الجزائر في الصحافة العربية
الجزائر في هذه الأيام هي محط الأنظار، وحديث الصحافة - الصحافة
الغربية والصحافة العربية - وكلٌّ ينظر من زاويته التي يريدها، وقد نقلنا في العدد
الماضي ما تقوله الصحافة الغربية، وأما الصحافة العربية التي تحمل أخلاطاً من
القومية والعلمانية فهي تتكلم عن الجزائر بعين الإشفاق ظاهرياً، بينما هي تحرض
وتلمز من التيار الإسلامي وتخاف على هذا البلد من (الأصوليين) .
(فالوطن العربي) في عددها (١٦٣) بتاريخ ٢٧/٤/١٩٩٠ تعنون لمقالها: (الجزائر في الطريق نحو المجهول) ، (الجيش سيتدخل لإحباط الدكتاتورية باسم
الدين) ! ! إلى آخر هذا التهويل والتحريض، والعجيب أن هؤلاء القوميين يقولون: نحن نؤمن بالديمقراطية والحرية، ويعتذرون عن الأخطاء السابقة (أخطاء مصر عبد الناصر لضرب الإسلام) فإذا أتيحت الحرية للشعب واختار الإسلام يقولون: هذه دكتاتورية، وفي أسلوب لا يليق تحاول المجلة الغمز من التيار الإسلامي بأنه استغل الجفاف في الجزائر وعلم من الأرصاد الجوية موعد سقوط الأمطار فذهب ليصلي صلاة الاستسقاء! ! [الوطن العربي ٧/٤/١٩٩٠] وقد بلغ الغضب منتهاه عند رئيس التحرير عندما كتب في العدد (١٦٥) بتاريخ١١/٥ / ١٩٩٠: (من الأردن إلى مصر إلى الجزائر، والسلف الصالح برئ من هذه السلفية) .
ولا ندري ماذا فعل له مسلمو الجزائر عندما يصورهم بأنهم (يخربون
أساسات التنمية العربية) ؟ ، هل الشباب المسلم - الذي يحمل شتى الاختصاصات
العلمية ومستعد لبذل علمه في سبيل بناء بلاده - هو الذي يخرب؟ أم الدكتاتورية
التى يتباكى عليها رئيس التحرير (دكتاتورية عبد الناصر وبو مدين) ، وهذا الأخير
هو الذي خرب الزراعة في الجزائر بحجة التصنيع، فأصبحت الجزائر الواسعة
الكبيرة لا يستطيع الإنسان أن يزرع فيها وينتج لقمة عيشه.
وبالأسلوب نفسه تتكلم مجلة (اليوم السابع) فتكتب بتاريخ ٣٠/٤/١٩٩٠: (السلطة تتراجع أمام الأصوليين) وتنقل رأي جبهة التحرير بأن الأصوليين استغلوا
المساجد لأغراض حزبية وأن ممارساتهم (المنافية للقانون) قد كثرت! ! وطبعاً
بمنطقهم العلماني يريدون من المساجد أن تكون كالكنائس لا يُبحث فيها أمر
المسلمين، ونلاحظ أنه في كلتا المجلتين يشم رائحة استعداء السلطة على
الإسلاميين وتحذيرها من ازدياد حجمهم.
وإذا كان هذا رأي الصحف التى تحقد على التيار الإسلامي فإن المسلمين
ينظرون بعين الحب والإشفاق على الجزائر من مكر أعداء الإسلام، ولمنع المد
الإسلامى أو إحباطه بشكل من الأشكال، ويرون أن تفويت الفرصة على أمثال
هؤلاء هو باتحاد الكلمة ووضوح الهدف ودراسة كل خطوة دراسة جادة شرعية،
تعلم الواقع وتعلم تحرك مَن لا يحبون الإسلام، وإنها فرصة كى يثبت الإسلاميون
أنهم على وعي بواقعهم، وأنهم على مستوى الأحداث.