للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إبحار في زمن السقوط

عبد العزيز بن محمد السالم

رجلٌ سار على درب الرمادْ ... وتمادى في أمانيه وزادْ

وعلى كل الشعارات ارتقي ... خفقتْ راياته في كل نادْ

وتنادت بسمةُ النصر على ... كل ثغرٍ عشق الرِّقَ ومادْ

و (رفاق) النصر قد باتوا على ... لَغَطٍ يعلو وأقداحٍ تُعادْ

رجلٌ ماتت حياة الناس في ... صوته الأحمر يستهوي الجمادْ

يدَّعي حب المساكين ولا ... يستحي مَن قطع أعناق العبادْ

يتباكى حين يلقى أمةً ... تشتكي الضعف وتستجدي النفادْ

وينادي بانتصار الحق من ... كل مَن يدعو إلى درب الفسادْ

ويبُزُّ الناس في مظهره ... أنه المنقذ من كل الشِّدادْ

أنه بذرة خيرٍ للدُّنَى ... يملأ الأرض جلالاً واجتهادْ

يمحقُ الباطلَ في معقله ... وينادي بمساواة العبادْ

وإذا الشرُّ تنامى زرعُه ... في الورى فهو له شرٌّ حصادْ

هكذا ظن وهذا ما ادعى ... هكذا قال وهذا ما أرادْ

خدع الدنيا بفكرٍ أحمرٍ ... غيُّه خافٍ وقد أبدى رشادْ

بعبارات على مبسمها ... ألفُ آهٍ تتمطى في انقيادْ

* * *

كان جباراً وفي أفيائه ... مصنعٌ يعلو وبنيانٌ يُشادْ

والورى يهتف في موكبه ... فهو يستهوي ملايين الجرادْ

في حمى (منجله) رعبٌ سرى ... يحصد الأمنَ وأحلامَ الرقادْ

في حمى (منجله) شرعٌ به ... أمةٌ تُسبَى وآلافٌ تبادْ

لا تسلْ (مطرقة) الغدر كما ... لا تسلْ (منجله) عما يُرادْ

فلقد بان لنا الحق وما ... عاد يلهينا عن الحق سوادْ

سقطتْ كل الشعارات التي ... رُفعتْ فوق منار (الاتحادْ)

* * *

رجل أسقطه طغيانُه ... رجلٌ أنهكه أهلُ الجهادْ

طالما دامتْ ليالي عُرسه ... فليذُقْ من أهلنا طعم الحِدادْ

قَدُّكَ الممشوقُ يا هذا ذوى ... فاطَّرح فكراً هزيلاً وعنادْ

عُد إلى كهف الضلالات ومُتْ ... في نواحيه وخذْ ماءً وزادْ

لا تُجربْ حظك العاثر في ... دعوة أخرى وأثوابٍ جِدادْ

كفرَ الناس بما قلتَ وهل ... يحصد المرءُ وروداً من قتادْ!

* * *

قد تعجَّبتُ ولكن ليس من ... سقطة الفكر الذي امتدَّ وسادْ

إنما من بعض قومي حينما ... جعلوا فكرته فيهم عمادْ

أنا أقسمتُ وهذا الكون لي ... شاهدٌ قولاً وفعلاً واعتقادْ

أنه لا حظَّ في النصر لنا ... حينما نُسْلِمُ للكفر القيادْ

إنما النصرُ حليفٌ صادقٌ ... لصلاحٍ وكفاحٍ وجِلادْ