كلمة صغيرة
[تحد جديد!]
في بداية أحداث الحرب الأمريكية على أفغانستان أعلنت وزارة الدفاع
الأمريكية عن تأسيس مكتب (التضليل الإعلامي) الذي يهدف إلى تزويد القنوات
الإخبارية ووكالات الأنباء العالمية بمعلومات إخبارية مغلوطة وموجهة لخدمة
المصالح الأمريكية؛ ساخرة بكل الشعوب، ومستفزة لكل المتشدقين بالديمقراطية
والحرية الإعلامية.
وقد عدَّ أحد المسؤولين في وزارة الخارجية الأمريكية إعلان وزارة الدفاع عن
هذا المكتب حماقة سياسية تضعف من التأثير الأمريكي على الرأي العام العالمي،
مؤكداً أنها تستطيع أن تفعل ما تشاء دون أن تعلن عن كل شيء، وبعد أيام ألغي
المكتب فيما زعموا..!!
ثم ها هي ذي الولايات المتحدة الأمريكية إمعاناً منها في الغزو الإعلامي تبدأ
بث قناة إذاعية باللغة العربية (إذاعة سوا) ، رصد لها (٣٠ مليون) دولار لمدة
ستة أشهر، وتهدف إلى تحسين صورتها عند العرب، وردم الهوة الثقافية مع
صغار السن في الشرق الأوسط، كما جاء على لسان (نورمان بايتتز) صاحب
فكرة إنشاء القناة.
وقد أدلت نائبة وزير الخارجية الأمريكي (شارلوت بيرز) التي تتولى مهمة
الترويج للولايات المتحدة الأمريكية في الخارج بإفادة أمام لجنة العلاقات الخارجية
في مجلس الشيوخ الأمريكي، قالت فيها: إن الإذاعة حققت نجاحاً، وإن على
الولايات المتحدة أن تفكر في بث تلفزيوني للشرق الأوسط عبر الأقمار الصناعية.
كما أدلى (نورمان بايتتز) بإفادة أمام اللجنة واصفاً المعلومات التي تلقاها عن تأثير
إذاعة (سوا) بأنها مدهشة..!!
وندرك يقيناً بأنه لن تجدي المساحيق وعمليات التجميل في إخفاء معالم الوجه
الأمريكي القبيح الذي نضحت بُثُوره بالفساد؛ ومع ذلك فإن الخبرات الأمريكية في
غسيل الأدمغة، وتزييف الحقائق ربما تجد طريقها عند بعض الجهلة والسذج؛
خاصة أن الإذاعة ركزت في خطابها وطريقة عرضها وإيقاعها على صغار السن
من الشباب!
إن هذا الاختراق الجديد لوعي الأمة يجعلنا نؤكد مرات عديدة دور الدعاة
والخطباء والمصلحين ومختلف وسائل الإعلام الإسلامية في إحياء الوعي وتوضيح
واقع الأمة، وخطورة التحديات التي تواجهها. قال الله تعالى: [وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ
المُجْرِمِينَ] (الأنعام: ٥٥) .
ولئن كان الإعلام هو الأداة الرئيسة في صناعة الرأي، وتشكيل الأخلاق
الفكرية والاجتماعية؛ فإن تقصير الإسلاميين في تملك أدواته وتعلم فنونه جعل
تأثيرهم ينحسر، ويختزل في شرائح محدودة من المجتمع.
إننا أمام تحد كبير يوجب علينا أن ننهض إلى مستوى المسؤولية، ونفكر
بطريقة أكثر حيوية، ونسخر كل طاقاتنا في تبصير الأمة ومواجهة أعدائها،
وفضح إسفافهم وفجورهم الإعلامي؛ فهذا العصر عصر الأقوياء، ولا مكان فيه
للضعفة المتواكلين..!!
[وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ] (آل عمران:
١٣٩) .