شؤون العالم الإسلامي ومشكلاته
نظرة سريعة إلى أحوال المسلمين
في الفلبين
وصلنا من الأخ سلامات هاشم، رئيس (جبهة تحرير مورو الإسلامية)
تقريران فيهما لمحة عن أوضاع المسلمين هناك، وتطورات قضية جهادهم في ظل
نظام (أكينو) الحالي، ويسرنا أن نقدم النقاط الرئيسية التي اشتمل عليها هذان
التقريران كبداية لتعاون مستمر إن شاء الله.
تقترب حكومة (أكينو) من نهاية عامها الثاني، ولم تستطع أن تأتي بدليل
عملي يثبت قدرتها على الخروج من المأزق والأزمات الخطيرة التي وقعت
فيها الدولة أثناء حكم الدكتاتور السابق المخلوع، وإن المشاكل التي أوجدتها
الإدارة الحالية أكثر مما حلته.
والجهود التي بذلتها بغية استقرار الحكومة وإيجاد حلول لمشاكلها السياسية
والأمنية والاقتصادية العويصة قد باءت كلها بالفشل الذريع، والدلائل تشير إلى أن
الحكومة لن تستقر ولن تستطيع أن تحل مشاكلها، بل ربما تتضاعف مشاكلها
بمرور الأيام، إذا قدر لها البقاء لفترة من الزمان، وصدق رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- إذ قال: «لن يفلح قوم ولوا أمرهم إمرأة» .
المحاولات الانقلابية:
شهدت إدارة أكينو خمس محاولات انقلابية عسكرية منذ قيامها في٢٥ فبراير
١٩٨٦م. ولاشك أن هذه المحاولات الانقلابية المتكررة - رغم فشلها -تدل على
أمور كثيرة منها: ضعف الحكومة، وعدم وجود الثقة المتبادلة بين القيادات المدنية
والعسكرية، حيث إن مؤسسة الدولة العسكرية منقسمة إلى قسمين: قسم موال
للحكومة وقسم ضدها، وإن المحاولات الانقلابية الأخيرة هي أخطر وأقوى من
المحاولات السابقة، ويبدو أنها ليست المحاولة الأخيرة بل ستكون هناك محاولات
قادمة، وربما أقوى من المحاولات السابقة.
وجدير بالذكر أن قائد المحاولات الانقلابية الفاشلة الحديثة مازال متخفيًا وهو
مصمم على مواصلة جهوده للإطاحة بالحكومة الحالية لتحل محلها لجنة مشتركة من
مجموعة من السياسيين والعسكريين.
وكادت المحاولات الحديثة أن تنجح، فقد استولى الثوار على القاعدة
العسكرية الرئيسية وعلى بعض الإذاعات التلفزيونية، ووصلت المعارك إلى أبواب
القصر الرئاسي، حيث مكتب الرئيسة أكينو وسكنها الرسمي، وجرح أثنائها ابنها
الوحيد ولقي حرسه الثلاثة مصرعهم.
التطورات العامة في الفلبين باختصار:
١ - الحكومة الحالية لم تستقر وسوف لن تستقر ولم تحل شيئًا من مشاكلها
العويصة وسوف يستمر هذا الوضع لفترة من الزمان.
٢- احتمال تكوين مجلس عسكري سياسي لتولي الحكم مع بقاء السيدة أكينو
رئيسة رمزية إما بدون سلطة أو ببعض السلطات المحدودة. وفي هذه الحالة سوف
تتصاعد الحرب بين الحكومة والشيوعيين، وبينها وبين المسلمين.
٣-المخابرات المركزية الأمريكية تلعب دورًا كبيرًا في تسيير الأمور في
البلاد، ولعبت دورًا سيئًا في الأحداث الأخيرة إن لم تكن هي مدبرتها.
٤-المفاوضات بين الحكومة ومسواري وصلت إلى طريق مسدود، وعلى أي
حال لم يتوقع أحد ممن يعرفون الأوضاع وحقائق الأمور في البلاد أن تنجح تلك
المفاوضات، والحكومة لم تقصد إنجاحها.
التطورات الخاصة في منطقة مورو الإسلامية:
١- لاشك أن المنطقة تتأثر نوعًا ما بالتطورات في حكومة مانيلا، غير أن
الظروف فيها تختلف كثيرًا عن الظروف في بقية الفلبين، فقد تكون التطورات نقمة
بالنسبة للحكومة، ونعمة بالنسبة لمنطقة مورو، وإن المحاولات الانقلابية السالفة
الذكر أوضح مثال لذلك، حيث كانت هذه الحادثة نقمة على حكومة أكينو ولكنها
نعمة لمنطقة مورو، لأن الحكومة اضطرت إلى أن تسحب قواتها المنتشرة في
المناطق الإسلامية لتعزيز القوات الموالية لها في مانيلا، حيث وضعتها في أماكن
استراتيجية حول العاصمة.
٢-أما تغيير الحكام في الفلبين فلا يؤثر كثيرًا على وضع المسلمين وليس
هناك فرق كبير في معاملتهم مع المسلمين، والحكام الفلبينيون النصارى كلهم
متفقون على أن الإسلام هو عدو حكومتهم الأول، وأن وجود الجماعة الإسلامية في
الجنوب خطر على الدولة، وصدق الله العظيم إذ يقول: [ولَن تَرْضَى عَنكَ اليَهُودُ
ولا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ] ، ويقول في آية أخرى: [ولا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ
حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إنِ اسْتَطَاعُوا] .
٣-إن حكومة أكينو التي كان كثير من الناس داخل البلاد وخارجها يأملون أن
تنفذ وعودها بإعادة حقوق المسلمين المسلوبة إليهم، وأن تعاملهم معاملة عادلة هي
مثل الحكومات السابقة في معاملتها للمسلمين وفي سياستها إزاء قضيتهم.
والخلاصة أن الوضع في منطقة مورو الإسلامية لم يتغير، وأن موقف
الحكومة الحالية تجاه شعب مورو المسلم كموقف الحكومات السابقة، وليس هناك
أمل في استرجاع حقوق المسلمين المسلوبة بواسطة الأسلوب السياسي السلمي، وان
الطريق الصحيح هو استمرار الجهاد في سبيل الله.
أحوال المسلمين في جنوب الفلبين:
١-رغم الحياة القاسية والظروف الصعبة التي تحيط بالمسلمين فإنهم يشقون
طريقهم إلى حياة إسلامية أفضل، فرغم بعدهم الجغرافي عن بقية العالم الإسلامي
فقد تأثروا بالوعي الإسلامي المنتشر والمحسوس بين صفوف المسلمين في شتى
أنحاء العالم الإسلامي، فقد انتشرت المدارس الإسلامية الأهلية، وكذلك مدارس
قراءة وتحفيظ القرآن الكريم، وازداد عدد المساجد، فقد أعادوا إقامة المدارس
والمساجد بعد أن أحرقتها السلطات الفلبينية وازداد تمسكهم بتعاليم دينهم.
٢-لعل انتشار الظلم والفساد من ضمن العوامل التي دفعت الناس إلى الإقبال
على الإسلام فقد سئموا الحياة في ظل المجتمع الفلبيني الظالم الفاسد، وهم الآن
يتخبطون في الظلام للبحث عن نور ينير لهم الطريق السوي الذي يوصلهم إلى
حياة أفضل، وقد وجدوا هذا النور في برامج جبهة تحرير مورو الإسلامية التربوية
والتعليمية والاجتماعية، وفي خطتها للدعوة الإسلامية العامة والخاصة.
٣-إن الدعوة الإسلامية تجد أرضًا خصبة في المنطقة، فإن المسلمين يهتمون
بدينهم الآن أكثر من اهتمامهم به من قبل، وغير المسلمين يقبلون على الإسلام عن
حب ورضا.
وضع الجهاد والمجاهدين:
تحسن وضع الجهاد ومجاهدي جبهة تحرير مورو الإسلامية وخاصة في
مجالات الإعداد والتدريب والتنظيم وتنسيق القيادات الإقليمية ولجان الجبهة،
وأجهزتها المختلفة حيث اغتنموا فرصة الهدوء النسبي الذي ساد البلاد منذ قيام
حكومة أكينو فعملوا على إعداد العدة والتدريب في جميع الميادين الضرورية في
الجهاد.
إن وضع الجهاد والمجاهدين يتحسن بمرور الأيام، وأصبحت جبهة تحرير
مورو الإسلامية الآن أقوى من قبل وذلك بعون الله سبحانه وتعالى ثم بفضل جهود
العلماء والدعاة والقواد العاملين في ميدان الدعوة والجهاد، فقد استطاعوا بعون الله
وفضله أن يوحدوا صفوف المجاهدين المخلصين الصادقين تحت راية الإسلام وفي
ظل جبهة تحرير مورو الإسلامية، وتمكنوا من توجيههم إلى طريق الجهاد الصحيح.
السلطات الفلبينية تقتل العلماء المسلمين وتحرق المعاهد والمدارس الإسلامية:
تقوم الوحدات التابعة للقوات المسلحة الفلبينية الجديدة التي أنشأتها حكومة
الرئيسة أكينو مؤخرًا بقتل العلماء المسلمين، وإحراق المعاهد والمدارس الإسلامية
في بلاد (المورو) بجنوب الفلبين.
وقد تلقى عدد من العلماء والأساتذة والدعاة في جنوب الفلبين رسائل بتوقيعات
مستعارة كانت موضوعاتها الرئيسية هي التهديدات بالقتل والاغتيال أو الخطف.
وقد وجهت هذه التهديدات بوجه خاص إلى العلماء والدعاة الذين يخطبون في
المساجد، ويطوفون البلاد لنشر الوعي الإسلامي والمدرسين المشهورين
والمعروفين بمواقفهم الإسلامية الصحيحة الثابتة، والذين يشرحون الدين الإسلامي، ويدعون الناس إلى الله في الإذاعات المحلية.
ولم تمنع تلك التهديدات العلماء والدعاة المخلصين من ممارسة عملهم
الإسلامي بل تجاهلوها وضاعفوا جهودهم في نشر الحق، ودعوا هؤلاء الذين
يهددونهم بالقتل إلى توثيق الروابط والتفاهم، وتدعيم المحبة والتعاون على إحلال
الأمن والاستقرار في البلاد، كما دعوهم إلى الإسلام، دين العدل والخير والبركة،
واستمرت التهديدات تارة بالرسائل، وتارة بالتليفونات وغيرها، ولم يلتفت
العاملون في الحقل الإسلامي إليها، ولم يكن أحد يعرف بالتأكيد من أين تأتي تلك
الوسائل والاتصالات التلفونية فضلاً عن مصدر التهديدات، وإن كانت التحريات
تشير إلى شبكة الاستخبارات الفلبينية والعناصر المعادية للإسلام بصفة عامة.
وقد نفذ أحد هذه التهديدات في١٩ مارس١٩٨٧ واكتشفت مصدرها بالتأكيد
حيث قام عملاء استخبارات الجيش الفلبيني تحت إشراف أحد ضباط المخابرات
المدعو (إميليو كوميلينج) باغتيال الشيخ إبراهيم ديرون أحد العلماء والدعاة
المشهورين في " كوتباتو " في جنوب الفلبين، وهو داعية ومدرس في معهد
كوتواتو الإسلامي، وعين وكيلاً للمعهد قبيل استشهاده، والفقيد رحمه الله تعالى
معروف بمواقفه الإسلامية الصحيحة، وعمله الدؤوب في ميدان الدعوة والتربية
والتدريس.
وقد عرف بالتأكيد أن عملاء المخابرات الفلبينية التابعة للكتيبة رقم (٣٥) في
بلدة (تَبٍيْرا) بمحافظة (ماجيندانا) ، هم الذين قتلوا الشيخ الشهيد رحمه الله بقيادة
ضابط المخابرات المدعو (ميليو كوميلينج) ، وقد أصيب المرحوم بثلاث رصاصات
في رأسه وصدره وذراعه، وتوفي رحمه الله قبل أن يصل إلى المستشفى.
وقد اكتشف أيضاً أن العملاء الذين قتلوه تابعون لشبكة استخبارات، الجيش
الفلبيني التي تعمل في الجنوب الإسلامي، وهي مكلفة بالقيام بما يسمونه (المهمة
القذرة) وتعني هذه العبارة: القيام بقتل العلماء والدعاة والزعماء الإسلاميين إضافة
إلى التزوير وتلفيق الأخبار وإيجاد البلبلة ونشر الفساد والإفساد والفوضى في بلاد
المسلمين.
وعندما علم مدبرو القتل باكتشاف أمرهم هربوا وتركوا المنطقة، وليس هناك
أي سبب دفع المجرمين إلى قتل الشيخ سوى أنه عالم وداعية يقوم بنشر الوعي
الإسلامي، ويدعو إلى إقامة حكم الإسلام وتطبيق الشريعة الإسلامية والتمسك
بالعادات والتقاليد الإسلامية الواردة في الكتاب والسنة.
وقد تظاهر في مدينة " كوتبانو " إثر الحادث ما لا يقل عن عشرة آلاف طالب
وموظف وغيرهم من عامة الشعب المسلم استنكارًا للجريمة البشعة التي لم يكن
الهدف منها قتل الشيخ المذكور فحسب، بل كانت جزءاً من المخططات الفلبينية
لمحاولة القضاء على الإسلام والمسلمين في المنطقة، ونبهوا المسلمين بأن قتل
علمائهم الأبرياء من قبل السلطات الفلبينية ليس إهانة للإسلام والمسلمين فحسب
ولكنه جزء من العمليات المدبرة التي تهدف إلى محو الإسلام في المنطقة، ودعوا
المسلمين إلى مواجهة هذا التحدي. والتهديدات بقتل أو اغتيال العلماء والدعاة
مستمرة حتى الآن، وقد اضطر بعضهم إلى الانتقال إلى أماكن آمنة تاركين بيوتهم
وأموالهم وأراضيهم.
وفي الوقت نفسه قامت بعض العناصر التابعة للقوات المسلحة الفلبينية الجديدة
في الشهر الماضي بإحراق عدد من المعاهد والمدارس الإسلامية في قرى (مغانوي
وأمباتوان، وكيتانجو) بمحافظة (ماجينداناو) وقبل إحراق المعاهد والمدارس هددوا
بقتل المدرسين فيها، علماً بأن الحكومة الفلبينية تتهم المعاهد والمدارس الإسلامية
بتخريج مجاهدين ودعاة يقومون بتغيير الوضع في البلاد وإقامة مجتمع لا يتمشى
مع الدستور الفلبيني ونظامه.
أكينو على خطى ماركوس في حرب المسلمين:
وقد تبين الآن بوضوح أن حكومة أكينو - التي علق عليها بعض المسلمين
داخل الفلبين وخارجها آمالهم بسبب تصريحاتها المغرية بشأن قضية المسلمين
ووعودها بمنح المسلمين حقوقهم -ليست أقل عداء للإسلام والمسلمين من الحكومات
السابقة، وهى تنفذ نفس الخطة المعادية للإسلام والمسلمين ولكن بأسلوب آخر
وبعمليات خفية تحت ستار الشعارات الماكرة والوعود الكاذبة، [ويَمْكُرُونَ ويَمْكُرُ
اللَّهُ واللَّهُ خَيْرُ المَاكِرِينَ] .
وليس هذا بغريب، فإن الرئيسة أكينو تعتمد كل الاعتماد في اتخاذ قراراتها
ووضع سياستها على مستشاريها من القساوسة ورجال الكنائس الفلبينية، إضافة إلى
المخابرات الأمريكية، وصدق الله العظيم إذ يقول: [ولا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى
يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إنِ اسْتَطَاعُوا] ، ولن يستطيعوا ذلك إن شاء الله فإن مجاهدي
جبهة تحرير مورو الإسلامية قد عاهدوا الله تعالى العلي القدير القاهر فوق عباده
على أن يستمروا في جهادهم في سبيل الله لإعلاء كلمته إلى أن يحقق الله لهم
النصر، أو ينالوا الشهادة وشعارهم (النصر أو الشهادة) .