الحضارة المعاصرة الوجه الأخر
إعداد: ضيف الله الضعيان
«.. والرسالة روح العالم ونوره وحياته،» فأي صلاح للعالم إذا عدم
الروح والحياة والنور؟ ! «» والدنيا مظلمة ملعونة، إلا ما طلعت عليه شمس
الرسالة.. «
ابن تيمية
وأخيراً اعترف الغرب
ترجمة وتعليق: محمد عثمان عقال
مجلة (بلين تروث) (the plain truth) مجلة تبشيرية تنصيرية، تصدر
بسبع لغات، ويوزع منها ٢٠ مليون نسخة شهرياً مجاناً، وقد ورد في عدد أكتوبر
١٩٨٧ منها مقال حول انحطاط المستوى التعليمي في الغرب تحت عنوان: (أعيدوا
دور الوالدين في التعليم) . وقد وجدنا من المفيد ترجمة هذا المقال لما فيه من حقائق
تحتاج إلى معرفة.
المدارس العليا تخرج جهلة وأشباه متعلمين! شباب لا يستطيعون قراءة
صحيفة أو كتابة رسالة مفهومة إلا بصعوبة بالغة! ماذا يحدث في مدارس اليوم؟ !
مثال واحد يوضح المشكلة..
طلبة الولايات المتحدة وضعوا صحراء سيناء في فيتنام! بعضهم الآخر قال:
إن رئيس وزراء كندا السابق (بيير ترودو) كان لاعب هوكي من مدينة مونتريال
فهل هناك أية غرابة إذا كان أولياء الأمور والمربون قلقين من نوعية ومستوى
التعليم لدى الشباب؟
وقد كشفت إحصائيات أخرى أجريت في أمريكا في صفوف طلبة في سن
السابعة عشرة، قام بها (المعهد القومي لتقويم التقدم التعليمي) عن حقائق مُرَّة:
* ثلثان منهم لم يستطيعوا تحديد تاريخ الحرب الأهلية في أمريكا في الفترة ما
بين١٨٥٠-١٩٠٠م.
* وثلث آخر كانوا يجهلون أن كولومبس أبحر للعالم الجديد قبل ١٧٥٠م، ثم
إن إحصائية أخرى أكثر حداثة وجدت أن ٢٠% من طلبة أمريكا لا يستطيعون
تحديد موضع أمريكا من خريطة العالم!
وكما قال مدير المعهد القومي للدراسات الجغرافية في الولايات المتحدة وفي
أسلوب مفعم بالمرارة: نحن الآن قد وصلنا إلى حد أن " جوني " ليس عاجزاً عن
القراءة فحسب، بل إنه لا يعرف حتى موضع قدميه!
والأغرب من هذا: أن كثيراً من طلبة المعاهد في أمريكا -ممن هم في سن
التاسعة عشرة- يجهلون من هي الأطراف المتصارعة في الحرب العالمية الثانية.
وهذا الجهل ليس محصوراً في الولايات المتحدة فقط؛ ففي دراسة بريطانية
حديثة جاء أن أكثر من نصف الطلبة الذين تتراوح أعمارهم بين ١٥ - ١١ عاماً لا
يستطيعون فهم تعليمات إنذار الحريق البسيطة، وأن ٤٤% منهم غير قادرين على
حل رموز جداول الحافلات ووسائل الانتقال، هذا وعلى الرغم من إدخال بعض
التحسينات الطفيفة على نظام التعليم! فإن المشاكل الأساسية لا تزال قائمة.
الحلقة المفقودة:
يؤيد كثير من دعاة الإصلاح في الولايات المتحدة فكرة العودة إلى النظام
التأديبي القديم في المدارس، ويرون أنه لابد من البدء مرة أخرى بتدريس
الأساسيات. في حين أن الغالبية العظمى ترى أن هذا الانهيار يعود إلى ضعف
الحوافز لدى المدرسين، وأنهم بحاجة إلى زيادة رواتبهم.
ولكن كل هذه الحلول تنقصها مادة وحيدة مفقودة تجاهلتها التقارير، وهي:
دور أولياء الأمور في التربية والتعليم. كما أشار إلى ذلك وزير التعليم السابق في
الولايات المتحدة (تيرل بال) ، حيث قال بحق:
» إن انهيار مستوى التعليم في المدارس الأمريكية في بعض من جوانبه
يعكس -إلى حد ما- طبيعة التقلبات على مستوى الأسرة، فلدينا أسر كثيرة يعمل
فيها كلا الوالدين، وأسر كثيرة أيضاً لا يديرها إلا شخص واحد (أباً أو أماً) «.
ونتيجة للسلبيات المترتبة على مثل هذه الحالات فإن الآباء قليلاً ما يهتمون
بالعناية بأولادهم، فهم مثلاً لا يلتفتون إلى متابعة تطور سير دراسة ولدهم إلا حينما
يفاجئ أمه بقوله: أماه.. إنني لا أفهم شيئاً.
حتى المدرسون بدورهم أصبحوا يتذمرون من اللامبالاة التي يتصف بها
سلوك الآباء. ففي مقال لـ (فيكتور فوجس) في جريدة (وول ستريت جورنال)
يقول:
» مما لا شك فيه أن اهتمام الآباء بأبنائهم، والقيم التي يحرصون على
غرسها فيهم هي من العوامل الأساسية التي تحسم مدى نجاح الطفل في المدرسة،
فنحن -مثلاً- نجد أن أبناء العائلات الآسيوية التي وفدت حديثاً إلى أمريكا غالباً ما
يتفوقون على أترابهم في المدارس الأمريكية والكندية «. ويستطرد مستر فوجس
قائلاً:
» إن تفوق الطلبة الآسيويين لدليلٍ واضح بأن الاجتهاد في التحصيل،
واحترام المدرس، والمشاركة الفعالة من الآباء في متابعة تعليم الطفل يبقى لها الأثر
الإيجابي الكبير في التفوق «.
إن الآباء الذين يهتمون بتعليم أبنائهم يحصلون على نتائج إيجابية دائماً،
وأحسن مثال على ذلك هو: اليابان، فالأم اليابانية تهتم كثيراً بتربية طفلها، كما
يقول الأستاذ جورج دي فوس، وهو انثروبولوجي من جامعة كاليفورنيا ظل يدرس
حضارة اليابان لمدة ٢٢ سنة، فهو يقول:
» إن الأم اليابانية عنصر كبير الأهمية والتأثير في تربية أطفالها، لأنها
تجعل من نفسها المسؤول الوحيد عن تعليمه، وتدعم بقوة دور المدرسة، وإن تربية
الطفل تبدأ منذ الولادة «.
إن السبب الرئيسي في انهيار مستوى تعليم الشباب بشكل عام في الدول
الصناعية هو عدم مشاركة الآباء في مسار التعليم، فإن الأب يرسل ابنه إلى
المدرسة بين الخامسة والسادسة من عمره، ثم ينتظر من الحكومة أن تتكفل بمهمة
تربية وتعليم هذا الطفل.
-انتهى المقال-
***
هذه حقائق يعترف بها عقلاء الغرب بعد أن أصبح من الصعوبة إخفاؤها،
ونسوقها لنؤكد بها تسيباً موازياً في التربية والتعليم في البلاد العربية والإسلامية،
حيث إن المستوى التربوي والتعليمي في حالة يشكو منها كل من هو مطلع على
حقائق الأمور.
وإن معالجة الماديين لمشاكلهم الاجتماعية تظل محكومة بنظرتهم المحدودة،
وقد تكون الحقيقة على مقربة منهم، ولكن يجدون الاعتراف بها صعباً، لأنه قد
يهدم الأساس الاجتماعي الذي ينطلقون منه برمته.
فلا شك أن التمرد على الفطرة، والتحدي الوقح لكل العقائد والأعراف،
والتنصل من كل ما تواطأت عليه البشرية ومصلحوها بحجة التطور والحرية،
والخروج بالمرأة عن وظيفتها التي خلقها الله، كل ذلك من الأسباب التي ينتج عنها
ما اشتكى منه القوم، إن لم يكن هو السبب الرئيسي.
ومع أن هذه النتائج يدركها أبسط معلم في مدرسة مارس مهنة التعليم،
ويستطيع أن يقيم عليها أمثلة لا حصر لها؛ فإننا وللأسف الشديد ماضون في أغلب
بقاع العالم الإسلامي في تشجيع المرأة على الخروج من بيتها بحجج يلوكها دعاة
الفتنة وأهل الأهواء، وبالتقنينات التي تدعم ذلك الخروج بشتى السبل، ويساند ذلك
إعلام لا يفتأ ليل نهار عن التحريض والإغواء ووصف الوقاحة والجرأة على الذنب
والشذوذ بالشجاعة والعبقرية والكفاح.
فهل ستكون النتيجة بعد كل ذلك أحسن مما توصل إليه الغرب الذي داس
الأسرة وروابطها، وسار شارداً لا يدري إلى أين المصير؟ ! .