من ينقذ السودان؟
بالإضافة إلى ما عاناه السودان من الصعوبات المتواصلة، وما يلاقيه من
مختلف المعوقات التي تعوق نموه وتقدمه - فإن كارثة الفيضانات الأخيرة جاءت
لتضيف عبئاً جديداً على كاهل هذا البلد العربي المسلم.
وهكذا أضيفت إلى ما سبقها من الحكم الديكتاتوري، والجفاف الطويل،
والحرب الأهلية ائتي تغذيها القوى الخارجية التي لا يسرها هدوء العرب، ولا
استقرار المسلمين.
فقد داهمت السيول والأمطار السودان فشردت عشرات الآلاف من السكان
وجعلت نهر النيل يفيض ليغرق المساكن والمدخرات، ويدمر المحاصيل الزراعية
ويشل حركة معظم البلد تقريباً.
إن ما يزيد المأساة هو أن هذا الطوفان أضاف إلى معاناة الأعداد الكبيرة من
السكان الذين يسكنون في ضواحي المدن في بيوت متواضعة، وفي أحوال يصعب
وصفها، وأكثرهم من اللاجئين الهاربين من مسرح الحرب الأهلية الدائرة والتي
يشب نارها الصليبيون والذين يدعمونهم من أعداء السودان الخارجيين.
والدروس المستفادة من هذه الكارثة كثيرة منها:
١- إن مساعدات العالم الغني لم تكن كما هو منتظر، وهذا واضح من
اعترافات المسؤولين السودانيين، ومن مقارنة المعونات التي قدمتها هذه الدول بما
قدمته بعض الدول العربية والإسلامية. مع أن هذه الدول الغنية عليها التزام أدبي
بمساعدة الدول الفقيرة أو التي تتعرض للكوارث التي لا يد لها فيها، وهذا يوضح
انحياز هذه الدول وضعف أخلاقياتها.
٢- لقد انتهزت هذه الدول الغنية (الأوربية والأمريكية) هذه المناسبة لتكيل
(عبر مراسليها الصحفيين وإرسالياتها التنصيرية) التهم جزافاً للحكومة السودانية،
وتصفها بالقصور والتمييز في توزيع مواد الإغاثة وقبل وصول هذه المواد أحياناً،
ولم توجه كلمة لوم واحدة للمتمردين وقطاع الطرق الذين يقودهم (جون قرنق)
ونحن نتساءل: تُرى لو كانت الأدوار متبادلة، وقرنق هو الحاكم الشرعي للسودان
ومن اتهمتهم هم المتمردون أين ستميل عواطفها الإنسانية؟ !
٣- يجب على الدول العربية والإسلامية أن تعتمد على نفسها، وتتكافل من
أجل مساعدة بعضها بعضاً، فليس هناك بلد معصوم من الكوارث، وغير معرض
للجوائح والمصائب الجماعية، لعل في ذلك ما يساعد على جمع الشمل، والتنبه
إلى العمل بروح جماعية بين الدول العربية، وتكون للكوارث والمصائب حكمة
وفائدة كما قال الشاعر:
" إن المصائب يجمعن المصابينا "
٤- أن بلداً كالسودان كان ينبغي أن يحسب حساباً لهذه الفيضانات التي وإن
كانت مدمرة في قوتها وغزارتها - لكنها لها سابقة في تاريخ هذا البلد، وعلى هذا
فإن من أشد الضروريات أخذ الاحتياطات اللازمة، وتقديم المعلومات للسكان
القريبين من المناطق المعرضة لذلك أكثر من غيرها، هذا على الأقل، إذا لم يكن
بالإمكان وضع حل يخفف من الآثار المدمرة لهذه الفيضانات.