للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسلمون والعالم

من أسقط (الرفاه) ولماذا؟

بقلم: د. محمد حرب [*]

بعد أن استلمت قيادة حزب الرفاه الإسلامي الوزارة في تركيا، بعد فوزها

بالانتخابات البرلمانية ظلت تمشي على حقل من الألغام السياسية المحفوف بجدران

من الأشواك الدبلوماسية.. فهكذا أرادها لهم العلمانيون الأتراك ... تجربة وعرة

تمر عبر مخاض عسير وولادة أعسر ... ثم يموت الجنين بعد حين.

وقد جاءتنا هذه الدراسة من الدكتور محمد حرب، لتلقي ضوءاً على أبرز

القوى والعقبات التي وضعت في طريق هذه التجربة القصيرة.

... ... ... ... ... ... ... ... ... ... - البيان -

القوة الأولى: الجيش:

يأتي في المقدمة الجيش التركي الذي يحمل رسالة تاريخية في الجمهورية

التركية هي المحافظة على أسس قيام الجمهورية التي أعلنها بمبادئها (كمال

أتاتورك) والتي تلتزم بالعلمانية في مفهومها الأصلي الأوروبي الذي أخذه (أتاتورك)

وهو فصل الدين عن أمور الدولة.

لكن التطبيق التركي للعلمانية أخذ بُعداً آخر عندما قال أتاتورك في مجلس

الأمة التركية عام ١٩٣٧م: إن الدولة التركية ستأخذ في بنائها بالعلمانية ولن تلتفت

إلى ما (يُظَن أنه كتب نزلت من السماء) ! و (لن تأخذ بالغيبيات) وذلك ما سجلته

مضبطة مجلس الأمة التركي آنذاك.

لهذا يسعى الكماليون إلى تطبيق العلمانية في تركيا تطبيقاً تركياً محليّاً يأخذ

موقفاً عدائياً من الدين، فعلى سبيل المثال نجد أن أتاتورك ألزم الشعب التركي

بالقبعة الأوربية، وفي سبيل تطبيق ذلك أعدم عدداً من العلماء الذين كانوا قد

أصدروا فتوى بعدم جواز لبس القبعة الأوروبية، قبل صدور أمر أتاتورك في هذا

الصدد.

وبحكم الدستور التركي فإن هناك (مجلس الأمن القومي) ويتكون من قادة

الجيش وأعضاء الحكومة للمحافظة على أسس الدولة التركية العلمانية، ويمكن لهذا

المجلس إصدار (توصيات) أصبحت بالضرورة أوامر.

ويبدو أن الجيش لم يفهم الحركة الإسلامية بعامة وحركة حزب الرفاه بخاصة؛ فنقدُ الجيش للرفاه أنه حزب يريد جعل تركيا تسير وفق الشريعة الإسلامية فإن

هذا يعارض العلمانية، والواقع أن حزب الرفاه يدرك جيداً أن تركيا دولة مؤسسات، وهو يصبو إلى مجتمع مسلم، وهو حزب وصفه (مسعود يلماظ) رئيس الحكومة

الحالية بأنه حزب (له ميول إسلامية) وما نادى به الرفاه لا يرقى إلى مستوى أن

تتحداه الدوائر العسكرية.

والرفاه لم يصل إلى السلطة إلا بعد مسيرة ٢٧ عاماً منذ تأسيس حزب (النظام

الوطني) الذي أسسه (أربكان) عام ١٩٧٠م ثم حزب (السلامة الوطني) ثم (حزب

الرفاه) المهدد الآن بإغلاق أبوابه بل الذي أُغلق فعلاً [١] .

ولم يكن الإسلام السياسي إذا جاز هذا التعبير مضاداً للقوات المسلحة ولا حتى

مضاداً للعلمانية نفسها؛ فقد كتب (نجم الدين أربكان) في كتابه (النظرة الوطنية) :

(إنه يقبل بالعلمانية بشرط ألا يفهم منها اضطهاد المسلمين) ! والجيش التركي هو

الذي أجهض انتصارات الرفاه.

وليست هذه هي المرة الأولى التي يتدخل فيها الجيش؛ فقد تدخل بانقلابه عام

١٩٦٠ عندما شعر أن هناك (اتجاهات إسلامية) داخل الحزب الديمقراطي، وكان

الجيش قاسياً عندما أعدم (رئيس الوزراء عدنان مندريس) في ذلك الوقت مما جعل

الشعب التركي يعتبره (شهيداً) رغم أنه لم يقدم للحركة الإسلامية ما يستوجب

الشهادة إلا بعض (سماح) يتعلق بالأذان وكتاتيب تحفيظ القرآن الكريم، والسماح

لنمو طبقة الحرفيين بعد أن كان حزب الدولة قبله يتولى أمور اقتصاد البلاد. ورغم

هذا، يُذكر أن (عدنان مندريس) هو الذي أصدر (قانون حماية أتاتورك) الذي يعتبر

سيفاً مسلطاً على كل من تسوِّل له نفسه نقد أتاتورك وأعماله.

وقام الجيش بانقلاب عام ١٩٧١م ثم ١٩٨٠ ثم ١٩٩٧م وجاء تدخله عام

١٩٩٧م، مختلفاً ولم يكن انقلاباً عسكرياً تقليدياً؛ نظراً لأن تركيا كانت تسعى

للتقارب مع الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن وقوف (أولبرايت) لتعلن وقتها أن أمريكا

ضد تدخل العسكريين عموماً، وذلك بعد أن سربت وزيرة الداخلية (تابعة لحزب

تشيلر في حكومة أربكان) للأمريكان نتائج تجسس الداخلية التركية على ضباط

الجيش ورغبتهم في القيام بانقلاب. لم يقع انقلاب تقليدي وإنما أصدر (مجلس

الأمن القومي التركي) جناح قادة الجيش بياناً دعا فيه إلى إغلاق مراكز (الطرق

الصوفية التركية) باعتبارها مقاومة في نظرهم للإجراءات المضادة، ودعا إلى

جعل التعليم الإلزامي العلماني لمدة ثماني سنوات بعد أن كان خمس سنوات، وإلى

مراقبة مصادر تمويل تلك الطرق من شركات وجمعيات وأوقاف، ومنع الكوادر

الإسلامية من دخول مؤسسات الدولة الرسمية كموظفين، ومنع استخدام الضباط

وصف الضباط المفصولين من الجيش لأسباب إسلامية في البلديات، وجعل تدريس

القرآن الكريم تابعاً لوزارة التعليم، التي لم تكن في يوم من الأيام في يد وزير

إسلامي، والتشدد في تطبيق (قانون الزي) الذي يمنع المرأة التركية من ارتداء

الحجاب والرجل التركي من لبس العمامة أو الجبة.

القوة الثانية: الحكومة التركية:

الحكومة الحالية برئاسة مسعود يلماظ (رئيس حزب الوطن الأم) الذي يعتبر

نفسه زعيم اليمين التركي، هي الحكومة التي خلفت أربكان وتشكلت من ٣٨ وزيراً

يمثلون ٣ أحزاب: حزب الوطن الأم (حزب يلماظ) وقد حصل على ٢١ وزيراً؛

وحزب اليسار الديمقراطي الذي يرأسه بلند أجاويد (١١ وزيراً) وحزب تركيا

الديمقراطية الذي يرأسه جين دوروك (٥ وزراء) ووزير واحد مستقل. فالحكومة

هي الوجه الآخر المضاد للحركة الإسلامية في تركيا وذلك لوجود رموز معادية

للإسلام بشدة داخلها: فوزير خارجية الائتلاف الحكومي في تركيا هو الصحفي

البارز (إسماعيل ابكجي) وهو ينتسب إلى (عائلة ابكجي) ولها تاريخ في تركيا،

فهي أسرة تنحدر من يهود الدونمة، ووزير الدفاع في هذه الحكومة (عصمت

سزكين) الذي تقول المراجع إنه كان قد استوزر أول مرة في حكومة يرأسها سليمان

دميريل في تركيا عام ١٩٦٥م وكان بها ١٣ وزيراً ماسونياً والمذكور واحد منهم.

والوزير المستقل في هذه الحكومة (ياليم أرز) كان يرأس سابقاً مجلس العمل

التركي الإسرائيلي المشترك.

وتضم الحكومة (بلند أجاويد) نائب رئيس الوزراء والمعادي بشدة للإسلاميين.

هذا غير ما يتردد من أن النائب الثاني لرئيس هيئة أركان حزب الجيش

التركي (جويك أر) ، هو المحرك الأساسي للعلاقات العسكرية التركية الإسرائيلية

والذي حصل من جمعية أتاتورك بالولايات المتحدة الأمريكية على جائزة العلمانية

والديمقراطية، هو من (الطائفة العلوية في تركيا) [٢] .

ثالث القوى: رئيس الجمهورية:

الرئيس الحالي سليمان دميريل معروف بماسونيته وصداقته لإسرائيل؛ وقد

حضر مؤتمر شرم الشيخ (مع الوفد الإسرائيلي) على طائرة واحدة متحدياً الشعور

الإسلامي في تركيا.

صحيح أن سليمان دميريل حكم كرئيس لوزراء تركيا سبع مرات في عهد

الجمهورية من ١٩٦٥ إلى ١٩٦٧ ومن ١٩٦٧ إلى ١٩٧٠ ومن ١٩٧٠ إلى ١٩٧١

ومن ١٩٧٥ إلى ١٩٧٧ ومن ١٩٧٧ إلى ١٩٧٨ ومن ١٩٨٠ إلى ١٩٨١ ومن

١٩٩٢ إلى ١٩٩٣ أقام أثناءها ٣٢٧ مدرسة للأئمة والخطباء، إلا أنه قام بما يمكن

تسميته بالانقلاب الرئاسي، وكان ذلك عندما أشار مجلس الأمن القومي بالضغط

على أربكان للاستقالة بعد أقل من سنة من تشكيله الحكومة الإسلامية الأولى في

تاريخ الجمهورية التركية ليتيح له تنفيذ وعده لشريكته في الحكم الدكتورة (طان صو

تشيللر) لتخلفه في رئاسة الحكومة، وأرفق أربكان استقالته بطلب تولي تشيللر

رياسة الوزارة حسب بروتوكول التعاون بينهما، كما قدم أربكان عريضة موثقة من

٢٨٣ نائباً هم نواب حزب الرفاه وحزب الطريق القويم وحزب الوحدة الكبير،

وكانت الأغلبية المطلوبة هي ٢٧٦ نائباً فقط لكن الرئيس (سليمان دميريل) تجاهل

مطلب أربكان وتجاهل العريضة المذكورة وكلف (مسعود يلماظ) بتشكيل الوزارة،

وكأن الأمر قد قضي بليل.

رابع القوى:

فئات منسوبة للإسلام تتمثل في (مجموعة الشيخ فتح الله خوجه) من

(النورسيين) وغيرهم. تقول المخابرات الأمريكية في تقرير هام لها عن تركيا،

تمت ترجمته بعد نشره إلى اللغة التركية، إن القوى الأساس الإسلامية في تركيا

هي الآتي:

١- النقشبنديون:

وهم أتباع الطريقة النقشبندية التي اشتهرت بمواقفها المناوئة منذ بداية العهد

الجمهوري، وقد أعدمت الحكومة الكمالية العديد منهم، ولما حصلت الانفراجة

الديمقراطية في تركيا في الأربعينات بعد موت أتاتورك واضطرار (إينونو) إلى

تعدد الأحزاب، تمتع المسلمون بقسط ما من الحرية النسبية، هذه الحرية التي لم

تتأكد إلا منذ ٢٧ عاماً فقط هي عمر بداية أربكان مع العمل السياسي. وقد أفرزت

إحدى حلقات النقشبندية في استانبول وهي جماعة محمد زاهد أفندي شيخ جامع

إسكندر باشا في حي الفاتح باستانبول، مجموعة أربكان وصحبه.

٢- السليمانيون:

وهم تلامذة الإمام سليمان حلمي طوناخان الذين يقولون إنه لا عودة للإسلام إلا

بانتهاج اللغة العربية ونشر تحفيظ القرآن ودراسة العلوم الإسلامية بلغتها العربية.

٣- النورسيون:

أتباع بديع الزمان سعيد النورسي الذي اعتمد على الفلسفة وعلم الكلام طريقاً

منظماً ومنطقياً للتدليل على التوحيد والإيمان لإعادة الإسلام إلى تركيا، وجمع

أتباعه كل ما كتبه أو أملاه في ثمانية مجلدات باسم: (رسائل النور) هي كل زاد

أتباعه.

وقد انقسم النورسيون بعد موت شيخهم إلى عدة طوائف: طائفة تقول:

نتدارس رسائل النور التي ألفها النورسي بخطها العربي، وأخرى تقول: بل

ندرسها بالحرف اللاتيني. لكن أهم طوائف النورسية:

جماعة محمد قوطلولار، وتسمى جماعة جريدة آسيا الجديدة، ثم جماعة

سوزلر أو جماعة فارس قايا، وأخيراً جماعة إزمير أو جماعة فتح الله.

وكلها تعمل لهدف واحد وهو نشر رسائل النور التي ألفها أستاذهم بديع الزمان

سعيد النورسي بمختلف الوسائل، وتقديم شروح لها وكتب عنها ومؤتمرات،

ومسابقات، والهدف نشر فكر الرجل وإشاعته في العالم الإسلامي. وهي جهود

يتعاون فيها دعاة رسائل النور من ناحية والتاجر النورسي الذي لا يبخل شأنه شأن

الأتراك في قضايا الإسلام.

عود على بدء:

إن جماعة النور أو النورسيين يؤمنون إيماناً قاطعاً بقول مرشدهم في كل

الأمور بلا نقاش؛ يقول النورسي: إنه لا مجال لقيام حزب سياسي إسلامي طالما

أن عدد المسلمين المخلصين للإسلام في بلد ما لم يبلغ ٧٠% إلى٨٠% من مجموع

السكان، لذلك أخلص النورسيون لهذا المبدأ، وبالتالي وقفوا عائقاً أمام نمو حزب

الرفاه بأشكاله الثلاثة حتى الآن: النظام السلامة الرفاه.

وبلغ عداء النورسيين للحركة السياسية الإسلامية أن قال لي أحد مديري

تحرير جريدة (زمان) التابعة للنوريسيين فرع فتح الله خوجه: إننا لن نسمح

لأربكان بالنجاح في الانتخابات التشريعية أبداً بعد نجاحه في انتخابات البلديات،

ومع هذا فقد نجح أربكان.

وأذكر أيضاً أن جماعة أزمير (فتح الله خوجه) قد عملت على إسقاط مرشح

حزب السلامة عن أزمير في السبعينات وهو (طورغوت أوزال) الذي أصبح فيما

بعد رئيس الجمهورية التركية.

واللافت للنظر أن النورسيين رغم عدائهم للحركة السياسية الإسلامية وادعاء

بعض فروعهم بعدم العمل بالسياسة، فهم غالباً وبخاصة جماعة فتح الله خوجه

وجماعة قوطلولار يؤيدون وبحماس (سليمان دميريل) وحزبه (العدالة) أولاً، ثم

الطريق القويم ثانياً، حتى أصبح رئيساً للجمهورية.

بعد ذلك أيدت بعض أفرعه (طان صو تشيللر) ، ووصل الأمر بفتح الله

خوجه أن هاجم أربكان ووقف بجانب الجيش ضده، في وقت كان أربكان في أشد

الحاجة لوقفة مؤيدة أو على الأقل الصمت؛ وهذا ما يؤكده الحديث النبوي الصحيح: (من كره فقد برئ، ومن أنكر فقد سلم، ولكن من رضي وتابع) ! ، فأين منه

هؤلاء القوم؛ هدانا الله وإياهم إلى الحق.

تعقيباً على هذا، نجد أن المدعي العام التركي قد استمع إلى أقوال نجم الدين

أربكان في دفاعه ضد الاتهام الذي يرمي إلى إغلاق حزب الرفاه. والغريب أن من

بين التهم التي وجهت إليه، فتحه لمدارس الأئمة والخطباء وهي المدارس التي

تعتبر منبعاً لكوادر جديدة شابة لحزب الرفاه، وكان دفاع أربكان أنه لكي يفتح

مدرسة للأئمة والخطباء لا بد من قرار من وزير التعليم، وأن المرات التي اشترك

فيها أربكان في الحكم أو رأس فيها الوزارة، لم يسمح لأحد من الرفاه بتولي وزارة

التعليم. وبالتالي فهو بريء من هذه التهمة.

أما في حالة اتخاذ المحكمة قرارها بإلغاء حزب الرفاه فسيكون الرفاهيون

جاهزين بمشروع حزب جديد بمسمى جديد لا يتغير فيه إلا المسمى فبدلاً من الرفاه

سيكون الفرح، ويظهر هذا في الحروف اللاتينية أوضح Rafah تصبح Farah

وآخرون يقولون: بل نسميه حزب السعادة، ويبدو أنهم سيستقرون على مسمى:

(حزب الفضيلة) .

خامس القوى:

الفعاليات الديمقراطية والعلمانية القائمة: والتي تدعمها وسائل الإعلام بكافة

أشكالها المقروءة والمسموعة والمرئية. إن كل المؤسسات والآليات العلمانية تقف

في مواجهة حزب الرفاه (الإسلامي) وهذا لا يعود بالدرجة الأولى إلى ما يدعيه

العلمانيون من (راديكالية) أو أصولية الإسلاميين في تركيا؛ فالتجربة عبر ٢٧ عاماً

من العمل الإسلامي أثبتت حتى بشهادة المحاكم أن ليس لإسلاميي تركيا صلة

بالإرهاب ولا صلة بالأصولية بالمعنى الأوروبي، ولا صلة بأحداث العنف، وإنما

يقف العلمانيون بمؤسساتهم كلها خاصة الأحزاب التركية القائمة الآن ضد الإسلام

بالمعنى الشرعي، وينسون اعتدال الحركة الإسلامية في تركيا. والأغلب على

الظن أن موروث معاداة الإسلام لدى الأحزاب التركية باستثناء ٣ أحزاب من

مجموعها يأتي من الفهم الكمالي الأتاتوركي للإسلام، ويأتي من ليّ عنق الجواد

الأناضولي؛ يعني شبه جزيرة الأناضول التي تشكل ٩٠% من مساحة تركيا

الجغرافية أو أكثر قليلاً، من وجهته نحو الشرق ليتجه إلى الغرب: أوروبا وأمريكا

بحجة (أوروبية) تركيا! وليس في تركيا من أوروبا إلا ١٠% من مساحتها أو أقل

قليلاً.

يعني أن دولة عاصمتها أنقرة في قلب آسيا الصغرى تجري فيها اجتماعات

سياسية لتوكيد شخصية تركيا (الأوروبية) ؟ كيف؟

أما الأحزاب العلمانية التركية القائمة على مختلف أشكالها فلها مواقفها

المناقضة للتوجه الإسلامي فهي كما يلي:

- حزب النهج القويم وترأسه الدكتورة طان صو تشيللر.

- حزب الوطن الأم ويرأسه مسعود يلماظ.

- حزب تركيا الديمقراطية ويرأسه حسام الدين جن دوروك.

- الحزب الديمقراطي الاجتماعي يرأسه بلند أجاويد.

- حزب الشعب الجمهوري ويرأسه دنيز بايقال.

- حزب الحركة القومية التركية ويرأسه دولت باغجه لي.

- حزب العمل ويرأسه دوغو برين جك.

- حزب هادَبْ ويرأسه مراد بوزلاق.

أما الأحزاب ذات الاتجاه الوطني وغير المعادية للإسلام ولديها روح دينية

نوعاً ما فهي:

- الحزب الديمقراطي الجديد ويرأسه حسن جلال كوزال.

- حزب الوحدة الكبرى ويرأسه محسن يازيجي أوغلو.

- والحزب الديمقراطي ويرأسه قورقود أوزال.

والجدير بالذكر هنا أن حسن جلال كوزال رئيس الحزب الديمقراطي الجديد

أثبت إنصافه عندما اعترض على جنرالات الجيش التركي واتجاه الدولة التركية

لإلغاء حزب الرفاه بقيادة نجم الدين أربكان، وقال: إنه لا يمكن أن تكون في تركيا

ديمقراطية مع إلغاء حزب يعمل بالفعل ومعترف به ويمثل قطاعاً هاماً من الشعب

في تركيا. وتعرض حسن جلال كوزال من جراء دفاعه عن حق الرفاه في البقاء

والوجود إلى اعتقالات متواصلة.

كما ينبغي تسجيل موقف (محسن يازيجي أوغلو) الذي جعل من حزبه أداة

لديمقراطية تركية تؤمن بوحدة الأتراك وبدينها الإسلامي وقال رأيه صراحة: إن

الديمقراطية معناها عدم التدخل في الشؤون الديمقراطية، بمعنى أن مهمة الجيش

هي الدفاع الخارجي عن الوطن وليس التدخل الداخلي، وإعطاء الناس حقهم في

التصويت الحر، وأن التدخل في إرادة الأمة هو تدخل في الديمقراطية.

تذييل على المقالة [**] :

الحقيقة التي ظهرت للقارئ الكريم من خلال هذا العرض السريع تؤكدها

رؤية صحيفة تركية علمانية هي (دتركيش ديلي نيوز) بعد إغلاق حزب الرفاه

(وتحت عنوان: نظام الدولة يتساقط) : قالت: (إن إغلاق (الرفاه) كان قراراً

سياسياً وليس قضائياً؛ لأنه كان يتعين طبقاً للمادة (١٠٣) من قانون الأحزاب

السياسية تحذير الحزب عدة مرات من الأخطاء التي يقع فيها قبل رفع دعوى

لإغلاقه، وهو ما لم يحدث في هذا الموضوع؛ ولذلك فإن قرار إغلاقه يُعد انتهاكاً

للقانون. وأشار المقال إلى عجز النظام القضائي وتورط كبار المسؤولين في الدولة

في عمليات تجارة المخدرات والفساد والرشوة مما يؤكد تساقط نظام الدولة مع

حيلولته دون إجراء إصلاحات جذرية في مناخ ديمقراطي لتفادي قيام الجيش بالعمل

غير المسوّغ بالنسبة لنا (التدخل) وهذا ما ثبت إخفاقه في الانقلابات العسكرية التي

وقعت من قبل) .

مفارقات:

بعد قرار حل حزب الرفاه: أدانت هذا القرار كثير من الدول وبخاصة دول

الاتحاد الأوروبي التي رأت فيه انتكاسة خطيرة للديمقراطية التي كانت تركيا في

طريق الوصول إليها، كما رأوا في القرار نفسه عائقاً جديداً أمام انضمام تركيا

للاتحاد الأوروبي لا سيما أن حزب الرفاه ليس حزباً هامشياً بل هو صاحب الأغلبية

البرلمانية وصاحب الشعبية الجارفة.

والأعجب من ذلك صمت القبور من قِبَلِ بعض من يُعتَب عليهم حيال هذا

القرار الجائر، وكأن الإنصاف لا يأتي إلا من قِبَلِ الأجانب؛ فيا لله للإسلام،

ويالله للمسلمين. ... ... ... ... ... ... ... ... ... - البيان -


(*) رئيس مركز بحوث العالم التركي بالقاهرة.
(١) في ١٨/٩/١٤١٨هـ، قررت ما يسمى بالمحكمة الدستورية في تركيا حل حزب الرفاه بدعوى قيامه بأنشطة مناهضة للعلمانية مع حرمان رئيسه (نجم الدين أربكان) وخمسة من زملائه في الحزب من حقوقهم السياسية لمدة خمس سنوات مع حرمانهم من عضويتهم البرلمانية المنتخبة! ! وقررت المحكمة مصادرة ممتلكات الحزب كلها ووضعها في تصرف خزينة الدولة وقال المدعو (أحمد نجدت) رئيس المحكمة للصحفيين: (إن القرار اتخذ بأكثرية ٩ أصوات في المحكمة ضد ٢ والتي تضم ١١ عضواً) وتم تنفيذ القرار وأغلق الحزب أبوابه في فبراير/١٩٩٨م (وكالات الأنباء) .
(٢) العلويون في تركيا هم الفئة الباطنية التي لا تمت في معتقداتها ومبادئها للإسلام ولمزيد من الأضواء على حقيقتهم انظر إلى (العثمانيون التاريخ والحضارة، د محمد حرب) ومن أشهر رموزهم الأديب الملحد (عزيز نسين) .
- (البيان) -
(**) عن صحيفة (الرياض العدد ١٠٨٠٤، الصادر في ٢٤/٩/١٤١٨هـ.