نص شعري
[عندما يحزن العيد]
شعر: أحمد حسبو
ولدي رآني طرقاً في العيدِ ... مستغرقاً في الصمت والتنهيدِ
فرنا إليّ بمقلتيه محدِّقاً ... وجرى إليّ بفطرة المولود
وقف الصغير مسائلاً ببراءة ... (ما لي أراك مُكدراً في العيد) ؟!
قل لي بربك يا أبي ما تشتكي ... صعب عليّ أراك غير سعيد
فالعيد يوم للسرور وللرضا ... والأنس والإسعاد والتجديد
والعيد وصل والتقاء أحبة ... والعيد مأدبةٌ ولبس جديد
والعيد طرحٌ للكآبة جانباً ... لتعيش منطلقاً بلا تقييد
والعيد يومٌ في ظلال خميلة ... أو روضة محفوفة بورود
والعيد في سمع الورى ترنيمةٌ ... هو فرحة كبرى بلا تنكيد
الناس حولي للحياة تبسموا ... واستقبلوا الدنيا بخير نشيد
فعلامَ تبدو يا أبي متجهِماً ... ومخالفاً للعرف والتقليد؟ !
أم يا ترى هي حكمةٌ أُلهِمتَها ... وسواك ذو سفه وغير رشيد؟!
صوّبت لابني نظرة أودعتها ... ردّي وفيض مشاعري لوليدي
لا زالتَ غضاً يا صغيري ناشئاً ... فاسعد بيومك والغد المنشود
فأجابني: ما عدتُ غراً يا أبي ... فَارْوِ الغليل وقل بلا تمهيد
قلت استمع فلقد أثرتَ مشاعري ... ونكأتَ جرحاً نازفاً بوريدي
كيف السرور ومسجدي الأقصى اشتكى ... من حال أمتنا وكيد يهود؟!
كيف السرور وصفوةٌ من أمتي ... في الأرض بين مشرد وطريد؟
هم إخوة في الله يجمعنا بهم ... دين يسوِّي سيداً بمسود
كيف السرور ولم تزل أخواتنا ... يصرخْنَ من وَغْدٍ ومن عربيد
يحملن في أحشائهن معرّة ... من صلب كلب كافر رعديد
بُحّتْ حناجرهن علّ مروءة ... تأتي بمعتصم أو ابن وليد
لو أنّ قتلَ النفس مشروعٌ لنا ... لقتلن أنفسهن بالتأكيد
كيف السرور وقد رأينا مسلماً ... مَدّ اليمينَ مُصافحاً ليهودي [*]
فإذا بهذا الوغد يصفعُ خده ... صفعاً أُحسّ لهيبه بخدودي
فرأيت يا ولدي الهوان مجسداً ... هل بعد صفع الخد من تجسيد؟ ؟
العيد يوم نعود قلباً واحداً ... والحبّ يغمره مع التوحيد
حبّ لغير مصالح ترجى به ... حب لوجه إلهنا المعبود
العيد يوم تحرر الأفهام من ... رِقِّ التصوّر، من عمى التقليد
العيد إن عاد الجهاد وكلّنا ... مستبشرون بعَوْدِهِ المحمود
سيعود حتماً لا محالة يا فتى ... بمشيئة المولى ورغم حسود
وسنُطلق الأقصى الأسير وعندها ... سيكون حقاً ذاك يوم العيد
(*) مشهد عُرض متلفزاً وذكرته مجلة المجتمع.