ظهرت ـ في الآونة الأخيرة ـ نابتة في بعض دوائر الصحوة الإسلامية تزدري التربية، وتهوِّن من شأنها وشأن المشتغلين بها، وتتهمهم بالسطحية، وضيق الأفق، والتقوقع على الذات.. ونحو ذلك من المثالب.
ونسي هؤلاء أن التربية من أجلِّ وظائف النبوة، كما قال الله ـ عز وجل ـ:{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ}[الجمعة: ٢] .
ولهذا حفلت حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- كلها بتربية أصحابه الكرام رضي الله عنهم أجمعين؛ وكان من ثمرة ذلك جيل فريد جاهد في الله حق جهاده.
وتزكية النفوس وتربيتها هي المنطلق الصحيح لبناء الإنسان، خاصة في هذا الزمن الذي طغت فيه الأهواء والشهوات، وأصبحت فيه الفتن تترصد للإنسان من كل باب؛ فلا فلاح ولا استقامة إلا بالتربية، {قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا}[الشمس: ٩ - ١٠] .
صحيح أن طريق التربية طريق طويل، يحتاج إلى أناة وصبر، لكنه ـ بإذن الله ـ الدعامة الرئيسة لنهضة الأمة وعزتها.
وأحسب أن كثيراً من الكبوات التي أنهكت الأمة إنما سببها الرئيس هو ضعف التربية.
وإذا أكدنا ها هنا على أهمية التربية فإن من مقتضى ذلك الحرص على الشمول والتوازن التربوي الذي لا يغفل أبواب التربية المختلفة: كالتربية العلمية، والإدارية، والسياسية..