ملفات
(القبور والأضرحة دراسة وتقويم)
فاتحة الملف
حمَّى الخرافة
يعد هذا العصر عصر التقنية والانفجار العلمي والمعرفي؛ فقد تقدمت فيه
العلوم والصناعات تقدماً مذهلاً، وأصبحت الدول الصناعية تتبارى في الاختراع
والابتكار.. ومع ذلك كله فهذا العصر نفسه لم يخل من الخرافة والدجل، كما انتشر
فيه الإلحاد والضلال انتشاراَ واسعاً؛ فالشرك بشتى صوره يضرب بأطنابه في
أنحاء المعمورة؛ حيث تسيطر البوذية على عقول الناس في اليابان والصين وكوريا، والهندوسية وجدت لها في القارة الهندية مرعى خصيباً، بينما تستوطن الديانات
الوثنية أدغال أفريقيا وأمريكا الوسطى واللاتينية منذ زمن بعيد، وفي أمريكا
وأوروبا عادت المعتقدات الشركية الصريحة كعبادة الشيطان ونحوها، لتنتشر من
جديد، إضافة إلى رواج الكهانة والسحر والشعوذة بين أبناء الحضارة المادية
المعاصرة بصورة لافتة للأنظار وهذا ليس بغريب؛ لأن الدين النصراني نفسه لم
يسلم من المعتقدات الوثنية عندما انحرف به أتباعه عن الدين الصحيح؛ حيث
أصبحت الكنيسة رمزاً من رموز الشرك والخرافة.. هذا فضلاً عن الإلحاد المطلق
الذي يسيطر عملياً على العقل الغربي المعاصر.
ومع الأسف الشديد فإن بعض العقائد الوثنية والخرافية تسللت إلى فئام من أمة
الإسلام؛ فانتشرت بينهم البدع والضلالات، وشابتهم شوائب - الجهالة، حتى
قدسوا القبور والأضرحة، وتعلقوا بالموتى، ولجؤوا إلى السحرة والعرافين.. كل
ذلك في غفلة من بعض العلماء وعجز من بعض الدعاة، نسأل الله السلامة.
ولأننا نرى أن هذا الداء هو أحد الأدواء الخطيرة التي أصابت الأمة، والتي
يجب أن يوليها الدعاة والمصلحون أولى اهتمامهم، ولأن توحيد العبادة لله - تعالى- وحده لا شريك من أولى أولويات الدين، فيسرنا في هذا العدد من البيان والعدد
الذي يليه - إن شاء الله تعالى - أن ننشر ملفاً خاصاً عن (القبور والأضرحة -
دراسة وتقويم) .. نرجو أن يجد فيه القارئ الكريم مادة علمية جادة تعين على
معالجة هذه الظاهرة بنهج علمي وبموضوعية.
والله من وراء القصد،،