنابها
هَرِمَتْ أغانٍ، من يعيد شبابها؟
سَمِعَ النُّبَيْعُ جنونها فوشى بها
تخفي بمئزرها السَّماءُ سحابها
عصفورةُ الوادي أتحرقُ غابها؟
أسَكِرْنَ من حزنٍ؟ أصار شرابها؟
أَسقي بدمعي الأريحيِّ ترابها؟
رغم الصَّقيعِ، وعانقَتْ أترابها
ناحَتْ ترودُ جُرودَها وشِعابَها
شربَتْ أزاهيرُ الصَّباحِ عِذابها
ضاعتْ، ولم تحملْ إليَّ جوابها
تبكي، وقد حملتْ إليه ربابها
غَسَلَتْ بدمع السَّاهرينَ خضابها
تنسى الرِّياحُ العابراتُ عبابها
والشَّمسُ تعلنُ في الدُّروب غيابها
تبكي عليَّ، وأغلقَتْ أبوابها
خلعَتْ وُرَيْداتُ السُّفَيْح ثيابَها
صلَّت لربِّ الورد حتى نلتقي
باحتْ بأسرارٍ قديماتٍ لنا
قالتْ: سقاني شِعْرَه، وسقيتُه
قالتْ: على الوادي سهرنا مرّةً
قالتْ: أُحبُّ يديه تمسح جبهتي
وأحنُّ للصَّدر الحنون يضمُّني
وأحبُّه، وأحبُّ بعضَ جنونِه
ما فاحَ عطريَ مرّةً إلاَّ له
أسراريَ العطراتُ عرَّاها، وقد
كم همسةٍ سرِّيةٍ مجنونةٍ
خبّأتُ عطريَ في يديه مثلما
أنفقت عمريَ كلَّه من أجله
حزنٌ غريبٌ رفَّ فوق براعمي
الله! ما هذا الهوى؟ أخرافةٌ
كم وردةٍ قتل الصَّقيعُ، فأورقَتْ
كم طيَّرتْ كفُّ الحنينِ حمامةً
عادتْ وفي منقارها أكذوبةٌ
كم دعوةٍ عطريّةٍ أرسلتُها
كم أَرْزةٍ تسعى إليه جريحةً
أقلقْتُ جيراني، فكم حُوريّةٌ
وَعَدَ الشَّقيُّ، وما وفى بعهوده
ومررتُ ملتحفاً ببُردةِ عاجزٍ
فسمعتُ من خلف التّلالِ نداءها