للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نص شعري

لقد طال ليلك أرضَ السلام!

مرْوَان كُجُك

لَقَدْ طَالَ لَيْلُكِ أَرْضَ السَّلامْ ... وَآدَكِ [١] ظُلْمٌ شَدِيدُ الظَّلامْ

وَبِتِّ كَأَنَّكِ بَيْنَ الْبَرَايَا ... تُسَاقِينَ سَوْقَ ذَلِيلِ السَّوَامْ

يَقُودُكِ عِلْجٌ إلَى مُبْتَغَاهُ ... شَحِيحُ الْفِعَالِ سَخِيُّ الْكَلامْ

يُزَوِّرُ كُلَّ صَبَاحٍ مَقَالاً ... بِأَنَّ الْبِلادَ عَلَى مَا يُرَام

فَلا ذُلَّ فِيهَا وَلا فَقْرَ فِيهَا ... وَلا هَمَّ فِيهَا سِوَى أَنْ تَنَامْ

لَقَدْ طَالَ لَيْلُكِ، وَالْمُجْرِمُونَ ... أَحَلُّوكِ سِجْناً وَخِيمَ الرَّغَامْ

وَقَالُوا: هُنَا الْعَيْشُ حتَّى تَمُوتِي ... قَضَى الْقَاضِيَانِ: الْهَوَى وَالْخِصَامْ

بُعِثْنَا لِنَهْدِمَ كُلَّ المَعَالِي ... وَعِثْنَا فَسَاداً بِكُلِّ نِظَامْ

فَنَحْنُ الْعَدُوُّ وَنَحْنُ الصَّدِيقُ ... وَنَحْنُ الْعِرَاكُ وَنَحْنُ الْوِئَامْ

سَطَوْنَا عَلَى الدَّارِ وَالنَّاسُ فِيهَا ... فُرَادَى سُكَارَى الْفُؤَادِ نِيَامْ

فَلَمْ نَلْقَ حَرْباً وَلَمْ نَلْقَ إلاَّ ... رُؤُوساً تُجِيدُ فُنُونَ الْكَلامْ

لَهَا صَوْلَجَانُ الْحُرُوفِ الْمُقَفَّى ... وَنَثْرُ تَخَارِيفِ أَهْلِ الْمَنَامْ

تَبِيتُ وَفِي مُقْلَتَيْهَا بَرِيقٌ ... وَتُصْبِحُ غَارِقَةً فِي الظَّلامْ

تَعِيشُ عَلَى ذِكْرَيَاتِ الْجُدُودِ ... وَتَهْدِمُ مَجْداً رَفِيعَ الْمَقَامْ

وَتَحْيَا عَلَى قَوْلِ: نَحْنُ الأُبَاةُ ... وَتَأْبَى مَسِيرَةَ قَوْمٍ كِرَامْ

وَتَجْتَرُّ فِي النَّاسِ: كُنَّا وَكُنَّا، ... وَتُسْلِمُ مُهْجَتَهَا وَالْخِطَامْ

وَتُعْطِي الزِّمَامَ لِفَسْلٍ ذَمِيمٍ ... سَلِيلِ بُغَاةٍ حَفِيدِ لِئَامْ

بِهِ الْغِلُّ يَأْوِي سَعِيداً وَلُوداً ... قَوِيَّ الْمِرَاسِ شَدِيدَ الضِّرَامْ

يَذُرُّ الرَّمَادَ بِعَيْنِ الْحَسُودِ ... وَيَسْحَرُ لُبَّ الْفَتَى الْمُسْتَهَامْ

وَيَكْتُبُ بِالسَّيْفِ عَدْلاً عَمِيماً ... وَيَمْلأُ أَعْيُنَنَا بِالسِّهَامْ

لَنَا مِنْهُ كُلَّ صَبَاحٍ وُعُودٌ ... تُقِيتُ الظُّنُونَ، تُحَاكِي الْغَمَامْ:

سَنَجْعَلُ أَرْضَ السَّلامِ مُرُوجاً ... حَدَائِقَ غُلْباً، وَجَيْشاً عُرَامْ

يَكِيدُ الْعَدُوَّ وَيَحْمِي الْبِلادَ ... مِنَ الذُّلِ وَالْقَهْرِ وَالإنْقِسَامْ [٢]

وَيَبْنِي صُرُوحَ الْحَيَاةِ بُرُوجاً ... وَيَعْدِلُ فِي الْخَلْقِ حَاماً وَسَامْ

لَكِ الله يَا شَامَةً فِي الدِّيَارِ ... وَإنْ طَالَ لَيْلٌ وَسَادَ طَغَامْ

وَلَوْ كَبَّلُوك بِكُلِّ الصُّكُوكِ ... وَظَنُّوا الأُمُورَ انْتَهَتْ لِلْخِتَامْ

فَعُودِي لِرَبِّكِ وَاسْتَرْشِدِيهِ ... وَظَلِّي عَلَى الْعَهْدِ حَتَّى التَّمَامْ

فَمَهْمَا يَجُرْ فِيكِ مِنْ مُسْتَبِدٍّ ... وَيَجْعَلْ حُصُونَ الْهُدَى كَالْحُطَامْ

فَلَيْسَ لِحُكْمِ الدَّعِيِّ بَقَاءٌ ... وَلَيْسَ لِعَهْدِ الشَّقَاءِ دَوَامْ

وَسَوْفَ نُمَزِّقُ سِتْرَ اللَّيَالِي ... وَنَبْعَثُ فِي الأَرْضِ رُوحَ السَّلامْ


(١) أي: أجهدك وشقَّ عليك.
(٢) الانقسام: مصدر خماسي، وهمزته همزة وصل؛ إلا أنها قطعت لضرورة الشعر.